«منظمة حظر الأسلحة الكيميائية»: النظام السوري استخدم السلاح الكيميائي في ريف إدلب في 2018

 أصدر فريق التحقيق الدولي لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أمس الاثنين، تقريره الثاني الذي اعتمد على معايير قانونية هي الأعلى في العالم، من أجل تحديد المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، حيث قررت بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة (FFM) أن نتائج التحقيق خلصت إلى تجريم النظام السوري باستهداف مدينة في ريف إدلب شمال غربي سوريا، مما يفتح الباب أمام مجلس الامن لاستثمار هذا التقرير قانونياً وسياسياً واقتصادياً لمحاسبة النظام السوري.
فريق التحقيق وتحديد المسؤولية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، اتهم النظام السوري وفق تقريره بالهجوم الكيميائي الذي وقع على مدينة سراقب في 4/شباط/فبراير 2018، وقال إن مروحية هليكوبتر تابعة للقوات الجوية للنظام السوري، وتحت قيادة قوات النمر قصفت مساحة كبيرة بمدينة سراقب، بأسطوانة غاز كيميائي واحدة على الأقل، تحمل مادة الكلور، مما أثر على 12 شخصاً.

«محكمة خاصة»

واستند التحقيق والتحليل الذي أجراه الفريق، إلى معلومات ومقابلات مع شهود على الحادثة وتحليل العينات والمخلفات التي تم جمعها من الموقع، ومراجعة الأعراض التي أبلغ عنها الضحايا والطواقم الطبية التي قامت بتقديم الرعاية الطبية للمصابين بمن فيهم الدفاع المدني السوري، فضلًا عن فحص الصور، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية، واستشارات مكثفة للخبراء.

هليكوبتر تحت قيادة «النمر» قصفت بالكلور مدينة سراقب

واعتمد التحقيق على تقرير بعثة تقصي الحقائق، والعينات ومواد أخرى حصلت عليها الأمانة الفنية، فضلاً عن تحليل طبوغرافي للمنطقة المعنية ونمذجة تشتت الغاز لتأكيد روايات الشهود والضحايا يوم 4 شباط / فبراير 2018.
وشارك التحقيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إلى جانب منظمة الدفاع المدني السوري، ومركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، و»هيومان رايتس ووتش» ومصادر أخرى.
مدير الشبكة السورية لحقوق الانسان، فضل عبد الغني، وصف التقرير الصادر عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأنه «قانوني وحقوقي وبمعايير هي الأعلى في العالم» ويمكن استخدامه مع جميع الأدلة التي معه، ببناء قضية متماسكة ضد النظام السوري الذي استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري.
وأبدى عبد الغني اعتقاده في حديث مع «القدس العربي» بأنه يمكن استثمار هذا التقرير لمحاسبة النظام السوري وتوجيه ضربات عسكرية واقتصادية مكثفة عبر مجلس الأمن.
وقال «إذا كان هناك محكمة خاصة، ضد النظام السوري لاستخدام أسلحة من هذا النوع أو محكمة ضمن المتاح حالياً، أي ضمن اختصاص القضاء العالمي أو إذا أنشئ لاحقاً محكمة خاصة لسوريا، فهذا التقرير بما يمتلك من الأدلة ما لا يمتلكه غيره من المنظمات، فيمكن استثمار هذا التقرير، ليس فقط من الجانب القانوني، والذي يمكن أن يستغرق وقتاً، بل من الجانب السياسي ومن جانب محاسبة النظام، عبر مجلس الأمن عسكرياً واقتصادياً تحت الفصل السابع وتوجيه ضربات للنظام، وهو ما نطمح له بشكل عاجل، بعد إدانة النظام السوري».
وأضاف «مجلس الأمن لم يتدخل بعد التقرير الأول، واذا لم يتدخل الآن، يجب على دول العالم خارج مجلس الأمن، أن تبني على هذين التقريرين لحماية المدنيين السوريين من أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها النظام السوري».
وحول الخطوة اللاحقة، قال عبد الغني «نطمح أن تحيل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هذا التقرير، إلى مجلس الأمن وإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتطالب بمحكمة خاصة، وتطالب أيضاً بأن تتكاتف جميع الدول الأعضاء لمعاقبة النظام السوري».
وأدى الهجوم الكيميائي على سراقب إلى إصابة 12 شخصاً، ما استدعى فتح تحقيق أممي في «جرائم الحرب» وسط اتهامات متبادلة بين روسيا والولايات المتحدة حول المسؤول عنها.
مدير فريق الدفاع المدني السوري رائد صالح وصف في حديث مع «القدس العربي» التقرير الصادر عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والذي أكد مسؤولية نظام الأسد عن استخدام الأسلحة الكيميائية في مدينة سراقب، بأنه «خطوة مهمة جداً وتقرير مهم يضاف إلى تقارير سابقة أثبتت استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائي في خان شيخون وسراقب».

«انكشاف تحالف الشر»

وبالرغم من أهمية التقرير باعتباره خطوة في الاتجاه الصحيح لتحديد المسؤولين عن الهجمات الكيميائية، إلا أن المتحدث اعتبره «غير كافٍ ولا بد من محاسبة نظام الأسد على خرقه لاتفاق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وعلى استخدام السلاح الكيميائي، وذلك يحتاج لآلية واضحة جادة وسريعة، حتى يعلم نظام الأسد أنه لن يفلت من المحاسبة على استخدامه هذا السلاح».
وقال، إن الدفاع المدني السوري وبصفته مستجيباً لهذه الهجمة الكيميائية وكان متطوعوه ضحايا أيضاً خلال استجابتهم لهذه الهجمة، ينتظر بفارغ الصبر أن يرى المجرمين الذين استخدموا هذا السلاح يخضعون لعدالة دولية تنصف الضحايا وتكون رادعاً أمام أي جهة قد تفكر مستقبلاً في استخدام هذا السلاح.
في غضون ذلك، أصدر فريق الخوذ البيضاء في سوريا، بياناً حول التقرير الحقوقي، أكد خلاله أن فرق الدفاع المدني السوري استجابت «للهجوم الذي يتحدث عنه تقرير المنظمة، إذ قامت طائرات مروحية تابعة لنظام الأسد بقصف الحي الشرقي لمدينة سراقب بأسطوانتين محملتين بغاز الكلورين السام ما أدى إلى إصابة عدة أشخاص بالإضافة لإصابة متطوعين من الدفاع المدني السوري أثناء الاستجابة الأولية».
وقال البيان «لقد بات انكشاف التحالف الروسي مع نظام الأسد واضحاً في إخفاء الأدلة وطمس الحقائق، بعد أن أصرَّت روسيا خلال سنوات على الدفاع عنه وعن جرائمه التي يرتكبها بحق السوريين، وتقديم الغطاء السياسي له والتشويش على عمل فريق اللجان الأممية، لكنهم فشلوا بتغيير الحقائق من خلال سيناريوهات وادعاءات كاذبة أمام الحقيقة الدامغة المثبتة على أرض الواقع ومن جهات حيادية دولية».
ويستمد التقرير أهميته من تزامنه مع تأكيدات الأمم المتحدة لوجود ثغرات وتناقضات يقدمها نظام الأسد تحول دون اعتبار إعلانه حول برنامج الأسلحة الكيميائية دقيقاً وكاملاً، وذلك بعد أن قدم فريق تقييم إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (DAT) معلومات تشير إلى أن إنتاج أو التسليح بمواد الأعصاب المستخدمة في الحرب الكيميائية قد تم بعد عام 2014 في منشأة تابعة لنظام الأسد.
ويتألف فريق التحقيق الدولي IIT من محققين متعددي التخصصات، ذوي الخبرة والتحليل والاستشارة القانونية الذي يترأسه منسق. ويعمل تحت سلطة المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وتقدم الأمانة الفنية تقارير منتظمة عن تحقيقاتها إلى المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمين العام للأمم المتحدة للنظر فيها.
كما تشرف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بدولها الأعضاء البالغ عددها 193، على المسعى العالمي لإزالة الأسلحة الكيميائية بشكل دائم. ومنذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 1997، تعد أنجح معاهدة لنزع السلاح تقضي على فئة كاملة من أسلحة الدمار الشامل.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.