رسالة إيرانية «صاروخية» من منصة دمشق على «ديمونة» تعلن مرحلة جديدة من الحرب مع إسرائيل

في موجة تصعيد جديدة في المنطقة، قتل ضابط من قوات النظام السوري وأصيب آخرون جرّاء قصف إسرائيلي بنحو 11 غارة على الأقل، فجر الخميس على قاعدة للدفاع الجوي في منطقة الضمير شرقي مطار دمشق الدولي، بينما قالت وكالة «سانا» التابعة للنظام السوري، إن وسائط الدفاع الجوي تصدت لقصف إسرائيلي بالصواريخ على منطقة الضمير، وذكرت مصادر تابعة للاحتلال أن الغارات أتت رداً على سقوط صاروخ «أرض – جو» (أرض – أرض حسب الرواية الإيرانية) في محيط مفاعل ديمونة النووي في النقب في فلسطين المحتلة وتزامن ذلك مع اطلاق صفارات الإنذار.
وقال مصدر عسكري للوكالة: «حوالي الساعة 1.38 من فجر أمس، نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من الجولان السوري المحتل مستهدفاً بعض النقاط في محيط دمشق، وقد تصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت معظمها، كما أدى العدوان إلى جرح أربعة جنود ووقوع بعض الخسائر المادية».
وبخصوص الصاروخ الذي سقط بالقرب من ديمونة نشر التلفزيون الرسمي للنظام السوري على صفحته في موقع «فيسبوك» مقطع فيديو قال فيه إنه «يوثق صوت الانفجار القوي الذي هزّ المنطقة قبل قليل وسمع صوته في مختلف أرجاء القدس المحتلة».
المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي وصف «الضربة الصاروخية السورية» في منطقة النقب بالطائشة وقال إنه «لا توجد إصابات أو أضرار نتيجة الضربة الصاروخية السورية الطائشة في جنوب إسرائيل»، مضيفاً أن «الصاروخ السوري الطائش لم يصب مفاعل ديمونة ولم يقترب حتى منه». وقال أفيخاي أدرعي، إن «قوات جيش الدفاع الإسرائيلي رصدت إطلاق صاروخ أرض-جو من داخل سوريا باتجاه الأراضي الإسرائيلية سقط في منطقة النقب». واكد جيش الاحتلال أن صاروخاً أطلق من سوريا سقط في صحراء النقب، وقالت وسائل إعلام محلية إنه سقط قرب مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي.

هل الصاروخ يستهدف عمداً مفاعل ديمونة؟

قوات الاحتلال ترد بـ11 غارة على قواعد للدفاع الجوي شرق مطار دمشق تقتل ضابطاً سورياً وتصيب آخرين

سقوط الصاروخ قرب مفاعل ديمونة الذي يعتبر حجر الزاوية في برنامج أسلحة إسرائيل النووية، والرد بصاروخ أطلق من سوريا إلى جنوبي النقب والذي وصفته إسرائيل بالطائش، أثار موجة من الشكوك بالرواية الإسرائيلية، إذ يميل مراقبون إلى أن سقوط الصاروخ في منطقة النقب، حيث يقع المفاعل النووي الإسرائيلي ديمونة، قد تكون إيران خلفه، في مؤشر على أن الصراع الإيراني – الإسرائيلي والذي يتخذ من الأراضي السورية قاعدة أساسية له، قد وصل الآن إلى درجة جديدة.

«العين بالعين»

وبالرغم من أن إيران لم تعلق رسمياً على الضربة، فإن وسائل إعلام إيرانية، اعتبرت أن استهداف منطقة بالقرب من مفاعل ديمونة النووي عبارة عن رسالة لإسرائيل بأن مناطقها الحساسة «ليست محصنة». وأشارت إلى أنه «كان بإمكان الصاروخ أن يتابع طريقه إلى مفاعل ديمونة الإسرائيلي لكن صناعة كارثة الآن ليس مطلوباً»، حسب قولها. كما شككت وسائل الإعلام الإيرانية بالرواية الإسرائيلية بشأن الصاروخ الذي سقط قرب مفاعل ديمونة، مضيفة أنها تحتوي «ثغرات واضحة».
وقالت إن المعلومات تفيد بأن الصاروخ الذي سقط هو صاروخ أرض – أرض وليس أرض – جو. مبينة أن المعلومات تفيد بأن الصاروخ من نوع فاتح 110 قادر على حمل رؤوس متفجرة.
مسؤول في الحرس الثوري الإيراني، عقب الخميس، على انفجار صاروخ قرب مفاعل ديمونة الإسرائيلي في النقب أمس، بالقول إنه من يقوم بأعمال «شريرة» عليه أن يتوقع انقلابها عليه. وأشار معاون شؤون التنسيق في الحرس الثوري الإيراني محمد رضا نقدي إلى أن «إسرائيل حاولت التغطية على ما حدث لكن الانفجارات كانت واضحة للجميع». وأضاف في تصريحات للتلفزيون الرسمي «الإسرائيليون سعوا إلى التغطية على الأحداث التي وقعت أمس، لكن الجميع شاهد ما حدث»، مضيفاً «من يقوم بأعمال شريرة عليه ألا يتوقع عدم عودة هذه الشرور ضده. لا يمكن إخفاء ما حدث وصوت الانفجارات سمعها وشاهدها مئات الآلاف في فلسطين المحتلة».
كما ذكرت وكالة القدس للأنباء الإيرانية، الخميس أن إيران التي تحتفظ بقوات ووكلاء في سوريا، اتهمت «إسرائيل» بسلسلة من الهجمات على منشآتها النووية، بما في ذلك التخريب في منشأة نطنز النووية في 11 نيسان/أبريل، وتعهدت بالانتقام، لذا فإن استهداف مواقع قرب ديمونة التي تقع على بعد حوالي 300 كيلومتر جنوب دمشق، كانت رسالة لا سيما أنها منطقة بعيدة المدى بالنسبة لصاروخ أرض – جو يتم إطلاقه بشكل خاطئ.
وكانت صحيفة «كيهان» الإيرانية نشرت قبل أيام، مقال رأي للمحلل الإيراني سعد الله زرعي يشير إلى استهداف منشأة ديمونة «الإسرائيلية» بعد الهجوم على نطنز. واستشهد الزرعي في تصريحاته بمقولة «العين بالعين».
الخبير بالعلاقات السياسية الدولية من جامعة باريس، والمحلل سياسي خطار أبو دياب، اعتبر أن التطور الأخير يشير إلى أن ما جرى هو خطة معدة سابقاً، ما يعني أن الصراع الإيراني – الإسرائيلي والذي يستخدم الساحة السورية لتمرير الرسائل، قد وصل إلى مرحلة خطيرة.
وقال أبو دياب: منذ عام 2013 تستخدم الساحة السورية لتمرير الرسائل، وتستهدف إسرائيل الوجود الإيراني العسكري هناك، وأيضاً شحنات السلاح لحزب الله اللبناني، ومن ناحية أخرى الحرب العلنية والخفية المستمرة بين إيران وإسرائيل حيث أن البرنامج النووي الإيراني والبرنامج الصاروخي الإيراني، تعرضا لهجمات منذ 2010 وحصلت حرب بحرية بين الطرفين، وفي آخر التطورات تأكد على الأقل مقتل أحد قادة الحرس الثوري الإيراني بالقرب من دمشق، بعد إصابته بجروح، كما بقيت وفاة نائب فيلق قائد القدس محمد حجازي غامضة ما يطرح شكوكا حول كيفية حصولها، وما قبل التطور الأخير، حصلت أيضاً عمليات معينة في ضواحي دمشق، وكل ذلك بعد الهجمة الإسرائيلية الأخيرة على نطنز. وبرأي الخبير فإن هذا الصاروخ الذي أطلق ليس بالضرورة موجهاً نحو مفاعل ديمونة، ولكن، كانت رسالة إيرانية بالفعل لأنه انفجر ليس بعيداً عنه.
الصراع الإيراني – الإسرائيلي والذي يتخذ من الأراضي السورية قاعدة أساسية له، يصل الآن إلى درجة جديدة، متصلة أيضاً بمباحثات فيينا ووجود إدارة بادين ومتصلة بإعادة تركيب هذه المنطقة من العالم، ولكنه يشير وفق ما يقول د. أبو دياب، أيضاً إلى أن مسائل الردع والردع المضاد بين الطرفين ليست متوازنة، «إذا قيمنا كل ما فلعته إسرائيل منذ 2010 إلى اليوم، مع ردود الأفعال الإيرانية، يمكننا القول بأن ردود الفعل الإيرانية كانت متواضعة وتحاول تفادي المواجهة المباشرة».

سوريا منصة صواريخ إيرانية

وأكد المتحدث أنه لا يمكن القول بأي حال إنه رد سوري، بل تصرف إيراني على الأراضي السورية وكأن إيران هي التي تملك القرار وأميل إلى الرواية الإيرانية بأنه ردة فعل إيرانية على الهجوم على نطنز.
في غضون ذلك، ذكرت وكالة رويترز عن مصادر مخابرات غربية وإقليمية، أن إسرائيل وسّعت بشدة ضرباتها الجوية على ما تشتبه بأنها مواقع إيرانية لإنتاج الصواريخ والأسلحة في سوريا لصد ما ترى أنه تمدد عسكري مستتر من جانب إيران.
وقالت مصادر في أجهزة مخابرات إسرائيلية وغربية ومنشقون سوريون إن إيران تعمل على الاستفادة من تحالفها القديم مع نظام الأسد بنقل عناصر من صناعة الصواريخ والأسلحة المتقدمة لديها إلى مجمعات أقيمت مسبقاً تحت الأرض وذلك لتطوير ترسانة أسلحة متطورة يصل مداها إلى المستوطنات الإسرائيلية.
وعن أهمية الصاروخ في هذا التوقيت، اعتبر المتخصص بالشأن الإيراني «عبد الرحمن عمر، أن توقيت الاستهداف يشير إلى أن الصاروخ أطلق بشكل متعمد، وليس كما تقول إسرائيل أن الصاروخ «طائش» وهو من نوع أرض-جو، بل من نوع أرض-أرض، مرجحا بذلك الرواية غير الرسمية لوسائل الإعلام الإيرانية.
وأضاف عمر الذي يدير الملف الإيراني لدى موقع «إيران إنسايدر»، في تصريحات صحافية، أن إيران أرادت إرسال رسالة لإسرائيل بعد عدة ضربات موجعة تلقتها طهران في أكثر من مكان خلال الفترة الماضية، فمن الغارات التي تستهدف مواقعها في سوريا، إلى ضرب سفنها في عرض البحر المتوسط، إلى استهداف سفينة ساويز بالبحر الأحمر وهي تابعة للحرس الثوري الإيراني، إلى ضرب قلب المشروع النووي الإيراني في منشأة نطنز النووية في أصفهان، واغتيال كل من محسن فخري زادة في قلب طهران وهو العقل المدبر للبرنامج النووي الإيراني، إلى استهداف نائب قائد فيلق القدس اللواء محمد حجازي قبل أيام، وهو صاحب اليد الطولى في الملف اللبناني ودعم حزب الله بترسانة الصواريخ.
وقال إن حرب الظل بين طهران وتل أبيب متواصلة خاصة مع حديث موقع أكسيوس الأمريكي عن خلافات إسرائيلية أمريكية بخصوص عودة واشنطن للاتفاق النووي، وهو الأمر الذي يزعج إسرائيل بشدة وكذلك يعتبر بمثابة انتصار لطهران التي أنهكتها العقوبات الأمريكية.
واعتبر أن إطلاق إيران للصاروخ يؤكد على أن فيلق القدس حول سوريا إلى منصة لإطلاق صواريخها باتجاه إسرائيل بعد أن انتهت من تحويل غزة ولبنان وصنعاء لمنصات إطلاق صواريخ، والمنطقة التي أطلق منها الصاروخ في الضمير بريف دمشق تضم قواعد عسكرية عدة، ومستودعات صواريخ أرض-أرض ومطارا عسكريا للنظام السوري، مضيفا أن منطقة الضمير تضم منصات إطلاق صواريخ أرض ـ أرض بعيدة المدى، استخدمها النظام مرات عدة في ضرب مناطق في شمال سوريا. كما تحتوي منطقة الضمير – نحو 60 كيلومتراً شرق دمشق – على مستودعات ضخمة من الأسلحة.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.