«حظر الأسلحة الكيميائية» تجرد النظام السوري من حقوقه وامتيازاته في المنظمة

كإجراء يشي بالتخلي عن الدبلوماسية التي كانت متبعة مع النظام السوري، وتوجيه صفعة سياسية للنظامين السوري والروسي، جرّدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية النظام السوري من امتيازاته كعضو في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، في إجراء اعتبره البعض شكلياً بينما عدّه آخرون أن ما بعد القرار سيختلف تماماً عما قبله في التعامل مع النظام. جرى ذلك بعد مناقشات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يوم الأربعاء بعدما تبين استخدام النظام غازات سامة.
وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، اتخاذ أولى خطواتها العقابية ضد نظام الأسد، على خلفية تورطه بهجمات كيميائية راح ضحيتها مدنيون. وخلال جلسة عقدتها المنظمة، الأربعاء، تمت الموافقة على تجريد النظام من حقه في التصويت داخل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وفق ما نقلت وكالة «رويترز». وتعتبر هذه المرة الأولى التي تفرض فيها المنظمة العقوبة القصوى ضد إحدى الدول الأعضاء فيها، حيث أيدت أغلبية الدول خلال التصويت قرار فرض عقوبات إدارية على نظام الأسد وحرمانه من حقوقه وامتيازاته في المنظمة، حيث لاقى القرار تأييد 87 دولة من أصل 193 دولة عضواً في المنظمة.
وقالت المنظمة إن الاقتراح تقدم به، 46 دولة من أصل 193 عضواً في المؤتمر الحاكم للدول الأطراف في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة. وقد مرّت بأغلبية 87 صوتاً مقابل 15 ضدها، لتلبي أغلبية ثلثي الأصوات المطلوبة، وامتنعت 34 دولة عن التصويت من أصل 136 دولة مشاركة. وتعتبر إيران وروسيا وسوريا من بين الدول التي صوتت ضد القرار.

إشارة سياسية

وعلى الرغم من رمزية القرار، إلا أن مسؤولين لدى مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية، اعتبروا أن هذه الخطوة ترسل إشارة سياسية إلى سوريا مفادها أن انتهاك اتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1997 التي تحظر جميع استخدامات المواد الكيميائية في ساحة المعركة، لن يتم قبولها. وأبدت «رفضًا واضحًا لاستمرار استخدام وحيازة الأسلحة الكيميائية» وفق تعبير ممثل هولندا في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على موقع «تويتر».
المتحدث باسم مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية، د.أحمد الأحمد، اعتبر في حديث مع «القدس العربي» أن تجميد عضوية النظام السوري من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هو بمثابة دفن للمسار التفاوضي الذي دخلت فيه منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مع النظام السوري منذ صدور تقرير آلية التحقيق المشتركة JIM . وحول أهمية هذا الإجراء، قال الخبير بشؤون توثيق الانتهاكات الكيميائية «بالتأكيد سوف يؤدي إلى تصعيد سياسي كبير ضد النظام خلال الفترة القادمة وخصوصاً في ملف المحاسبة مما سيشكل ضغطاً سياسياً كبيراً على النظام السوري».
وبالنسبة للخطوات التالية، قال الأحمد ستقوم المنظمة بإحالة نسخة من هذا القرار إلى الدول والأطراف كافة وسوف تكون هناك ردات فعل مختلفة أقلها فرض المزيد من العقوبات على النظام السوري. فضلاً عن ذلك قد تقوم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بإحالة ملف الأسلحة الكيميائية للجمعية العمومية للأمم المتحدة لاستصدار قرار إدانة بحقه وقد تطالب المنظمة الدول الأطراف بدعم جهود المحاسبة خصوصاً وأن هناك إمكانية كبيرة للتحرك قضائياً ضد النظام السوري كون منظمة حظر الأسلحة وثقت 18 هجوماً بالأسلحة الكيميائية يعتبر النظام السوري مسؤولاً عنها.
وأبدى الأحمد خلال حديث مع «القدس العربي» اعتقاده أن ما بعد تجميد عضوية النظام السوري في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ليس كما قبله. «والمنظمة تقول للمجتمع الدولي اليوم نحن سئمنا من الوعود الكاذبة ومن المسار التفاوضي مع النظام السوري والذي لم يحقق أي نتيجة منذ صدور تقرير آلية التحقيق المشتركة JIM حتى اليوم ويجب البحث عن سُبل أخرى للتعامل معه».
وكانت التحقيقات المتكررة التي أجرتها الأمم المتحدة وفريق التحقيق الخاص وتحديد الهوية (IIT) التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، قد خلصت إلى أن النظام السوري استخدم غاز الأعصاب السارين وبراميل الكلور المتفجرة في هجمات بين عامي 2015 و2018 وقال المحققون إنها قتلت وجرحت الآلاف. ونفى النظام السوري وحليفه الروسي مراراً استخدام أسلحة كيميائية خلال الحرب، الأمر الذي حول الوكالة التي كانت ذات يوم تقنية إلى نقطة اشتعال بين القوى السياسية المتنافسة، وتسببت بالوصول إلى طريق مسدود في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

مدير «الشبكة السورية»: إجراء شكلي

مدير الشبكة السورية لحقوق الأنسان، فضل عبد الغني، رأى في تصريح لـ «القدس العربي» أن قرار تجميد عضوية النظام السوري في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يضم شقين، الأول أنه إجراء روتيني وشكلي، عازياً السبب إلى «أن أي عضو ينتهك الاتفاقية يتم فصله وتجميد عضويته، مثل النظام السوري، فالنظام لم يكتف بأنه لم يتعاون مع المفتشين الدوليين، ومنعهم من الدخول، بل أيضاً خرق الاتفاقية وقرارات مجلس الأمن بشكل متكرر، عبر الاستخدام المكثف للأسلحة الكيمائية، رغم مصادقته على الاتفاقية في أيلول 2013، فالنظام السوري استخدم هذا النوع من الأسلحة عشرات المرات وهذا القرار كان يجب أن يتم اتخاذه منذ سنوات».
القرار، في رأيه، لن يؤثر كثيراً على نظام الأسد وحلفائه، وهو يشابه إلى حد ما، ما صدر من بيانات إدانة عن العديد من الدول بعد التقرير الثاني لفريق التحقيق التابع للمنظمة، أما المأمول فهو أكثر من ذلك بكثير، ويفترض بعد أن ثبت بالدليل القاطع استخدام أسلحة دمار شامل أن تُحال القضية إلى مجلس الأمن وفقاً للفصل السابع، وإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، أما أن النظام خرق الاتفاقية فهذا معروف منذ سنوات، وكان يجب اتخاذ هذا القرار منذ قرابة عام من بعد التقرير الأول، أما الآن فيجب اتخاذ خطوات أقسى من ذلك بكثير. وأضاف «نحن نطالب المنظمة بأن تطالب مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل التحرك بموجب الفصل السابع ويتم معاقبة النظام ويتم استهداف المعدات والمقرات».
التدخل بموجب الفصل السابع والعقوبات العسكرية، برأي المتحدث هي عقوبات يجب أن يطالب بها ضد النظام الذي يستخدم أسلحة دمار شامل ضد المدنيين، وقال «العقوبات هي سياسية واقتصادية وعسكرية كتدرج منطقي، بحق النظام السوري الذي كرر استخدام الأسلحة بشكل تصاعدي نتيجة افلاته من العقاب، فتجميد العضوية إجراء طبيعي، والآن يجب إحالة الملف لمجلس الأمن والجمعية العامة لاتخاذ اجراءات رادعة للنظام وبوتين».
مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تحدث في الشق الثاني عن المعنى السياسي للقرار، وقال بأنه ذو أهمية كونه يمثل «صفعة سياسية للنظام وللاستبداد الأسدي والبوتيني، ولاسيما روسيا التي تدافع دائما عن النظام بغوغائية» والصفعة تؤكد أن النظام السوري نظام منبوذ، يتم طرده من الاتفاقيات الدولية وتجميد عضويته، نتيجة استخدامه للأسلحة الكيميائية». ورغم ذلك يتحضر رأس النظام لانتخابات رئاسية ممزوجة بالمواد الكيميائية ودماء السوريين.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.