عودة القصف وسياسة التهجير في الجنوب السوري… وصراع بين ميليشيات إيران والفرقة الرابعة

تشارف محافظة درعا على إكمال ثلاثة أعوام في ظل اتفاق «التسوية»، الذي وقّع بين الفصائل المحلية وقاعدة «حميميم» الروسية عام 2018، لكن درعا بقيت خلال هذه الفترة الزمنية متأرجحة ما بين السلم والحرب، والقصف والحصار والمظاهرات المناهضة لحكم الأسد، وسط تملص موسكو من الالتزامات التي تعهدت بها أمام القوى المحلية، وهشاشة الوضع الأمني واستمرار عمليات التصفية، وعدم تحقيق تقدم بالملف الخدمي من قبل النظام السوري.
وقبيل الانتخابات الرئاسية التي تجري تحضيراتها على قدم وساق في العاصمة السورية دمشق، تسود المحافظات الجنوبية حالة من الغضب الشعبي وعودة للمظاهر المسلحة، حيث خرجت ليلة السبت/ الأحد، مظاهرة ليلية في مدينة درعا جنوب سوريا، هتف فيها عشرات المتظاهرين من المدنيين والمسلحين الذين خرجوا بالبزة العسكرية والأسلحة الخفيفة، ضد النظام السوري ونصرة للبلدات المحاصرة في محافظتي درعا والقنيطرة جنوباً.

مظاهرات

وأعلن المتظاهرون من ساحة المسجد العمري وسط مدينة درعا، تضامنهم مع بلدة «الجيدور» شمال درعا وبلدة «أم باطنة» في ريف القنيطرة الشرقي التي يهددها النظام السوري بالاقتحام، حيث هتف المتظاهرون «درعا البلد تتحدى الأسد» و «أم باطنة درعا معاك للموت».
الناشط الإعلامي عامر الحوراني قال إن بلدة «أم باطنة» في محافظة القنيطرة، تشهد موجة نزوح إلى القرى المجاورة، نتيجة القصف الذي تعرضت له البلدة يوم السبت بقذائف الهاون من قبل قوات النظام السوري المتمركزة في تل الشعار.
وأفاد المتحدث لـ«القدس العربي» بأن قصف البلدة جاء على خلفية تعرض عناصر قوات النظام لدى حاجز «العمري» العسكري والقريب منها، في وقت متأخر من ليل الجمعة/السبت، لهجوم بالأسلحة الخفيفة، ما دفع قوات النظام لقصف القرية، وتسبب ذلك في نزوح المئات في اتجاه قرى «الخالدية والعجرف والمشيرفة» في ريف القنيطرة الأوسط، بينما بقيت عشرات العائلات على طرقات البلدة لعدة ساعات في محاولة للخروج منها في اتجاه الطريق الواصلة لخان أرنبة لكن حواجز قوات النظام، اعترضت طريقهم واعتقلت خمس سيدات مع أطفالهن.
وحسب المتحدث فإن حواجز النظام العسكرية أغلقت السبت الطرق الواصلة إلى بلدة «ام باطنة» ولا سيما المؤدية إلى «جبا وخان أرنبة والصمدانية الشرقية» في ريف القنيطرة للتضييق والضغط على الأهالي، بينما تعقد اللجان المركزية في درعا مفاوضات تدخّلت بها، للتوسط بين وجهاء البلدة وضباط النظام الذين يحاولون إجبار وجهاء البلدة، واللجنة المركزية على القبول بخيار تهجير الشبّان المطلوبين، وتحصيل مكاسب أخرى في المنطقة.
ودعماً للبلدة، أغلق أهالي مدينة جاسم، الطريق الواصلة نحو تل محيص في ريف درعا الشمالي الغربي، حيث تتمركز قوات النظام، وتوعد مسلحو المدينة عبر مقطع مصور بالرد على قوات النظام في حال أي هجوم عسكري على بلدة أم باطنة في ريف القنيطرة.
كما شهد ريف درعا الشرقي، السبت، انفجار سيارة تابعة لفرع الأمن العسكري، تقل أربعة عناصر على جسر بلدة صيدا، حيث هاجم مسلحو المنطقة، بالأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة السيارة، ما أسفر عن سقوط العناصر بين قتلى وجرحى، وتأتي هذه العملية وفق مصادر أهلية، نصرة لقرية أم باطنة.
وفي ظل التطورات، أصدرت 17 قرية وبلدة في محافظة درعا، بيانات أعلنت فيها رفض الانتخابات الرئاسية في سوريا، وقال المتحدث باسم تجمع أحرار حوران «أبو محمود الحوراني» أن بلدات «الجيزة، الحراك، صيدا، المليحات، الكرك الشرقي، المتاعية، الغارية الغربية، بصر الحرير، ناحتة، بصرى الشام، الشيخ مسكين، داعل، طفس، منطقة حوض اليرموك، سحم الجولان، نوى، ودرعا البلد» أعلنت كلها رفضها للانتخابات وحذرت في بيانات رسمية من التعاطي او دعم الانتخابات، كما ألصق الأهالي على الجدران شعارات رافضة للاستحقاق القادم.
وقال الحوراني لـ«القدس العربي»، «المنشورات وصفت الانتخابات الرئاسية المقبلة بالمهزلة الانتخابية، كما حذرت من المشاركة في الترويج لتلك الانتخابات عبر مسيرات التأييد التي يروج لها الضامن الروسي المحتل، وتوعدت بالرد على المتعاونين والمشاركين فيها».وتحدث المصدر عن دور موسكو في تأييد ودعم الانتخابات الرئاسية حيث قال «الروس بدأوا سلسلة من اللقاءات مع وجهاء المناطق في درعا منذ 20 من نيسان الماضي، وعرض الروس عليهم تحسين بعض الخدمات الأساسية، وزيادة مخصصات الطحين والمحروقات والكهرباء مقابل خروج مسيرة تأييد الأسد، وتشجيع الحملة الانتخابية، إلا أن وجهاء القرى رفضوا كل أشكال التأييد لمسرحية الانتخابات».

هدوء حذر

وتشهد المنطقة الجنوبية الأحد، هدوءاً حذراً، بعد الأحداث التي شهدتها خلال يوم أمس، وقال المرصد السوري لحقوق الأنسان إن قوات النظام سمحت للأهالي بالتحرك والخروج من البلدة، تزامنًا مع استمرارها بالانتشار وتعزيز حواجزها العسكرية في محيط البلدة، حيث جرى تأجيل جولة المفاوضات بين وجهاء البلدة ووجهاء آخرين من البلدة المحيطة بأم باطنة، مع قوات النظام لمدة ثلاثة أيام، وسط مساعٍ أهلية لإيقاف طلب النظام بتهجير بعض الشبان إلى الشمال السوري.
وقال المرصد إن الجولة الأولى من المفاوضات التي تجري بين ممثلين عن النظام السوري ووجهاء من أرياف دمشق ودرعا والقنيطرة، انتهت بدون التوصل لحل يرضي وجهاء المنطقة، فيما يتم التحضير لاجتماعات لاحقة، على خلفية الأحداث التي جرت في أم باطنة.
وطالبت قوات النظام بترحيل 10 مطلوبين من بلدة أم باطنة في اتجاه الشمال، ممن شنوا هجوم تل كروم جبا، وتسوية أوضاع متخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية من البلدة، وذلك بعد ساعات من استهداف قوات النظام للبلدة بالقذائف الصاروخية، وسط نزوح الأهالي، وتخوفهم من اقتحامها.
وأفاد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن الصراع متواصل منذ شهر آذار/مارس المنصرم، وحتى اليوم، بين الميليشيات الموالية لإيران من جهة، ومجموعات عسكرية من الفرقة الرابعة من جهة أُخرى، في مناطق جنوب العاصمة دمشق، وذلك على خلفية إغلاق الميليشيات الموالية لإيران، بعض الطرقات الفرعية والرئيسية بالسواتر الترابية والتي تصل منطقة السيدة زينب في مناطق في بيلا وحجيرة، جنوب دمشق، ونشر مسلحيها على الطرقات التي أغلقتها لمنع حركة العبور منها، دون معرفة أسباب ودوافع إقدام الميليشيات الإيرانية على هذه الخطوة.
ووفقًا لنشطاء المرصد السوري، فإن الخلاف تصاعد في الآونة الأخيرة، من خلال قيام عناصر وقياديين من «حركة النجباء» العراقية بالاستيلاء على بعض المزارع والأبنية والتمركز بها في المنطقة الواقعة بين ببيلا والسيدة زينب، تزامن ذلك مع قيام مجموعات من الفرقة الرابعة بمزاحمة «حركة النجباء» والتمركز ببعض المواقع المحيطة بهم في المنطقة، حيث لا يزال الصراع بينهم في إطار الحرب الباردة دون أن يتطور لاندلاع عراك مسلح، وحاول عناصر الفرقة الرابعة قبل عدة أيام افتتاح أحد الطرقات التي أغلقتها الميليشيات الإيرانية، والواصلة بين حجيرة والسيدة زينب، إلا أن عناصر الميليشيات رفضوا وأوقفوا عمل الآليات الثقيلة التي كانت تحاول رفع السواتر الترابية، بعد حدوث مشادة كلامية بينهم حسب المرصد السوري. وفي 18 آذار/مارس المنصرم، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى إغلاق الطريق الواصل بين منطقتي ببيلا والسيدة زينب جنوب دمشق بالسواتر الترابية، دون معرفة الأسباب.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.