روسيا تعيد نشر قوات النظام والميليشيات في البادية السورية

بدأت القوات الروسية حملة تمشيط جديدة في البادية السورية، الثلاثاء الماضي، من عدة محاور تركزت على طريق تدمر- دير الزور، بشكل أساسي ومحيط منطقة السخنة في ريف حمص الشرقي، وطريق الرقة- سلمية، بعد الهجمات التي وصلت إلى تخوم حقول النفط والغاز قرب السخنة. ورصدت «القدس العربي» تحرك عدد من آليات ودبابات وعناصر الفرقة 25- مهام خاصة من محاور ريف إدلب الجنوبي والشرقي. وشمل الإخلاء مجموعات صغيرة من العناصر في كل جبهة من الجبهات المشتركة مع فصائل المعارضة، حتى لا تؤثر على جاهزيتها. ويعتبر فوج «الطراميح» أبرز المشاركين في الحملة من الفرقة التي يقودها العميد سهيل الحسن، وهو أقوى أفواج الفرقة وأكثرها شراسة في القتال، ما يشير إلى تهديد حقيقي يشكله تنظيم «الدولة الإسلامية» في البادية، دفع القيادة الروسية إلى الاعتماد على نخبة مقاتلي الفرقة 25. وأرسلت أفواج «الشاهين» و»الحوارث» مجموعات إضافية إلى جانب «الطراميح» للمشاركة في تأمين طريق الرصافة -السعن مرورا بأثريا الذي تسلكه قوافل صهاريج القاطرجي الذي تنقل النفط الخام من شرق سوريا حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية «قسد» إلى مناطق سيطرة النظام. وأغلب المجموعات المتحركة إلى البادية كانت تتمركز على محاور طريق حلب- دمشق/M5 الممتدة من معرة النعمان جنوبا وصولا إلى منطقة ايكاردا جنوب حلب. وبدأت روسيا معركة تطهير البادية قبل نحو ثلاث شهور، وشنت عملية جوية واسعة في البادية السورية، وأوكلت مهمة التمشيط البري في مثلث الرصافة، أثريا، السعن، للعميد سهيل الحسن قائد الفرقة 25 انطلقت الحملة من ريف حلب الشرقي لتشمل مثلث تقاطع محافظات حلب وحماة والرقة. وأخفقت الحملة بتحقيق نتائجها بسبب مقدرة عناصر تنظيم «الدولة» على التخفي والانسحاب إلى عمق البادية السورية وفقدان أثرهم، باستثناء أحد المقرات التي أعلنت القيادة الروسية عن تدميرها في منطقة جبل شاعر في ريف حمص الشرقي. وبث الإعلام الروسي تقريرا مصورا لتفجير ما وصفه بمقر «قيادة وعمليات» محفورا في إحدى جبال حمص الشرقية، ويضم غرفا ومهاجع ومستودع أطعمة وغذائيات.
وقبل أسبوع، رصدت «القدس العربي» مقتل النقيب في جيش النظام، جعفر ثابت صقر من قرية البودي في ريف جبلة على الساحل السوري، في هجوم لتنظيم «الدولة» على حقل المهر النفطي جنوب شرق السخنة. ونهاية الشهر الماضي قتل عشرة عناصر من قوات النظام بتفجير عناصر تنظيم «الدولة» عبوة ناسفة بباص نقل عسكري.
وهاجم عناصر التنظيم رتلا لصهاريج نفط القاطرجي في منطقة الرصافة جنوب الرقة، ليل الجمعة، دمر خلاله صهريجا على الأقل فيما تعرضت خمسة صهاريج إلى إطلاق نار ومقتل عدد من عناصر الترفيق.
من جهة أخرى، تشارك الميليشيات الإيرانية في عمليات التفتيش إلى جانب القوات الروسية، ودفعت إيران بأعداد جديدة من مقاتلي الميليشيات لتأمين طريق دير الزور-تدمر. وتتعرض الميليشيات إلى كمائن مستمرة في البادية السورية، كان آخرها مقتل القياديين في الحرس الثوري الإيراني و25 عنصرا من الحرس. ويعتبر زادة من الشخصيات البارزة في الحرس الثوري بسبب قربه من قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني.
كذلك، هاجم التنظيم مقرا لميليشيا فاطميين، الخميس الماضي، في منطقة وادي الضبيات النفطي جنوب بلدة السخنة. وأشارت مصادر إعلامية محلية إلى أن عناصر التنظيم استخدموا صواريخ تاو الأمريكية (لم تتحقق القدس العربي من صحة الادعاء) الأمر الذي أدى إلى مقتل ستة عناصر من الميليشيا. وتناقل عناصر من الميليشيات صور القتلى والجرحى الذين نقلوا إلى مستشفى مدينة تدمرا غربا، وأدى الهجوم إلى استنفار الطيران الروسي، حيث مشطت الحوامات الهجومية المنطقة بحثا عن المهاجمين من دون أن تتمكن من العثور على أحد. وزادت روسيا من تشديد الحراسة على الحقول النفطية.
وأضافت مصادر محلية في تدمر لـ»القدس العربي» ان تعزيزات عسكرية ومئات المقاتلين وصلوا إلى المدينة الصحراوية، أغلبهم من الدفاع الوطني والحرس الجمهوري، تجمعوا في المطار العسكري للبلدة التي تسيطر عليها القوات الروسية قبل ان تعيد القوات الروسية نشرهم على طريق تدمر- دير الزور.
كما نقلت إيران عناصر الحرس الثوري من مطار التيفور (مطار تياس الحربي) إلى محطة الضخ الثالثة للمشاركة بعمليات التمشيط الجديدة واتخاذ نقاط متقدمة قرب الحقول النفطية لمنع مهاجمتها من قبل مقاتلي التنظيم.
ومن المرجح، ان تؤجل العمليات الروسية في البادية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» أي هجوم محتمل على إدلب في الوقت الحالي، في حال استمرار هجمات التنظيم وضربه لقواعد النظام العسكرية وشنه هجمات على قوافل النفط الخام وتفجيرها. ويزيد من التحدي الروسي الهجمات التي تستهدف حقول النفط والغاز والفوسفات التي جنت موسكو عقودها عبر شركات مقربة من الكرملين والرئيس فلاديمير بوتين، وهو ما يشكل أكبر العوائق في وجه روسيا منذ تدخلها في الحرب السورية إلى جانب النظام السوري، فهي بعد انتصاراتها العسكرية في أغلب المناطق السورية ومساعدة النظام على استعادة 70 في المئة من الجغرافيا السورية، تقف عاجزة عن جني أرباح هذا التدخل اقتصادياً.
في المقابل، فإن التجارب العسكرية الروسية، لا تؤكد صحة الافتراض أعلاه، فهي في غالبية الأحيان شنت عمليات مزدوجة ضد المعارضة السورية المسلحة على أكثر من جبهة، كما انها هاجمت ودعمت قوات النظام والميليشيات الإيرانية لاستعادة السيطرة على البادية السورية في آن معاً، معتمدة على الكثافة النارية والدعاية السوداء التي نجحت فيها في غالب تلك المعارك، حيث أثرت سلبا على الروح المعنوية للمقاتلين بعد استهداف العمق في مناطقهم والتركيز على استهداف المدنيين والمشافي، وخلف فوضى عارمة لم تنجح المعارضة في الشمال في التأقلم والتعامل معها مطلقاً.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.