النظام السوري يستقدم تعزيزات عسكرية ضخمة إلى درعا… وأرتال من الميليشيات الإيرانية إلى تخومها

شهدت أمس أحياء درعا البلد ومحيطها جنوب سوريا، تصعيداً وقصفاً مدفعياً، من قبل قوات النظام السوري التي استقدمت تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المنطقة، وسط حركة نزوح مستمرة من المناطق المحاصرة باتجاه المناطق الأكثر أماناً خوفاً من اقتحام المنطقة، وذلك بموازاة حراك روسي للضغط على وجهاء درعا بهدف التوصل إلى حل للأحداث الأخيرة.
وقال مصدر مطلع لـ “القدس العربي” أن تعزيزات عسكرية ضخمة تضم مئات العناصر وأرتالاً من السيارات المزودة برشاشات والدبابات والمدرعات والمجنزرات انطلقوا من دمشق اتجاه الاحياء المحاصرة في محافظة درعا. ووفقاً للمصدر فإن عناصر من الفرقة الرابعة والتاسعة والحرس الجمهوري وميليشيا أبو “الفضل العباس” العراقية تهدد باقتحام المنطقة.
المتحدث باسم شبكة أحرار حوران أبو محمود الحوراني قال إن “قوات النظام استقدمت أرتالاً عسكرية إلى درعا البلد، واستهدفت الأحياء المحاصرة بالرشاشات الثقيلة، بالرغم من اتفاق تهدئة بين اللجان المركزية والقوات الروسية، بالتزامن مع نزوح الأهالي من المناطق المحاصرة باتجاه درعا المحطة عبر حاجز السرايا”. وشهدت أحياء درعا البلد، وحي طريق السد والمخيم أمس قصفاً مكثفاً من قبل الميليشيات الإيرانية، بالآليات الثقيلة والمدفعية، بغطاء من الفرقتين الرابعة والتاسعة، وللحيلولة دون تعاظم التصعيد، قدمت اللجان المركزية في درعا مقترحاً جديداً يقضي بنشر قوات عسكرية تابعة للفرقة 15 والأمن العسكري إلى جانب عناصر من اللواء الثامن في عدة أحياء بدرعا البلد، إضافة لإجراء عمليات تفتيش محدودة بحضور أعضاء لجان التفاوض. ووفقا للمتحدث لـ “القدس العربي” فإن النظامين السوري والروسي سيردان على مقترح اللجان المركزية.
تزامنًا أصدرت عشائر درعا الثلاثاء، بياناً دعت فيه عناصر النظام في درعا إلى الانشقاق عنه، وجاء في البيان “حربنا ليست معكم، بل هي مع الميليشيات التي جلبتها إيران لتستبيح بيوتنا وأرضنا، عدونا واحد وقضيتنا واحدة، أنتم أبنائنا ولا نرضى لكم الموت كما لا نرضاه لأنفسنا. ونعلم أن غالبيتكم قد أجبروا اليوم على حمل السلاح بوجه أهلكم في درعا، عودوا إلى مكانكم الطبيعي بين أبناء شعبكم، فهنا ندافع عن كرامتنا فقط، لا أجندات ولا مشاريع نخدمها”. وأضاف البيان “سوريا لنا جميعاً وليست لمرتزقة حزب الله والحرس الثوري الإيراني، الذين يزجون بكم لتنفيذ مشاريعهم التوسعية في المنطقة”.
وقال الحوراني “هذه الانتهاكات تأتي على إثر المحاولات المتكررة للفرقة الرابعة والحرس القومي العربي وهي أحد أذرع الحرس الثوري الإيراني، التقدّم من عدة محاور نحو درعا البلد، وسط اشتباكات عنيفة، وتصدي من قبل أبناء المنطقة حيث تكبدت المجموعات المتقدمة خسائر في الأرواح أثناء محاولتها التقدم نحو الأحياء، بالتزامن مع غطاء ناري استخدم خلاله قذائف الدبابات والمدفعيات الثقيلة”.
وتعمل موسكو على محاولة التوسط في أحداث درعا الأخيرة بشكل مباشر، يدفعها استياؤها من كثافة الحراك السياسي ضد النظام السوري، والذي بلغ ذروته في مايو /أيار 2021، وتمثل في رفض انتخابات الرئاسة، بحماية مقاتلين محليين من بقايا الجيش الحر في الجنوب السوري، حيث دخل أول أمس، وفد روسي برئاسة الجنرال الروسي الملقب محليا بـ “أسد الله”، والذي أنهى اجتماعه مع وزير الدفاع السوري، العماد علي أيوب وضباط من اللجنة الأمنية التابة للنظام قبيل الاجتماع مع أعضاء الجنة الأهلية في درعا البلد.
عضو من لجنة التفاوض الأهلية في درعا قال لـ “القدس العربي” إن “وزير الدفاع السوري أجرى زيارة إلى درعا واجتمع مع اللجنة الأمنية التابعة للنظام بالمحافظة، بحضور وفد روسي رفيع، أعقب ذلك اجتماع للضباط الروس وعلى رأسهم الضباط الملقب “أسد الله” مع لجنة التفاوض المركزية، لمناقشة مطالب الجانبين وإرساء تهدئة في المنطقة”.
ونقل المتحدث الذي فضل حجب هويته لدواع وصفها بالأمنية “قرار وزير الدفاع السوري خلال الاجتماع مع لجنة التفاوض المركزية ووجهاء درعا” وقال المتحدث أن القرار “يقضي بدخول قوات النظام إلى درعا البلد بالجيش والدبابات، ونتيجة إصرار العماد علي أيوب على اقتحام درعا البلد، طالب وجهاء درعا بالتهجير، إلا أن مطالبهم رفضت من قبل الروس والنظام”. وحول موقف الجانب الروسي، قال المصدر الواسع الاطلاع لـ “القدس العربي” إن “الروس موقفهم يتماها مع موقف النظام، ويعتبرون أنفسهم وسطاء وليسوا طرف” مشيرا إلى “الفرقة الرابعة ومن خلفها إيران والمليشيات الشيعية هي من تدفع للحرب”.
وقال المتحدث ” انتهى الاجتماع دون التوصل لاتفاق مع الجانب الروسي، ولذلك نطالب الأمم المتحدة بتهجير أهالي درعا البلد إلى منطقة آمنة فنحن لا نريد الحرب والموت، ونطالب المجتمع الدولي بالتدخل لمنع المجازر في درعا البلد وكل مناطق حوران”.
وإزاء الوضع الميداني، قال أبو محمود الحوراني لـ “القدس العربي” إن المنطقة تشهد تعزيزات عسكرية وقصفا متقطعا من قبل قوات النظام رغم التهدئة المفروضة، حيث “أقدمت قوات النظام على إغلاق كافة الطرقات الزراعية في مدينة جاسم شمال درعا، من خلال رفع سواتر ترابية، كما استقدمت تعزيزات عسكرية مؤلفة من آليات وجنود إلى تل المحص الواقع غربي المدينة، كما شهدت أحياء درعا البلد استهدافات متقطعة بقذائف الهاون والدبابات والمضادات الأرضية، بالرغم من اتفاق التهدئة الأخير بين اللجنة المركزية والقوات الروسية”.
وأضاف لـ “القدس العربي” أن “المخابرات الجوية سحبت مجموعة حواجز عسكرية من عدة مناطق في محافظة درعا، حيث أخلت حاجزين من بلدة قرفا، ومقراً لها عند مبنى الحزب من مدينة داعل، وحاجز من طريق السهوة – بصرى الشام، وآخر من طريق الشيخ سعد – نوى، فيما سحب النظام 30 عنصراً من قواته مزودين بعربة شيلكا من قرية صنع الحمام، شمال منطقة اللجاة، وتمركزوا في مدرسة بلدة إيب، والتي تعد مقرا رئيسيا للفرقة التاسعة في المنطقة”.
وتأتي هذه التحركات ضمن سلسلة انسحابات وإعادة تموضع في مواقع عسكرية في مناطق مختلفة بمحافظة درعا، واتهم ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي التشكيلات العسكرية التابعة لقوات النظام والمعروفة بتبعيتها لإيران، بمحاولة إفشال المفاوضات بهدف الاستمرار بالعمليات العسكرية للسيطرة على الشريط الحدودي مع الأردن.
الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي تحدث عن استياء روسي واضح حيال الحراك السياسي في درعا ضد النظام السوري، بحماية المقاتلين الذين يمتلكون الأسلحة الفردية، وفي رأيه فإن موسكو متخوفة من تحركات دولية بقيادة الولايات المتحدة لتفعيل دعم المعارضة السورية مجددًا في منطقة الجنوب، إذ إنه “من الممكن أن تعمل واشنطن على فكرة الضغط على إيران وتحجيم نفوذها في سوريا لإجبارها على التفاوض، وسيكون الجنوب السوري بوابة مهمة لذلك”.
وقرأ عاصي: عزوف موسكو عن استخدام سلاح الطيران ضد المقاتلين الذين تمكنوا من إجبار قوات النظام السوري والمجموعات المدعومة إيرانيا على التراجع من نقاط عديدة، بـ “عدم رغبة روسيا بإزعاج الأردن بأزمة إنسانية جديدة، في ظل ما تبديه عمان من مرونة مع الموقف الروسي، كما أن موسكو لا تريد إقلاق إسرائيل والتأثير على التنسيق المشترك معها في الملف السوري”.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.