عندما نتحدّث عن معارضة سوريّة

د.كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني
الدكتور كمال اللبواني

عندما نتحدّث عن معارضة سورية اليوم فنحن نتحدّث عن مجموعة أشخاص لا تاريخ لهم، ولا ماضي سياسي ولا مؤسسات أو منظمات حزبية معروفة، شهدها في السابق أو حالياً المجتمع السوري، فهم أشخاص انتهازيون وكلاء سمتهم الدول وجعلتهم في مؤسسات صنعتها في الفنادق، واعترفت بها هي كممثل عن الشعب السوري أو المعارضة، من دون أي معايير أو انتخابات، ومن دون سؤال الشعب السوري، بل تم فرضهم بالتدليس والنفوذ والمال السياسي.

هم في الحقيقة مجموعة انتهازيين وفاسدين وعملاء لا علاقة لهم بالشعب أو الثورة، يعملون لصالح الدول التي أرادت سرقة القرار السياسي للشعب بهذه الطريقة لانتزاع إرادته وتزييفها، وتسليم قراره لأشخاص مستعدين لبيع قضيته في بازارات السياسة، وخدمة مصالح الدول المتدخلة تحت أسماء وعناوين، منها دول جوار، ومنها دول عربية، ومنها دول صديقة للشعب، ومعظمها دول تخاف من التحول الديمقراطي وتريد فعلاً الإبقاء على نظام القمع، وقتل كل أمل في الحرية عند الشعب السوري أولاً، ثم لدى الشعوب العربية قاطبة، فالأنظمة القمعية موحدة تماماً في مواجهة شعوبها ومطالب الحرية والديموقراطية والنزاهة، بالرغم من خلافاتها البينية، التي تعتبر ثانوية جداً، لدرجة تواطؤ الدول العربية مع المحتل الإيراني والروسي ضد الشعب السوري.

اليوم تقوم قطر بتجديد دماء الائتلاف واللجنة الدستورية لكي ترمم الكذبة وتغطي على السرقة بواسطة دعوة لاجتماع جديد وتوزيع الأموال والمناصب على كل من يقبلون باستمرار مهزلة التسليم والتصالح مع الأسد القاتل قافزين فوق كل جرائمه ومتغاضين عن موضوع العدالة والعقاب، والسبب في ذلك تريد البقاء في الوسط وعدم استعداء إيران، وإرضاء تركيا، وكذلك روسيا، لتجنب أي خسارة بفعل عدائهم بعد استمرار عداوتها مع بقية دول الخليج، فرشوة إيران وتركيا تتم عبر بيع سوريا للنفوذ التركي والإيراني والروسي الذين يتقاسمونها لكي تبقي على حلفاء يدافعون عنها عند الضرورة، ولكي تتجنب الانخراط في المحور العربي الغربي المعادي للإيراني، بعد أن فشل محور السعودية – الإمارات في إقناع الأسد بالتخلي عن إيران لكي يعود للحضن العربي.

الرابح في النهاية هو الأسد الذي يستمر بتلقي الدعم العربي له بطرق وأشكال متعددة، والخاسر هو الشعب السوري من دمه ووطنه وأبنائه، بينما يتمتع مجموعة انتهازيين وخونة بأموال قبضوها من هذه الدولة أو تلك وقبلوا تمثيل دور ممثلين للشعب السوري، لكن خونة لقضيته ودمائه، يتعيشون عليها.

أين هي آلية اختيار وتجديد الممثلين؟ أين هي المنظمات السياسية المزعومة؟ كل ما نراه تحت مسمى معارضة هم مرتزقة فاسدون عملاء لمخابرات النظام والدول تم اختيارهم بعناية تبعاً لمواصفاتهم تلك، في حين استبعد كل صاحب رأي وانتماء وموقف، وكل ثوري حقيقي، وحرم الشعب السوري المنكوب من تشكيل أحزابه وقواه السياسية منذ مجيء الأسد للسلطة وبعد تسمية هؤلاء كممثلين له باسم معارضين، والشعب السوري منهم براء.

إن إسقاط النظام يبدأ بإسقاط هذه المعارضة ويمر بإسقاط مسار التجديد والإبقاء على الأسد وتغييب العدالة والقصاص ومحاسبة المجرمين الذي سارت به هيئة التفاوض منذ عام ٢٠١٣ وحتى اليوم تحت راية الأمم المتحدة، والذي لم ينتج عنه في جنيف أو سوتشي أو أستانا أو الرياض أو الدوحة أو إسطنبول سوى التنازل والتسليم درجة بعد درجة ومنطقة إثر منطقة، فما ستجتمع عليه المعارضة في النهاية هو الإبقاء على الأسد والعدالة التصالحية التي تقفز فوق حقوق الشعب وتقتل ثورته، كما تدل تصريحات المبعوث الخاص، غير بيدرسون، المتكررة وإحاطاته لمجلس الأمن، فهم جميعاً معارضة للثورة والشعب، وليسوا معارضة للنظام، بل هم شركاء وحلفاء ضد الحق والحرية والحضارة يجب أن يسقطوا معاً.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.