سوريا: مناورات لميليشيات إيرانية بالصواريخ واشتباكات مقبلة مرجّحة مع الأمريكيين… واستنفار كرديّ لمواجهة عملية لأنقرة

يبدو أن الأوضاع في مناطق عدة من سوريا شمالاً وشرقاً وجنوباً تتجه إلى مزيد من التصعيد، فبعد التصريحات الأخيرة للجيش الأردني التي اتهم فيها الميليشيات الإيرانية بشن حرب مخدرات على بلاده انطلاقاً من جنوب سوريا، تتواصل تبعات تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حول تحرك عسكري محتمل لاستكمال إنشاء منطقة آمنة لتركيا، بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية في الشمال، وهي منطقة مشتعلة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جهة، التي تشكل “وحدات الحماية الكردية” عمودها الفقري، وبين أنقرة من جهة ثانية.
تزامناً، وإلى الشرق من سوريا، كشفت مصادر محلية عن إجراء ميليشيات مدعومة من الحرس الثوري الإيراني، تجارب على إطلاق صواريخ أرض – أرض قصيرة ومتوسطة المدى في البادية السورية، وسط ترجيحات دبلوماسية أمريكية بحصول عمليات تبادل إطلاق نار بين الميليشيات والقوات الأمريكية في شرق سوريا.
هنا يطرح السؤال: هل من رابط بين التصريحات الأردنية والأمريكية والتركية بما يوحي باستعدادات لمواجهات متعددة ولتطورات في المستقبل القريب، مع تعقد صفقة الملف النووي الإيراني مع واشنطن؟
في السياق أكدت شبكة “الخابور” أن ميليشيا “حركة النجباء” العراقية أجرت أكثر من تجربة على إطلاق صواريخ إيرانية الصنع قصيرة ومتوسطة المدى في بادية الرصافة جنوب الرقة، الأربعاء، في حين أكدت مصادر “القدس العربي” من الرقة، أن التدريبات هذه جاءت بعد اجتماع أمني عقدته الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني قبل أيام في ريف معدان شرق الرقة، الذي خصص للتطورات في المنطقة بعد التهديدات التركية، وزيادة انتشار الميليشيات في المحافظة.
ويشير الباحث في الشأن الإيراني ضياء قدور، إلى تزامن هذه التدريبات مع التهديد التركي بشن عملية عسكرية في الشمال السوري، وجهتها المحتملة تل رفعت المحاذية لبلدتي نبل والزهراء اللتين تعدان من أهم القواعد الإيرانية في حلب وريفها.
ويلفت خلال تصريحه لـ”القدس العربي” إلى تواتر التصريحات التركية غير الرسمية عن أن تل رفعت الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية (PYD) ستكون في رأس أهداف العملية العسكرية الجديدة التي أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإثنين، عن استعداد قوات بلاده لشنها في إطار استكمال إنشاء المناطق الآمنة في الشمال السوري.
ويرى قدور أن العملية العسكرية التركية في حال بدأت، ستؤثر بشكل مباشر لجهة حصار بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين.
وفي الإطار ذاته، تتزامن التجارب الصاروخية هذه مع توقعات بزيادة التصعيد من جانب الميليشيات المدعومة من إيران ضد القواعد الأمريكية في شرق سوريا، وهو ما ينسجم مع حديث السفير الأمريكي السابق في سوريا، روبرت فورد، عن احتمالية تصاعد حدة التوترات في سوريا، مع تخفيض روسيا عدد قواتها في سوريا، إذ قال فورد في مقال له إن “زيارة رئيس النظام بشار الأسد الأخيرة إلى طهران تشير إلى أن وجود إيران ونفوذها في سوريا سيشهدان نمواً متزايداً، وهذا الوجود هو بمثابة تهديد للأمريكيين في المنطقة”. وفي هذا الجانب، يقول الباحث ضياء قدور، إن الميليشيات الموالية لإيران تنتهج سياسة حركة “طالبان” في أفغانستان، بالتعامل مع القوات الأمريكية هناك، موضحاً أن “الميليشيات ستقوم بإنهاك القواعد الأمريكية في شرق سوريا بشكل مستمر لدفعها إلى الانسحاب، كما جرى في أفغانستان”.
وطبقاً للباحث بالشأن الإيراني، تأمل إيران أن تقوم بملء الفراغ الناجم عن انسحاب أمريكي من المحافظات الشرقية السورية، وخصوصاً في المناطق الغنية بالنفط.
من جهتها حمّلت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الدول المشاركة في التحالف الدولي مسؤولية منع التدخل التركي، بينما قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، إن بلاده تواصلت مع السلطات التركية بشأن إعلان أنقرة عزمها اتخاذ خطوات جديدة لإنشاء مناطق آمنة في سوريا.
كما اعتبر “مجلس سوريا الديمقراطية” أن التهديد العسكري التركي المحتمل يستهدف “السيادة السورية ويعرض الأراضي السورية لمزيد من الاحتلال ويهدد النسيج المجتمعي السوري، ونرى بأن مساعي توطين السوريين في مناطق ليست مناطقهم بعد تهجير سكان الشمال الأصليين تهدف لإحداث التغيير الديمغرافي بحق أبناء القومية الكردية، وهذا يتعارض مع ما نص عليه القرار الأممي 2254 بخصوص عودة اللاجئين ويشكل جريمة ضد الإنسانية”.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.