الضربة القاضية لتنظيم “حراس الدين” في سوريا؟

تحركات جديدة تطال تنظيم “حراس الدين” الإرهابي العامل في شمال غرب سوريا، ولعل القصف الذي طال العديد من قياداته وعناصره مؤخرا من قبل “التحالف الدولي” تنسجم مع تصنيف الاتحاد الأوروبي للتنظيم على قائمة الإرهاب لديه.

خطوة نحو التصفية

الاتحاد الأوروبي، في بيان صدر في بروكسل، أضاف تنظيم “حراس الدين” وقائده “فاروق السوري” وزعيمه الديني “سامي العريدي” المنحدر من الأردن إلى قائمة الإرهاب.

وأوضح البيان الذي اطلع “الحل نت” على نسخة منه، أن المجلس الأوروبي قرر إضافة التنظيم، الذي مقره في سوريا، وشخصين، إلى قائمة الخاضعين لتدابير تقييدية اتخذت ضد تنظيم داعش والقاعدة والأشخاص والجماعات والكيانات المرتبطة بهم”.

ولفت البيان، إلى “أن “حراس الدين” يعمل باسم تنظيم “القاعدة” وتحت مظلته، وشارك في التخطيط لعمليات إرهابية خارجية”، وذكر أن التنظيم ولتحقيق أهدافه، أقام “معسكرات عمليات في سوريا توفر تدريبا إرهابيا لأعضائها”، كما “انضم العديد من المقاتلين الإرهابيين الأجانب الأوروبيين إلى صفوفه منذ إنشائه”.

وأشار البيان، إلى أن “تنظيم “حراس الدين”، والأفراد الخاضعين للعقوبات لعبوا أيضا من خلال الأنشطة الدعائية دورا رئيسيا في تعزيز أيديولوجية “القاعدة” العنيفة وفي التحريض على الأعمال الإرهابية لدعم التنظيم، وبالتالي، فإن “حراس الدين” وزعيميه يشكلون تهديدا خطيرا ومستمرا على الاتحاد الأوروبي وعلى الاستقرار الإقليمي والدولي”.

القوة الأرضية لاقتلاع جذور “حراس الدين”

كانت ولا تزال القيادة المركزية الأميركية، تنفذ عبر قواتها ضربات عدة ضد تنظيم “القاعدة” في سوريا في محيط محافظة إدلب، حيث طالت الغارات عبر الطائرات المسيرة الأميركية عددا من قيادات التنظيم أدت لمقتل عدد منهم، باستخدام صواريخ مجنحة دقيقة الإصابة.

إنهاء وجود التنظيمات الجهادية العابرة للحدود في سوريا، برأي المحلل العسكري، العقيد مصطفى فرحات، يجب أن يدعم بقوة على الأرض، لأن العمليات النوعية والموضعية لرؤوس التنظيم قلل من قدرتها على العمل، إلا أنه لم ينه التنظيم بشكل كامل، ولذلك وجود قوات مدعومة على الأرض تحقق هذا الهدف.

وأوضح فرحات، في حديثه لـ”الحل نت”، أن هذا الموضوع مرتبط أيضا بالحل السياسي في سوريا، لأن استمرار الفوضى على مستوى الساحة السورية بأكملها، بين فرقاء دوليين محليين، يجعل سوريا مرتع لوجود الإرهاب، مضيفا “وجود احتلالات متعددة يفرز مستنقع يصدر أوبئة”.

من جهته، أوضح الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أحمد زغلول،  فيما يخص القرار الأوروبي، أنه طبيعي لأن التنظيم يملك بعض أدوات القوة، التي يمكن أن تسبب تهديد كبير للولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي كان الموقف الأوروبي موقف ليس بغريب، في ظل التهديد الجهادي لمختلف الدول الأوروبية وكذلك الولايات المتحدة.

وبيّن زغلول، في حديثه لـ”الحل نت”، أن امتداد نشاط تنظيم “داعش” وتنظيم “القاعدة” الذي يمثله “حراس الدين”، وهما على نفس التوجه للعديد من الدول الخارجية، وامتلاك عدة مصادر قوة، تجعل الرغبة الدولية في تحجيم التنظيم والقضاء عليه رغبة قوية.

ويشير زغلول، إلى أن “حراس الدين” يمثل الرعيل الأول من قيادات تنظيم “القاعدة”، هؤلاء يملكون قواعد خبرات قتالية كبيرة وشبكات في العديد من دول العالم، بما يمثل دعم استراتيجي متاح لهم في أي وقت، كما أنه يتبنى استراتيجية قتال العدو البعيد، والتنظيم تورط في استهدافات خارجية كثيرة.

أما على الداخل السوري، فيذكر زغلول، أن “التنظيم لديه قدرة على الانتشار ظهرت الفترة الماضية، ليحل محل “داعش”، هو يعيد احتلالها والتمركز فيها، ويعمل على جذب المنشقين “داعش” لصفوفه، وكذلك يعمل على التمدد في مناطق قريبة من مناطق القوات الأميركية، وبالتالي يمثل تهديد كبيرا جدا  في الفترة الأخيرة”. ولذلك فكرة الإدراج الهدف الأول والأخير منها منع أي مصادر قوة ونفوذ قد تطيل أمد بقاء مثل هذه التنظيمات في المواجهات القائمة.

التيارات الأجنبية تهيمن على التنظيم

على الرغم من أن تنظيم “حراس الدين” لا يزال يعتمد على منافسه الأقوى في العمل، إلا أن الفرع الصاعد يعمل على ترسيخ وجوده في محافظة إدلب، وجذب الفصائل الأخرى إلى رايته، لقيادة تمرد في المستقبل.

الباحث في قضايا الحركات الإسلامية والأديان، محمد التكروري، أوضح أن “حراس الدين” نشأ من عدة كتائب وجماعات عسكرية تبنت أيديولوجية القاعدة والسلفية الجهادية، تم تشكيلها بعد إعلان “جبهة النصرة” انفصالها عن “القاعدة”، وتغيير اسمها إلى “جبهة فتح الشام”، ثم اندماجها مع فصائل وكيانات أخرى داخل “هيئة تحرير الشام”.

ترافق هذا التحول بحسب التكروري، مع تجديد منهجي وأيديولوجي لقيادة الجماعة – التي كانت جزءا من النصرة – مما أدى إلى صراع داخلي خطير، وكانت النتيجة الأهم من كل ذلك تشكيل تنظيم “حراس الدين” كفصيل تابع للقاعدة يقاتل على الأراضي السورية.

ووفقا لحديث التكروري لـ”الحل نت”، فإنه مثل المجموعات الأخرى، تنقسم منظمة حراس الدين داخليا إلى تيارات مختلفة، في الغالب تياران رئيسيان.

أول هذه التيارات هي التيارات الشامية، الذي يتولى السلطة داخل التنظيم ويقودها أردنيون مثل “أبو القسام” و”بلال خريسات” و”سامي العريدي” و”فاروق السوري”، وقادته عازمون على احتواء الأعمال العدائية وهم يحاولون اتباع نهج القاعدة مع تجنب الاشتباكات مع المكونات العسكرية الأخرى في إدلب، وخاصة “هيئة تحرير الشام”.

ورغم أن معظم قيادات هذا التيار من غير السوريين إلا أن هناك عناصر سورية ممثلة في جميع المناصب ولا قرار يتخذ إلا بموافقتهم.

عقيدة التيارات في “حراس الدين”

تيار الشام الأكثر ولاء للقاعدة، طبقا للتكروري، يتمتع بفوائد هذا الوضع الخاص، فهو يرفض الظهور في وسائل الإعلام أو نشر ملصقات تحمل اسمه، مفضلا بدلا من ذلك أن يظل بعيدا عن الأنظار، ويبدو وكأنه مهتم فقط بمحاربة الجيش السوري.

كما أنهم يقومون بتثقيف عناصرهم في أيديولوجية القاعدة، المعدلة بطريقة تجعلهم أكثر شمولا للخصوم، هدفهم هو جذب الدعم من خلال تجنب ما يعتبرونه أخطاء الجماعات الجهادية مثل “هيئة تحرير الشام” و”داعش” و”جند الأقصى”، التي اشتبكت مع المجتمعات المحلية في سوريا.

أما التيار الثاني، فوفقا للتكروري، هو التيار المصري والشمال إفريقي المكون من كوادر إدارية وعسكرية وشرعية، وتوجه انتقادات إلى المعارضين داخل وخارج المنظمة تعكس هدفها العملي في نشر ايديولوجيتها وأجندتها بالقوة، ويتهم قادة التنظيم الذين انفصلوا عن التيار المصري والشمال إفريقي التيار الشامي بالخضوع لـ”هيئة تحرير الشام”.

وأصبح هؤلاء القادة هدفا لاغتيالات نفذتها طائرات التحالف الدولي، كان آخرها في ريف غربي حلب، وقتل فيها كثيرون، فيما اعتقلت “تحرير الشام” أو طاردتهم واتهمتهم بـ “التعصب” والتعاون مع “داعش”.

يعد تنظيم “حراس الدين” من التنظيمات المرتبطة بالقاعدة في سوريا، وتم تشكيله في بدايات عام 2018، من عدد من الفصائل المنشقة عن جبهة “فتح الشام” و”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا، منها “جيش الملاحم – جيش البادية – جيش الساحل وعدد من السرايا” اتحدت تحت مسمى “تنظيم حراس الدين”.

ومنذ تأسيس “جبهة النصرة”، ومحاولتها تأسيس “تنظيم خراسان” في العام 2016، وتأسيس “جماعة أنصار الفرقان” في العام 2017، وتشكيل “حراس الدين” التي تمكنت من جمع منظمات جهادية أخرى بقيت مقتنعة بامتداد تهديدها العالمي، كانت واشنطن مدركة لمخاطر وجود قادة “القاعدة” في سوريا، ومع قرار الاتحاد الأوروبي، بتصنيف التنظيم على قائمة الإرهاب، يشير إلى أن هناك ضربة قريبة ربما ستنهي أذرعه في شمال سوريا.

ومنذ تأسيسه، يعد تنظيم “حراس الدين” وقيادييه هدفا دائما لطيران “التحالف الدولي”، الذي استهدف في حزيران/يونيو الفائت، قياديين اثنين في التنظيم هما المدعو “بلال اليمني” أو “بلال الصنعاني” الذي يقود قطاع البادية في التنظيم، والأردني المدعو”قسام الأردني” الذي كان القائد العسكري في التنظيم المذكور.

وقالت مصادر مطلعة إن “قسام الأردني”، أو أبو “القسام” (52 عاما) كان من القيادات البارزة في تنظيم “حراس الدين”، مشيرة إلى أنه فلسطيني نشأ في مدينة الزرقاء الأردنية، واسمه الحقيقي خالد مصطفى خليفة العاروري. بينما قالت مصادر محلية مطلعة إن “بلال الصنعاني” ليس يمنيا كما يوحي اسمه الحركي، بل هو سوري من قرية العشارة في ريف دير الزور الشرقي، انضم إلى “حراس الدين” بعد انشقاقه عن “النصرة”.

انحسار جزئي للتنظيم

تم إضعاف تنظيم “حراس الدين” في محافظة إدلب شمال غرب سوريا بشكل غير مسبوق، مع تشتت قيادته الجهادية الأولى والثانية، وسط حملة القمع المستمرة من قبل “هيئة تحرير الشام”، حيث رأى فيها مراقبون أنها حملة من أجل تصدير صورة عن الهيئة باعتدالها.

وتثير الأحداث الأخيرة تساؤلات حول استمرار “حراس الدين”، وهل التنظيم يقترب من نهايته، أم سيعيد بناء صفوفه ويستعيد قوته بمجرد أن تكون الظروف الأمنية مواتية.

في النصف الثاني من آذار/مارس 2021، استأنفت “تحرير الشام” حملتها القمعية ضد حراس الدين – التي انتهت في كانون الثاني/يناير من العام ذاته، وشنت الأجهزة الأمنية التابعة للهيئة، مداهمات في عدة مناطق بريف إدلب، واعتقلت عددا من قيادات وأعضاء التنظيم، وشخصيات جهادية أخرى مقربة منهم.

في 4 نيسان/أبريل 2021، اعتقلت الهيئة عددا من جهاديي “حراس الدين” وجهاديين آخرين مقربين من التنظيم أو مرتبطين به بشكل غير مباشر، وهم “أبو الليث معبر” و”أبو أسامة الجزائري” و”أبو الدرداء الجزائري” في مدينة إدلب، إضافة إلى “معاذ التركي”، و”عبد الرحيم التركي” في جسر الشغور بريف إدلب الغربي، و”أبو ذر المصري”، أحد كبار قادة حراس الدين، هو أكبر زعيم جهادي للتنظيم اعتقلته الهيئة.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2020، أعلن الحساب الرسمي لـ”مكافآت من أجل العدالة” التابع لوزارة الخارجية الأميركية، عن رصد مكافأة مالية كبيرة قدرها 5 ملايين دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات عن قيادات في تنظيم “حراس الدين” المرتبط بتنظيم القاعدة في سوريا، وكانت المرة الثانية التي تطرحها لملاحقة ذات الشخصيات.

ووفق ما نشر على الحساب الرسمي، فإن المكافأة حول معلومات عن القيادات “فاروق السوري”، و”أبو عبد الكريم المصري” و”سامي العريدي”، وهي ثلاث قيادات ضمن تنظيم حراس الدين، تلاحقها واشنطن في سوريا.

وأفرجت “هيئة تحرير الشام” في 11 كانون الأول/ديسمبر 2017، عن  “سامي العريدي”، أحد مشرعي الفكر الجهادي لتنظيم القاعدة في سوريا بعد اعتقال دام لأكثر من 15 يوما، على خلفية خلافات عميقة بين التيار المنتمي لتنظيم “القاعدة” والذي كان يديره “أبو جليبيب” والعريدي و”هيئة تحرير الشام”، سبق ذلك إفراج الهيئة عن “أبو جليبيب الأردني” في الثالث من كانون الأول/ديسمبر في ذات العام والذي لقي مصرعه لاحقا.

ويعد “فاروق السوري” أو “أبو همام السوري”، القيادي الأبرز في التنظيم، إذ كان من كبار المدربين في القوات شبه العسكرية مع زعيم تنظيم “القاعدة” البارز “سيف العدل” في أفغانستان في فترة التسعينيات، كما قام بتدريب مقاتلي تنظيم “القاعدة” في العراق من عام 2003 إلى عام 2005، وقد سبق واعتقل في لبنان من عام 2009 إلى عام 2013، وأصبح فيما بعد القائد العسكري لجبهة النصرة، وقد انفصل عن “جبهة النصرة” في عام 2016.

الحل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.