وول ستريت جورنال: أمريكا نسقت وراجعت سرا مع إسرائيل غارات جوية على سوريا

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده مايكل غوردن، قال فيه إن الولايات المتحدة تعاونت سرا مع إسرائيل في تنسيق الغارات الجوية ضد أهداف إيرانية في سوريا.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سابقين وحاليين، قولهم إن المسؤولين الأمريكيين لم يعلقوا كثيرا على الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا، وهي الغارات التي تقول إسرائيل إنها تهدف لعرقلة تدفق السلاح الإيراني إلى حزب الله اللبناني، وإضعاف الجماعات المسلحة والوكيلة عن طهران في سوريا.

وخلف الستار، راجعت الولايات المتحدة عددا من الغارات، ونظر فيها المسؤولون في القيادة المركزية الأمريكية والبنتاغون، حسب المسؤولين السابقين. وأضافت الصحيفة أن هدف الولايات المتحدة كان هو التأكد من عدم تدخل الغارات الإسرائيلية في الحملة التي قادتها واشنطن ضد تنظيم “الدولة” الذي يحاول العودة من جديد بعد تدمير خلافته. وقالت الصحيفة إن التنسيق الرسمي هذا لم يُكشف عنه من قبل، ويُظهر أن واشنطن حاولت دعم حليفتها إسرائيل دون الانجرار لحرب الظل مع إيران.

وكان التركيز في عمليات مراجعة الغارات الإسرائيلية، على تلك التي تستهدف مواقع في شرق سوريا، والتي تمرّ من أجواء الموقع العسكري الأمريكي في منطقة التنف السورية. ووافقت الولايات المتحدة على معظم الغارات الجوية الإسرائيلية، إلا أن القوات الأمريكية لم تساعد الإسرائيليين في تحديد الأهداف، ولم تراجع كل الغارات التي شنتها إسرائيل على سوريا، كما يقول مسؤولون سابقون وحاليون.

وقال مسؤول سابق: “إنها عملية متطورة ومدروسة”. ولم يعلق لا الجيش الإسرائيلي أو البنتاغون على التقرير. بينما علّق مسؤول دفاعي أمريكي بالقول: “في شمال سوريا وفي محيط التنف، العملية العسكرية الأمريكية تركز بشكل محدد على هزيمة تنظيم الدولة وشركائه المحليين. لن نناقش تفاصيل الخطوات التي اتخذناها لخفض المخاطر ضد قواتنا”.

وحاولت إيران الضغط على الولايات المتحدة لإقناع الإسرائيليين بالحد من ضرباتهم. وفي تشرين الأول/ أكتوبر، وجّهت إيران طائرة مسيرة باتجاه موقع التنف العسكري، بشكل دفع المسؤولين الأمريكيين للاستنتاج أنه رد على هجوم إسرائيلي ضد مواقع إيرانية. ولم يصب أي جندي أمريكي.

ونقلت الصحيفة عن المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط، دينس روس قوله: “هناك دعم تكتيكي أمريكي للتحركات الإسرائيلية من أجل منع الإيرانيين من إرسال الأسلحة وبناء نفوذ في المنطقة. ولكن هناك تردد كامل من ترك بصمات على هذا الدعم”، مضيفا: “سيكون من التهور بمكان، لو لم يكن هناك خفض توتر وتنسيق نظرا لمخاطر حدوث مشكلة غير مقصودة”.

وتعتبر إسرائيل من أقرب حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكن واشنطن حاولت أحيانا التقليل من العلاقات، عندما كانت تواجه سياسة خارجية مرتبطة بالمنطقة،  كما حدث أثناء حرب الخليج عام 1991، فقد قدمت إسرائيل سرا معدات نزع ألغام للتحالف الذي قادته الولايات المتحدة لإخراج صدام حسين من الكويت.

وكان ذلك دورا إسرائيليا واضحا وكفيلا بحل التحالف الذي ضم مصر والسعودية وسوريا، أو هكذا شعرت الولايات المتحدة في حينه. وظلت مسؤولية الجيش الأمريكي المتعلقة بإسرائيل من مهمة القيادة المركزية الأمريكية في أوروبا، بشكل ساعد الجنرالات الأمريكيين في الشرق الأوسط على التفاعل مع  الدول العربية بدون التأكيد على علاقات أمريكا القوية مع إسرائيل.

والوضع تغير اليوم مع تطبيع دول عربية علاقاتها مع إسرائيل. ففي شهره الأخير بالحكم، أمر دونالد ترامب بتوسيع مجال مسؤولية القيادة المركزية لتشمل إسرائيل، وهو تطور يأمل الأمريكيون أن يساهم في زيادة العلاقات العسكرية بين إسرائيل والدول العربية، بما في ذلك الدفاع الجوي والتهديدات الإيرانية. لكن النزاع في سوريا، مثّل تحديا مختلفا لإدارة بايدن التي أبقت على ألف جندي أمريكي في شمال- شرق سوريا والتنف.

وكان هدف السياسة الأمريكية منذ 2014 هو هزيمة تنظيم “الدولة”. وبعد عام، أرسلت واشنطن قوات العمليات الخاصة التي عملت إلى جانب القوات المحلية الكردية لهزيمة التنظيم عام 2019. ولم تكن الولايات المتحدة اللاعب الوحيد في سوريا، فهناك الرئيس بشار الأسد الذي قاتل الجماعات المعارضة، وروسيا التي ضربت أعداءه، وتركيا التي دخلت إلى سوريا لمواجهة الأكراد.

وزاد وجود الإيرانيين والجماعات الموالية لهم التي دعمت الأسد من تعقيد المشهد. وقامت الولايات المتحدة بغارات جوية وقصف مدفعي داخل سوريا والعراق ضد جماعات موالية لإيران ردا على مقذوفات صاروخية ضد قواعدها. لكنها قامت بذلك دون زيادة التصعيد مع إيران التي تأمل أمريكا بعودتها إلى الاتفاقية النووية. لكن إسرائيل لم يكن لديها التردد نفسه، فمنذ عام 2017، قصفت إسرائيل  أكثر من 400 موقع إيراني في سوريا ومناطق أخرى في الشرق الأوسط، حسب مسؤولين عسكريين إسرائيليين، أخبروا الصحيفة في نيسان/ أبريل الماضي. وشملت غارات إسرائيل قواعد للمسيرات التي يديرها الخبراء الإيرانيون، وقوافل عسكرية في طريقها إلى حزب الله.

ويصف الإسرائيليون الغارات الجوية بأنها “حرب بين الحروب” وتهدف لإضعاف قدرة إيران على توجيه ضربات لإسرائيل. وللحد من التوتر مع روسيا، استخدم الإسرائيليون الخط الساخن مع القادة الروس في قاعدة حميميم، لإخبارهم مسبقا بالغارات.

واقتضت الغارات مشاورات عميقة مع الولايات المتحدة. ونشأت الحاجة هذه عام 2017 عندما بدأت المقاتلات الإسرائيلية بالتحليق قرب قاعدة التنف تجنبا للدفاعات الجوية السورية. وقدمت إسرائيل التفاصيل عن المهمّة إلى القيادة المركزية الأمريكية مسبقا. وقامت القيادة بمراجعتها، وأعلمت وزير الدفاع وقائد الأركان المشتركة.

وفي بعض الأحيان، لم تجر إسرائيل العملية بعد المراجعة، لكن الولايات المتحدة طلبت تعديلا. وفي حالتين، طلبت أمريكا تعليق الغارات تجنبا لازدحام ساحة المعركة وقيامها بعمليات. واحدة منها عندما كانت تخطط في 2019 لاغتيال أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم “الدولة”. وثانية، عندما كانت القوات الأمريكية تخطط لعملية عسكرية ضد مقاتلي التنظيم بوادي الفرات.

ولم تتعرض غارات إسرائيلية للمراجعة الأمريكية لعدم مرورها قرب قاعدة التنف، وآخرها الغارة على مطار دمشق يوم الجمعة، والتي قالت إسرائيل إنها كانت تهدف لمنع نقل تكنولوجيا الصواريخ الدقيقة إلى حزب الله. ولم تراجع الولايات المتحدة غارات إسرائيل على العراق التي لم تؤكدها، وقال الأمريكيون إنها حصلت.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.