هل موافقة تركيا على توسعة «الناتو» تقوي موقفها أمام موسكو في عملية عسكرية محتملة شمال سوريا؟

يعتقد بعض المحللين أن موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي الناتو أخيراً، من شأنه زيادة الدعم الغربي لشن عملية عسكرية تركية في الشمال السوري، ضد التنظيمات الكردية التي تصنفها أنقرة «إرهابية»، لكن قد لا يعني هذا قدرة أنقرة على إقناع روسيا بتنفيذها.
وكانت تركيا قد أعلنت مراراً خلال الشهر الماضي عن اعتزامها شن عملية عسكرية في الشمال السوري، لكن يبدو أن العملية قوبلت حتى الآن باعتراض روسيا وأمريكا بل وإيران كذلك.
الخبير بالشأن الكردي، الدكتور فريد سعدون، يرى أن موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا إلى «ناتو»، ستقود حكماً إلى استفحال الخلافات بين أنقرة وموسكو في سوريا. ويقول لـ«القدس العربي»، إن الموقف الروسي يتجه لأن يكون أكثر تشدداً تجاه العملية العسكرية التركية في الشمال السوري، موضحاً «في حال كانت روسيا قد وافقت على شن عمل عسكري تركي محدود في مناطق غرب الفرات، أي منبج وتل رفعت، فإنها لم تعد كذلك بعد الخطوة التركية، أي الموافقة على توسعة حلف شمال الأطلسي «ناتو» عند الحدود الغربية الروسية».
ويتساءل سعدون، هل تستطيع تركيا اجتياح أي منطقة سورية دون موافقة روسيا غرب الفرات والولايات المتحدة شرق الفرات؟، ويجيب: «قطعاً لا، لأن الوجهة التي كانت مرجحة للعملية هي منطقة غرب الفرات، الخاضعة للنفوذ الروسي، باعتبار أن واشنطن كانت تعارض أي عملية عسكرية شرق الفرات، حيث نفوذها، ما يعني أن العملية ضمن الظرف الحالي تبدو مستحيلة». في المقابل، يرى بعض المحللين أن روسيا لا زالت في حاجة تركيا في الملف الأوكراني، ما يعني أن موسكو قد توافق على عملية تركية محدودة في الشمال السوري، خاصة أن التقدم التركي لا يتعارض مع مصلحتها ومصلحة حليفها نظام الأسد، على اعتبار أن تركيا ستضطر في وقت لاحق لسحب قواتها من الشمال السوري، وتسليمها للنظام السوري، على حد تقديرهم.
وتعليقاً، يشدد المتحدث باسم «المصالحة الوطنية» التابعة للنظام عمر رحمون، على موقف دمشق الرافض لاحتلال أي منطقة سورية، ويقول لـ«القدس العربي»: «حسب المعلومات الأمنية التي تصلنا من الشمال فإن العملية العسكرية التركية قائمة، وهي قريبة جداً». وأضاف، أن دمشق لا تميز بين احتلال واحتلال، موضحاً «مناطق «قسد» محتلة أمريكياً أيضاً، وعندنا قناعة مطلقة بضرورة تحرير المنطقة من الاحتلالين التركي والأمريكي».
وقال: «قد يقول قائل بأن لدى دمشق مصلحة في قتال تركيا لـ»قسد» وذلك توفيراً للجهد، والمنطقة ستعود في آخر المطاف لسلطة الدولة، ولو كان لتركيا أطماع في المنطقة لما بنت جداراً عازلاً بملايين الدولارات على الحدود السورية التركية».
لكن الوجود التركي في شمال سوريا مرتبط باتفاقات أستانة وتفاهمات مع موسكو تقضي بتحديد هدف التدخل العسكري لأنقرة ضد القوى الكردية تحديدا وليس نظام الاسد، وهذا ما حصل على ارض الواقع في العمليات التركية شمال سوريا التي لم تكن أي منها موجهة لاستعادة أراض من النظام السوري، والأهم ان تركيا وقعت على اتفاق في سوتشي مع روسيا في تشرين عام 2019، يقضي بعودة قوات النظام مع قوات روسية للشريط الحدودي بعد انسحاب الاكراد.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي مصطفى النعيمي، إلى أن بقاء تركيا في الشمال السوري هو رهن الاستقرار والحل السياسي الدائم، وييقول لـ«القدس العربي» أن انسحاب تركيا من الشمال السوري يبقى مشروطاً بتحقيق الاستقرار.
ويضيف أنه ليس لدى النظام السوري مصلحة بتوسيع تركيا نفوذها داخل الجغرافيا السورية، إلا أن عجزه عن إدارة الخريطة السورية فرض واقعاً لا يمكنه التنصل منه، وحقيقة الأمر أن النظام السوري برمته لم يعد فاعلاً في الأروقة الدولية. وعن احتمالية عودة المناطق الخاضعة للنفوذ التركي في الشمال السوري إلى سيطرة النظام، يقول النعيمي: باعتقادي لهذا الأمر تداعيات كبيرة، ونتحدث هنا عن رفض شعبي واسع.»

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.