غليان في الجنوب السوري: مظاهرات تطالب بإسقاط النظام والكشف عن مصير المعتقلين

يشهد الشارع جنوب سوريا، حالة من الغليان والاحتقان، حيث قطع متظاهرون من أبناء السويداء جنوب سوريا، الأربعاء، الطريق الرئيسية في المدينة، ورفعوا لافتات طالبوا فيها بطرد أجهزة النظام الأمنية وميليشيا حزب الله وإيران، كما أكدوا على ضرورة إطلاق سراح المعتقلين ومحاكمة الفاسدين، داعين إلى عصيان مدني، بينما خرج العشرات من أهالي مدينة جاسم شمالي درعا، بمظاهرات غاضبة، طالبوا فيها بإسقاط نظام الأسد والكشف عن مصير المعتقلين في سجون النظام. ووفقاً لمصادر محلية فإن المحتجين قطعوا الطريق الرئيسي بالقرب من دوار المشنقة وسط المدينة لمدة ساعة تقريباً بالإطارات المشتعلة.
وقال المتحدث باسم شبكة السويداء ريان معروف لـ “القدس العربي” إن عدداً من شبان المدينة قطعوا الطريق المحوري، وأشعلوا الإطارات، حاملين لافتات طالبوا فيها بطرد “الأجهزة الأمنية من السويداء… وحزب الله وإيران”، و”إطلاق سراح المعتقلين” و”محاكمة الفاسدين”. كما دعوا إلى عصيان مدني في السويداء.
واتهم المحتجون وفق المتحدث أجهزة النظام الأمنية “بدعم الإرهاب” في المحافظة، وتقديم التسهيلات لتنظيم الدولة للتوغل في السويداء، متقدمين بجملة من المطالب وعلى رأسها، تحسين الواقع المعيشي وتأمين الوقود والكهرباء، وإلقاء القبض على من وصفوا بـ “الفاسدين”.
وبداية الأسبوع الجاري، خرج أهالي بلدة ملح في ريف السويداء الشرقي، في وقفة احتجاجية، للأسبوع الثاني على التوالي، حملوا لافتات تندد بتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وتأمين الوصول إلى حياة كريمة.
وتتجدد الدعوات في محافظة السويداء، لمواصلة الحراك الاحتجاجي، حيث تشهد المحافظة منذ مطلع الشهر الجاري، مظاهرات غاضبة تندد بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وتدهور المستوى المعيشي، وارتفاع معدلات الفقر، في المحافظة. وفي درعا القريبة، خرج عشرات من أهالي مدينة جاسم شمالي درعا، الأربعاء بمظاهرات غاضبة، طالبوا فيها بإسقاط نظام الأسد والكشف عن مصير المعتقلين في سجون النظام.

«أعلام الثورة»

وذكرت شبكة “تجمع أحرار حوران” أن الأهالي رفعوا أعلام الثورة السورية ورددوا شعارات طالبت بإسقاط نظام الأسد، والكشف الفوري عن مصير المعتقلين المغيّبين من سنوات في سجون النظام. وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها “لأجل المعتقلين سنخرج كل يوم”، “معتقلونا سر صمودنا وبقائنا، الحرية للمعتقلين”.
وبحسب إحصائيات مكتب توثيق الانتهاكات في تجمع أحرار حوران فإن نحو 7000 معتقل من أبناء محافظة درعا معتقلون في سجون النظام، معظمهم في عداد المخفيين قسراً في سجون النظام، بينهم 4360 معتقلاً حتى صيف 2018 أي حتى تاريخ سيطرة النظام على المحافظة، إضافة إلى نحو 2723 معتقلاً من أبناء المحافظة منذ عقد اتفاق التسوية في تموز/يوليو 2018 حتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الفائت. وكان مكتب توثيق الانتهاكات لدى شبكة “تجمع أحرار حوران” قد سجل خلال شهر تشرين الثاني الفائت، اعتقال 15 شخصاً من قبل قوات النظام في محافظة درعا، أُفرج عن 8 منهم خلال الشهر ذاته.

«إندبندنت»: تغييب ووفاة المعتقلين

ونشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرًا قالت فيه إن عائلات سورية اكتشفت وفاة أحبابها بالصدفة بعد انقطاع أثرهم. وفي التقرير الذي أعده بروزو دراغي قال فيه إن أحمد حسن الدغيم كان عمره 39 عاماً، العامل من بلدة الجرجناز، الزراعية التي يعيش فيها حوالي 10.000 أو أكثر في شمال غربي سوريا، وكان في طريقه من فترة عمل قصيرة في لبنان في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2012عندما اعتقلته قوات النظام على المعبر الحدودي التي كانت وسط محاولة لقمع انتفاضة واسعة ضد نظام بشار الأسد، واختفى منذ ذلك الوقت، ولم تعثر عائلته على أية معلومات دقيقة حتى هذا العام.
فقد أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ومقرها في بريطانيا، تقريراً فصلت فيه حالات اختفاء مئات السوريين الذين اختفوا وماتوا بدون إبلاغ عائلاتهم. ويعتبر التقرير الأخير ضمن محاولات الباحثين في مجال حقوق الإنسان عن مصير حوالي 112.000 ممن اختفوا خلال الحرب السورية. وتعرفت عدة عائلات على مصيرهم بالمصادفة عندما ذهبت للسجل المدني كل تقضي مصلحة غير السؤال عنهم.

تقرير «الشبكة السورية»

وقال فضل عبد الغني، مدير الشبكة “لم يتم إعلام عائلات الأشخاص الموتى أبداً وأن أعزاءهم مسجلون كموتى في السجل المدني”، مضيفًا “نخشى وبقلق شديد على عشرات الألاف من الذين اختفوا قسراً في مراكز اعتقال النظام وأنهم لقوا حتفهم فيها”.
وبحسب تقرير الشبكة، فقد تم تأكيد وفاة طفلة عمرها ستة أعوام وطفل عمره 13 عاماً كان يعتقد أنهما مفقودان، ولكن تأكدت الآن وفاتهما. ولم يتم تقديم أي سبب للوفاة في الشهادات. واختطفت قوات الأسد يحيى بديع الدين حجازي المولود عام 1958 مع ابنه بدر البالغ من العمر 23 عاماً من حماة في 11 شباط/فبراير 2012، وفي نفس العام اعتقلت قوات الأمن ابنه الآخر وهو محمد الذي كان في عمر 21 عاماً ويقوم بالخدمة العسكرية الإلزامية. ونفى النظام ولعدة سنوات أنهم معتقلون، وفي الشهر الماضي حصلت الشبكة السورية على شهادات الوفاة للثلاثة، حيث سجلت الوفاة بفترة ستة أشهر بينهم، من 2013- 2014. وقامت الشبكة الحقوقية بعمل لم يقم به النظام وهو إخبار الناجين من عائلتهم. وتقول الشبكة إن المسؤولية تقع على أجهزة النظام المتعددة والتي يجب اتهامها بالتورط في جهود التستر على المعلومات وسجلات الوفيات.
وجاء في التقرير: “يعتبر النظام الذي تبناه النظام لتسجيل الوفيات للمختفين قسرا بدون إخبار هو دليل دامغ لاحتقار النظام المروع لحياة المواطنين الذين تعرضوا لهذا المستوى من البربرية التي تخترق وبشكل صارخ العرف والقانون”. ونفى المسؤولون في الماضي الاتهامات بالتعذيب المنظم والقتل الجماعي في السجون.
وبعد اعتقال الدغيم، استعانت عائلته بعدة محامين للبحث عنه والضغط على المسؤولين الذين أنكروا اعتقاله، ولم يحصلوا على جواب. ومرت الشهور، حيث أخبرهم معتقل سابق إنه شاهده في المطار بدمشق عام 2013، مما زاد من أمالهم بأنه لا يزال على قيد الحياة وأنه حر. ومرت سنوات أخرى بدون أي خبر عنه.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.