باريس: أول مؤتمر سوري ـ سوري يناقش فرض لاعبين جدد للتأثير في مسار الحل السياسي

أطلقت مبادرة سميت “مدنية” رسمياً مؤتمرها الافتتاحي الأول،أمس الثلاثاء، بحضور أكثر من 150 مؤسسة مدنية سورية من مختلف القطاعات والمناطق الجغرافية، حيث التقى ممثلو منظمات المجتمع المدني، في مؤتمر موسع في العاصمة الفرنسية باريس الثلاثاء، تحت عنوان “الأحقية السياسية للفضاء المدني السوري” في محاولة لجمع كافة الجهات الفاعلة المدنية تحت مظلة واحدة بهدف استعادة الفاعلية السياسية، ولتقديم وفرض نظراء قادرين على لعب دور قيادي في صناعة القرارات المتعلقة ببلدهم، والمطالبة بالأحقية السياسية ودور فعال للتأثير في كافة مسارات الوصول لحل سياسي.
وانطلق الاثنين في باريس اليوم الأول من المؤتمر على شكل ورشة عمل ناقش من خلالها مؤسسات المجتمع المدني أولويات العمل المدني ومقاربات العمل المشترك في إطار الرؤية المشتركة تحت مظلة مدنية.

رسالة سياسية قوية

التقت “القدس العربي” بالمحامي السوري، والناشط في مجال حقوق الإنسان، ممثل “المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية” في مؤتمر “مدنية” ميشال شماس الذي اعتبر أهمية المبادرة تأتي بكونها سوريا – سورية، وهو ما يجعلها قادرة على التأثير على الواقع والتحول السياسي.
وعبر عن أمله “أن تكون هذه المنصة رافعة من أجل تمكين مؤسسات المجتمع من عملية التحول السياسي على أساس أخلاقي وقيمي وليس على أساس سياسي”. وتحدث شماس عن تأثير منظمات المجتمع المدني والهدف من جمعها تحت مظلة واحدة، وقال “لا يمكن الفصل بين العمل السياسي والمدني، ومنظمات المجتمع المدني لا تطمح لاستلام سلطة سياسية، بل هدفنا هو تشكيل مجموعات وعامل ضغط على السلطة السياسية”.
وفي لقاء مع مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني الذي حضر مؤتمر باريس لـ “القدس العربي” اعتبر أن جمع كل هذا العدد الكبير من الأشخاص والمؤسسات الفاعلة بمعظمها، يوجه رسالة سياسية قوية عن وجود مجتمع مدني متماسك ومتنوع يعمل بقطاعات متنوعة ولديه دور فاعل، لاسيما أن غالبية هذه المنظمات هي مؤسسات معارضة للنظام السوري، تطالب بالحرية والانتقال السياسي. واعتبر عبد الغني أن هذه النقطة الأساسية في المؤتمر وهي “إيجابية طالما أنها تطالب بقضية سياسية محقة وتعمل على تحقيق انتقال نحو ديموقراطية واحترام حقوق الإنسان”.
ومن وجهة نظر نقدية اعتبر المتحدث أن هذا التنوع الغني لمؤسسات المجتمع المدني “يؤدي بالضرورة إلى صعوبة في التنسيق نظراً لتباين المؤسسات ونطلق عملها” آملاً بإنشاء مجموعات متقاربة تنسق فيما تحت مظلة “مدنية” الشديدة التوسع.
ويعرف القائمون على المبادرة على أنها مشروع مستقل عن أي نفوذ سياسي وأجنبي، بقيادة وتمويل سوري، تهدف إلى تعزيز الفاعلية السياسية للفضاء المدني السوري، ومهمتها حماية الفضاء المدني ودعم دور المجتمع المدني في بناء مستقبل سوريا. وتسعى إلى طرح بدائل تتعلق بمستقبل سوريا “بما يتناسب مع قيم الديمقراطية والعدالة والمساءلة والوصول للحقوق”.
ويجسد هذا الحراك، وفق القائمين عليه موقفاً واضحاً ضد التطبيع، واعترافاً بالجهود التي يبذلها الفاعلون المدنيون السوريون الذين ما زالوا يناضلون من أجل مستقبل ديمقراطي وسلمي لبلدهم في كافة المسارات. عضو الكادر التأسيسي لمبادرة مدنية غالية رحال قالت لـ”القدس العربي” إن المبادرة “ضرورة لوجود المجتمع المدني في الحالة السورية اليوم نظراً للعمل الجبار الذي قام به هذا المجتمع منذ بدايات الثورة وحتى الآن”، فالمجتمع المدني السوري هو اللبنة التي سيبنى عليها التغيير المستدام، من خلال اتباع نهج تصاعدي بخلق أرضية صلبة للتغيير المنشود.. ونعمل على ترسيخ الاحقية السياسية للمجتمع المدني والعمل الجماعي ليكون قوة ضاغطة تمتلك قرارات وتمتلك حلولاً”.
واعتبرت رحال أن “المبادرة قدمت طريقة جديدة للمشاركة مع المجتمع المدني بعيداً عن الجو التنافسي والاعتراف بالأحقية السياسية لمكونات المجتمع المدني بالعمل السياسي للتعاون والخروج بخطاب سوري، بدون تدخل أو أجندات خارجية، إذ تتمتع منظمات المجتمع المدني بقدرة فريدة على سد الفجوة بين الناس والكيانات السياسية”.

رحال: قوة مكملة لا منافسة

وقالت: المجتمع المدني قوة مكملة وليس قوة منافسة، بينما تتحمل الكيانات السياسية مسؤولية التفاوض على الحلول السياسية وتنفيذها، فإن المجتمع المدني يكمل جهودها بوجوده كداعم ورقيب، معتبرة أنه “من المؤكد أن أصوات 166 منظمة مجتمع مدني تحمل قيماً وإيماناً بالسعي للخروج بقرارات سورية بغض النظر عن الهوية الجغرافية سنصل وسننجح بمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وعلى رأسهم النظام السوري وتفعيل الحل السياسي المنصف للشعب السوري”.
وأضافت: “مدنية” ستحاول خلق مكان ليسمح لمن يرغب من المجتمع المدني بالتشاور والعمل المشترك لممارسة دوره، لا تسعى لأخذ مكان أو منافسة أحد، “الشبكات الاخرى أغلبها قطاعية أو جغرافية أما ما هو عابر لها فهو دائمًا حكر على المبعوث الخاص وغرفة الدعم أو المجلس الاستشاري أو مساحات أخرى، ولأول مرة هنا الاجتماع سوري – سوري وعابر مع الحفاظ على القيم والرؤى السياسية”.
ويحاول القائمون على مبادرة “مدنية” على فرض منظمات المجتمع المدني لتكون نظيراً في عمليات صنع القرار المتعلقة بسوريا، من خلال المطالبة بالأحقية السياسية للفضاء المدني، وفسح المجال لهذه المنظمات لأن تمارس دورها الحقيقي في تشكيل مستقبل البلاد، والتأثير على مسارات التنمية والمحاسبة.
ويقول القائمون على المبادرة بأن هدفهم من استعادة القدرة السياسية متجذر من اعتبار أنفسهم الجهات الفاعلة المدنية السورية التي يجب أن تشارك بنشاط في تشكيل جميع المسارات التي يمكن أن تؤدي إلى حل سياسي، على النحو الذي يحميه قرار مجلس الأمن نفسه. كما يؤكدون سعيهم للمشاركة بنشاط في منصات صنع القرار لضمان توافق إجراءات مختلف الجهات الفاعلة السياسية والدولية مع هذه الرؤية.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.