ماذا وراء التصعيد العسكري التركي ضد مناطق سيطرة النظام و«قسد» شمال سوريا؟

في إطار الانفتاح الفعلي على مسار تطبيع العلاقات السياسية بين تركيا والنظام السوري، أعلن الممثل الخاص لرئيس الاتحاد الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن اجتماع نواب وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري سيعقد في 21 حزيران / يونيو في أستانة.
لكن هذا الاجتماع سبقه تصعيد من قبل الجيش التركي ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وقوات النظام السوري في شمال وشرق سوريا، حيث شهدت الأيام القليلة الفائتة، تصعيداً من قبل الجيش التركي، أسفر ذلك عن مقتل عدد من قوات النظام وقيادات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وإصابة 11 من العسكريين بجراح. بينما أعلنت وزارة الدفاع التركية، الأربعاء، تحييد 41 من قوات “قسد” في منطقتي تل رفعت ومنبج شمالي سوريا، جاء ذلك بينما ألغى الجانبان التركي والروسي الخميس، تسيير دورية مشتركة في ريف الحسكة.
وقال بوغدانوف للصحافيين، إن وفدا روسيا كبيرا سيتوجه إلى أستانة في 21 حزيران / يونيو، حيث سيجري اجتماع على مستوى نواب وزراء الخارجية. وأعرب بوغدانوف عن أمله في أن تتحول مهمة الوساطة الروسية بشأن هذه القضية إلى “نجاح عام”. وتستضيف المدينة اجتماعاً رباعياً يضم نواب وزراء الخارجية من روسيا والنظام السوري وتركيا وإيران.
ويأتي هذا الاجتماع الرباعي بعد أن عُقد اجتماع آخر في موسكو في 10 أيار بمشاركة وزراء الخارجية من الدول الأربع، وذلك لبحث التقارب بين النظام السوري وتركيا.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، قد صرح في وقت سابق أن العمل الفعلي على خريطة طريق للتطبيع بين تركيا والنظام السوري قد بدأ، وذلك بعد تصريحات تركية تحدثت عن اتخاذ خطوة جادة نحو إعادة العلاقات مع النظام.
في غضون ذلك، شهد يوم أول أمس تصعيداً كبيراً من قبل الطائرات المسيّرة التركية على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، في ريف حلب، حيث شنت الطائرات المسيّرة التركية 7 غارات على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وأسفرت عن مقتل قيادات من قوات سوريا الديمقراطية، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، و 6 من مجلس منبج العسكري.
كما استهدفت طائرة مسيّرة مذخرة الأربعاء، موقعاً عسكرياً لقوات النظام في قرية مياسة بريف حلب الشمالي، وقال المرصد إن 5 من عناصر قوات النظام قتلوا، وأصيب 6 آخرون بجراح بليغة نقلوا على إثرها إلى المشافي في مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي جراء استهداف طائرة مسيّرة تركية لموقع عسكري تابع لقوات النظام على محور عين دقنة ضمن مناطق انتشار القوات الكردية في ريف حلب الشمالي. وترافق الاستهداف مع تحليق مستمر للطائرات الحربية الروسية في أجواء منطقة الشهباء بالتزامن مع تحليق لطيران الاستطلاع.
في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الدفاع التركية، الأربعاء، تحييد 41 إرهابياً من قوات قسد بعد رصدهم في منطقتي تل رفعت ومنبج شمالي سوريا. وأوضحت الوزارة في البيان أن المسيرات التركية ساهمت في العملية التي بدأت بعد اعتداء الإرهابيين قبل أيام على منطقة أونجو بينار الحدودية بولاية كيليس جنوبي البلاد. مشيرة إلى أن القوات التركية استخدمت الذخائر المصنعة محلياً. ولفت إلى أن عدد المحيدين في شمال سوريا منذ نهاية الأسبوع الفائت، ارتفع إلى “53 إرهابياً” حسب وكالة الأناضول التركية.
ويقف وراء التصعيد التركي وفق رؤية الباحث لدى مركز جسور للدراسات النقيب رشيد حوراني عدة عوامل أهمها الانتهاء من الانتخابات التركية، وتشكيل الحكومة خاصة من الوزراء المسؤولين عن الملف (الخارجية والاستخبارات والدفاع) وهم شخصيات عملوا في الملف السوري من جهة، ويدركون دور هذا الملف في سياسة تركيا وثقلها الاقليمي وأن التنازل فيه يضر ذلك. وأضاف لـ “القدس العربي” أن تركيا تدرك هذا، وما يدل على ذلك ما تنشره وسائل اعلامها، حول انهيار وتفكك جيش النظام، من جهة وتحكم داعميه في قرار النظام السوري من جهة ثانية. وقال “مثلا رأس النظام هاجم تركيا في قمة جدة، واتهمها بأنها تحمل الفكر العثماني الإخواني، لكنه عاد على قناة روسيا اليوم ليقول إن التقارب ممكن مع تركيا إن جدولت انسحابها”.
وقال: أيضاً تركيا تصعد قبل الاجتماع “ميزان القوة يميل لصالحها سواء بوحدات جيشها المنتشر شمال سوريا، أو بقدرة الفصائل وجاهزيتها القتالية التي تنفذ الهجمات على مواقع النظام”. إضافة لانشغال روسيا في أوكرانيا وتأثير ذلك على وجودها العسكري بسوريا.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.