روسيا تعترف بشنّ 230 غارة خلال حملة التصعيد الأخيرة التي استهدفت المدنيين وفصائل مقاتلة شمال غربي سوريا

عقد رئيس مركز التنسيق الروسي في دمشق والمنطقة الوسطى اللواء فاديم كوليت، ومدير الإدارة السياسية في القوات الحكومية اللواء حسن سليمان، الثلاثاء، أول مؤتمر صحافي حول الاستهداف الذي طاول الكلية الحربية في حمص مطلع الشهر الفائت، حيث اعترفت روسيا بشن 230 غارة جوية على المنطقة الخارجة عن سيطرة النظام السوري، شمال غربي البلاد، خلال حملة التصعيد الأخيرة التي تعرضت لها المنطقة.
ولم تتبن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الذي ضرب الكلية الحربية في حمص، وسط سوريا، في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أثناء حفل تخريج الضباط، والذي أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح. وأعلنت وزارة الصحة في حكومة النظام وقتئذ عن ارتفاع عدد القتلى إلى “89 شخصاً منهم 31 من النساء و5 أطفال”، بينما أفادت وكالة إعلام النظام الرسمية “سانا” أن عدد الإصابات بلغ 277 إصابة.
وتعرف المنطقة التي تم استهدافها بأنها منطقة عسكرية بالكامل، حيث تُحاط الكلية الحربية على بعد أقل من 1 كم بالفرقة الجوية 22 وقيادة قوات حرس الحدود، وفي نطاق أوسع تتواجد العديد من المطارات الحربية وقطاعات الدفاع الجوي.
وغداة الاستهداف شن التحالف السوري – الروسي حملة قصف مكثفة استهدفت الفصائل المقاتلة وتجمعات المدنيين شمال غربي سوريا، موجهة أصابع الاتهام إلى هناك.
وأدت حملة التصعيد والقصف العنيف من قوات النظام وروسيا في شهر أكتوبر/ تشرين الأول، لمقتل 66 شخصاً بينهم 23 طفلاً و13 امرأةً، وإصابة أكثر من 270 شخصاً بينهم 79 طفلاً، كما ارتكبت قوات النظام ثلاث مجازر أغلب الضحايا فيها من الأطفال والنساء، وفق إحصائيات الدفاع المدني السوري.
رئيس مركز التنسيق الروسي في دمشق والمنطقة الوسطى اللواء فاديم كوليت، اعترف الثلاثاء، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع مدير الإدارة السياسية في قوات النظام السوري حسن سليمان، بخصوص الرد على التفجير الذي وقع في الكلية الحربية في حمص، أن قوات النظام وروسيا شنت أكثر من 200 غارة جوية على محيط إدلب شمال غربي سوريا.
وقال كوليت: “نفذنا أكثر من 230 غارة جوية من قبل الطيران الروسي وأكثر من 900 مهمة نارية من قبل المدفعية الروسية والسورية على مواقع للتنظيمات تم خلالها القضاء على 200 بينهم 34 من متزعمي التنظيمات و15 خبيراً من جنسيات أجنبية وإصابة 450 آخرين وتدمير 1125 هدفاً”.
مدير الإدارة السياسية في الجيش العربي السوري اللواء حسن سليمان، قال وفقاً لوكالة النظام الرسمية “سانا” إن قوات النظام وبالتنسيق مع القوات الروسية العاملة في سوريا أطلقت سلسلة من العمليات النوعية والضربات المركزة التي استهدفت التنظيمات التي ارتكبت الاعتداء على الكلية الحربية بحمص في الخامس من الشهر الماضي”. وأدت الهجمات وفق سليمان إلى تدمير جميع المواقع والمقرات المستهدفة ومن ضمنها مستودعات الذخيرة والعتاد، والقضاء على مئات التابعين لما يسمى “هيئة تحرير الشام” و”الحزب الإسلامي التركستاني” وغيرهما من التنظيمات، كما أسفرت العمليات السورية الروسية المشتركة وفق المؤتمر “عن شلّ القدرات القتالية والتنظيمية ومنعهم من إعادة تجميع صفوفهم وخلق حالة من الفوضى والذعر فيما بينهم وباتوا يستنجدون بأسيادهم ومشغليهم إثر الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها”.
وفي الخامس من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أطلقت قوات النظام السوري وروسيا حملة تصعيد هي الأعنف منذ سنوات على مدن وبلدات شمال غربي سوريا وذلك انتقاماً من التفجير الذي وقع في الكلية الحربية في حمص.
المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية حسن أبو هنية، وجه في تصريح سابق لـ “القدس العربي” اتهامه للدول التي تملك مثل هذه التقنيات المتطورة، مؤكداً أن المجموعات المصنفة أمنياً لا تملك طيراناً مسيراً قادراً على التحكم عن بعد.
وقال أبو هنية: “نحن أسرى لرواية النظام السوري، ومن المعروف أن من يمتلك المسيرات على مستوى دول وهي الولايات المتحدة وتركيا وإيران. أما بالنسبة للتنظيمات الموجودة في تلك المنطقة فهناك 3 أنواع، هيئة تحرير الشام وهي المجموعة الأكبر في إدلب، وهناك فصائل الجيش الوطني، وهناك مجموعات أخرى تابعة لهيئة تحرير الشام مثل الحزب التركستاني وبقية فصائل الأجانب وهم تابعون للغرفة المشتركة لهيئة تحرير الشام. كما يتواجد في المنطقة تنظيم الدولة الموجود في الصحراء ومجموعة مغاوير الثورة التي تنتشر في قاعدة التنف”.
لكن كل هذه التنظيمات وفق الخبير “لا تمتلك مثل هذه التقنية التي تبعد بأقرب مسافة لها 150 كيلو متراً ولا أحد مثل هذه التنظيمات يمتلك مثل هذه التقنيات”. وقال: “شاهدنا ردة فعل النظام عندما ذهب لتوجيه رسالة مباشرة، حيث قصف مواقع لهيئة تحرير الشام وللحزب التركستاني، وهذا الأخير لا يملك سوى أسلحة متوسطة أو خفيفة، حتى تنظيم الدولة، عندما كان في أوج سيطرته وقوته كان يستخدم طيراناً مسيراً بدائياً، فهو لا يمكنه التحكم عن بعد. ومن المهم الإشارة إلى أن هذه التنظيمات عادة تحتفي بالتفجير، ولو كانت هي وراء الهجوم، كانت قد تبنت العملية. وعبّر المتحدث عن اعتقاده بأن “هناك لغزاً حول الموضوع وكلنا أسرى لرواية النظام بأن الهجوم نفذ بالطائرات المسيرة ولن نعرف من كان وراءه، ولكن بالتأكيد من يملك هذه المسيرات هم الأمريكان والأتراك والإيرانيون وبسهولة يمكن معرفة نوع المتفجرات المستخدمة”.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” في تقرير نشره يوم الجمعة الماضي، مقتل أكثر من 70 شخصاً (أكثر من ثلثهم من الأطفال و14 امرأة وأربعة عمال إغاثة)، وإصابة 349 آخرين، أكثر من ثلثيهم من الأطفال جراء تلك الحملة.
كما وثق التقرير نزوح أكثر من 120 ألف شخص خلال أسبوعين بسبب التصعيد الذي أثّر على أكثر من 43 مرفقاً صحياً، و24 مدرسة، و20 منظومة مياه من بين العديد من المرافق الأخرى.
وأثّر التصعيد على أكثر من 2300 موقع في إدلب وريف حلب، ويؤكد التقرير أن ذلك يشكّل أكبر تصعيد في شمال غربي سورية منذ عام 2019.
من جانبها، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن قوات النظام استخدمت ذخائر عنقودية محظورة على نطاق واسع الشهر الماضي بقصف مناطق في إدلب.
وأوضحت في تقرير أن “هجوماً بذخائر عنقودية محظورة على بلدة ترمانين شمالي إدلب، في 6 أكتوبر 2023، قتل مدنيَّيْن وجرح 9 آخرين. وفي اليوم التالي، التقط صبيّ عمره 9 سنوات وحدة ذخيرة لم تكن قد انفجرت عند ارتطامها بالأرض أثناء الهجوم، فانفجرت وأصابته مع اثنين آخرين بجروح”.
وكان هذا الهجوم جزءاً من حملة عسكريّة أكبر للنظام والقوات الروسيّة على شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة، بدأت في 5 تشرين الأول، وشملت حتى 27 تشرين الأول أكثر من “2300 موقع” في أنحاء إدلب وغرب حلب.
وتسببت الحملة في مقتل أكثر من 70 شخصاً، منهم ثلاثة عمّال إغاثة و14 امرأة و27 طفلاً، وإصابة 338 آخرين، ونزوح 120 ألف شخص جديد، وفقاً لـ”مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة” (أوتشا).
وتُطلق الذخائر العنقودية من الأرض بالصواريخ والقذائف المدفعية، وتُلقى من الطائرات. وعادة ما تتفرّق في الجوّ وتنشر العديد من الذخائر الصغيرة عشوائياً على مساحة بحجم مربّع سكني في مدينة. والعديد من هذه الذخائر لا تنفجر عند ارتطامها بالأرض، فتتحوّل إلى ما يُشبه الألغام الأرضيّة، التي يُمكن أن تقتل الناس وتشوههم، وتدوم لسنوات أو عقود ما لم يتمّ تطهيرها وتدميرها.
وقالت المنظمة إنها تحققت من صورة أطلعها عليها الدفاع المدني السوري وحددت موقعها، وهي لبقايا صاروخ أوراغان مغروسة في الأرض على رصيف بجانب مدرسة للبنين في ترمانين.
في منشور على صفحتها على “فيسبوك” بتاريخ 10 تشرين الأول/ أكتوبر، شاركت المدرسة صوراً للدفاع المدني السوري وهو يبحث عن بقايا ذخائر عنقوديّة حول مبنى المدرسة.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.