“أم الواجعات” في مدينة الرقة السورية والهوية البصرية ومجلس الشعب

أثارت الاحتفالات بالهوية البصرية الجديدة لسوريا موجة من الانتقادات في أوساط نشطاء وإعلاميين من الجزيرة السورية (دير الزور، الرقة، الحسكة)، بعد تهميش متعمّد من قبل الحكومة الجديدة للواقع المعيشي للسكان في تلك المناطق.

وتداول النشطاء رسومات العقاب الجديد المعتمد، بريشات ثلاث مدماة، كناية عن المحافظات الشرقية الثلاث، التي ما زالت تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية،. حيث قُتل الطفل علي عباس العوني برصاص عنصر من الأمن الداخلي أثناء جمعه للقمح من شاحنات، ما أثار غضباً شعبياً واسعاً في الرقة، حُمّلت من خلاله “قسد” والحكومة السورية مسؤولية ما حدث، فيما أصدر الأمن الداخلي التابع لـ “قسد” بياناً أعرب فيه عن ارتكاب أحد عناصره جريمة قتل الطفل، وتم اعتقاله، على حد قولهم، لمحاسبته.

وربط ناشطون عدم قدرتهم على الاحتفال بالهوية البصرية السورية بـ “أم الواجعات”، التي لم تستطع إخراج العوالق والحصى والرمال من عيون أهالي الرقة، في وصف مجازي عن عدم منح الأولوية لسكان المنطقة، ولا حتى في القنوات السورية الجديدة لحكومة الشرع، وأبسطها كان تمثيل مجلس الشعب.

وأم الواجعات هي أمينة الحسين، امرأة خمسينية تعمل بمهنة استخراج الأتربة والعوالق، وحتى الزجاج من العيون، عبر لعق العين بطرف لسانها وعصر المآقي لاستخراج ما يسبب التهابها. تجلس، في كل صباح، في ساحة المحافظة بمركز مدينة الرقة على رصيف أحد أفران الشارع، ويجتمع العشرات من نساء ورجال لتقوم بتنظيف عيونهم، بمبالغ بسيطة تتراوح بين 10-15 ألف ليرة للعين الواحدة، بينما لا تأخذ من الفقراء والأرامل والأيتام.

وعلّق الصحافي حسن عبدالله الخلف على الهوية البصرية السورية الجديدة دون مشاركة الجزيرة السورية: “كيف تضحك وأنت تغرق؟ الهوية البصرية آخر ما تبقّى من الجمهورية. في المجتمعات الخارجة من الحرب، تُقاس علامات التعافي بعودة القانون، وتماسك النسيج الاجتماعي، وعودة الحد الأدنى من الحياة الكريمة. أما في سوريا الجديدة، وبعد مرور ثمانية أشهر على سقوط نظام بشار الأسد، وهروبه من البلاد، وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة السيد أحمد الشرع، فإن العنوان الأبرز على واجهات الشاشات هو الهوية البصرية!”

وأضاف: “إنه احتفال بلا مضمون. مسابقة في اختيار الألوان، بينما الماء مقطوع، والخبز مفقود، والدواء نادر، والكهرباء ضوء ترف لا يُرى. جمهور عريض يهتف لشعار لا يعرف في غالبه ماذا يعني، ولا لماذا أُطلق أصلاً”.

وكتب الخلف، رداً على اجتماع مفوضية انتخابات المجلس بدمشق: “هل تجرؤ لجنة سبر الانتخابات على نشر أسماء من حضروا الجلسة اليوم من أبناء الرقة؟ أم أن السرية والتكتم هما القاعدة، منعًا لأي محاسبة أو رأي عام؟ لماذا يُمنع التصوير والتصريح إن كان التمثيل الشعبي نزيهًا وشفافًا؟
نحن أمام إعادة إنتاج لمشهد الولاء لا الانتخابات، حيث تُفصَّل المقاعد على مقاس الطاعة، والمؤسف أن عباءة المشيخة، التي صفقت لكل سلطة، ما زالت تتصدر المشهد. من لا يملك الجرأة على كشف الأسماء، لا يحق له ادعاء تمثيل الناس”.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.