تشير تقديرات إلى أن إدارة الهجرة تمنح يومياً ما يقارب ألفي جواز سفر في دمشق وريفها، وسط إقبال شديد من قبل المواطنين.
وعلى الرغم من إعادة فتح باب منح جوازات السفر منذ كانون الثاني/ يناير الماضي بعد توقف دام لشهر ونصف الشهر، إلا أن الازدحام الشديد ظل الميزة التي اتسمت بها دوائر الهجرة والجوازات، تماماً كما كان عليه الحال قبل سقوط نظام الأسد، وخصوصا فيما يتعلق بمنح الجواز السوري للمقيمين خارج البلاد، الذين كانت صلاحية معظم جوازاتهم قد انتهت.
تمييز بين أمرين
ولابد من التمييز بين أمرين عند السعي للحصول على جواز لمغترب، عبر قريب له يقيم داخل البلاد، وهما أن يكون الشخص قد غادر البلاد بصفة شرعية، أي عبر المنافذ الحدودية وبجواز سفر ساري المفعول، وهنا فإن الإجراءات بسيطة، كأن يقدم القريب البطاقة الشخصية أو إخراج قيد لصاحب الجواز مع بيان عائلي يثبت صلة القرابة، وصورة واضحة عن توقيع الشخص صاحب العلاقة.
أما إن كان الشخص قد خرج بصورة غير شرعية، أي تهريباً، فإن الإجراءات تصبح أكثر تعقيداً، فإضافة إلى الوثائق السابقة، عليه أن يبرز صورة عن الإقامة في الدولة التي يقطن فيها قريبه، وصورة فوتوغرافية من مكان يدل على أنه موجود في تلك الدولة، ثم يجري موظف الهجرة مكالمة فيديو مع صاحب العلاقة حصراً.
وحسب شهادات استمعت لها «القدس العربي» من العديد ممن يريد استخراج جواز سفر لأقاربه، فإن هذه الإجراءات كانت مُتّبعة في زمن النظام السابق، ولم يتغير شيء فيها بالنسبة للذين غادروا البلاد بطرق غير شرعية، وأثار ذلك انتقادات حول استمرارها.
أحمد المراجعين قال وهو يقف في طابور للحصول على جواز سفر لأخيه المقيم في دولة أوروبية: «الإجراءات ذاتها وكأنه لم يتغير شيء، نفس الازدحام، ونفس المدة الطويلة للحصول على الجواز، حتى أن هناك من يقف على باب مبنى الهجرة يعرض خدماته مقابل مبلغ مالي»، معرباً عن استيائه من كل هذه الطلبات على الرغم أن إبراز الإقامة يجب أن يعد كافياً لإثبات أن الشخص هو خارج البلاد.
مراجع ثان، وصل مبنى الهجرة والجوازات في السابعة صباحاً ليحجز دورا ويحصل على استمارة، لكنه احتاج لينهي معاملته حتى الثانية بعد الظهر، معرباً عن استغرابه من هذا الازدحام غير المبرر، ومن نشر إعلانات تتحدث عن أن استخراج جواز السفر بات لا يحتاج إلا لربع ساعة فقط، مشيراً إلى أن خاله، صاحب الجواز، لا يرغب بالعودة ويعمل هو لتجديد الجواز له حتى ست سنوات.
واعتبر مواطن ثالث خلال حديثه لـ«القدس العربي» أن الحصول على جواز السفر كان ومازال همّاً كبيراً على اعتبار أن الوثائق المطلوبة، وهي البيان العائلي وإخراج القيد، من الصعب الحصول عليها نظرا لحالة الازدحام التي تشهدها الأحوال المدنية بعد نقلها إلى مجمع في ساحة المرجة وسط العاصمة دمشق، داعياً إلى إلغاء العديد من الإجراءات التي كانت متّبعة في زمن النظام السابق.
وعلى الرغم من انتقال الأحوال المدنية وافتتاح فرع للهجرة والجوزات في مجمع «يلبغا»، إلا أن الدائرتين تشهدان ازدحاماً كبيراً، والكثير من المراجعين يقفون على الباب الرئيسي في حالة من الفوضى رغم محاولات الحرس تنظيم الدور.
وحسب أحد المنتظرين، فإن حالة الازدحام مردها أن معظم المراجعين يريدون الحصول على بيان عائلي أو إخراج قيد نتيجة توقف منح البطاقات الشخصية إلى بداية العام القادم، وهذا الازدحام يخلق مشاكل بين عناصر الشرطة والعديد من المراجعين، وهو ما شاهدته «القدس العربي» عندما بدأ مواطن بالصراخ والتهجم على أحد الحراس، الأمر الذي استدعى تدخل عناصر قوى الأمن الداخلي لإيقافه واقتياده إلى داخل المبنى للتحقيق معه، كما حاول مراجعان آخران الدخول إلى المبنى بطرق غير مشروعة على الرغم من محاولة الحرس ضبط الموقف.
حالة طبيعية
ورأت مصادر مطلعة في الهجرة والجوازات أن ما يحدث حالياً من ازدحام هو حالة طبيعية نتيجة التأخر في فتح فروع الهجرة والجوازات، وخصوصاً أن هناك الكثير من السوريين المقيمين في الخارج لم يكن لديهم جوازات سفر، وبالتالي بعد سقوط النظام بدأ معظمهم العمل للحصول على جوازات جديدة.
وفي تصريح لـ«القدس العربي» بيّنت المصادر أن فرعي الهجرة والجوازات في دمشق وريفها يمنحان يوميا ما يقارب ألفي جواز سفر، وهناك العديد من الإجراءات الجديدة ستتخذ مع بداية العام، والأمر لن يترك كما هو وخصوصاً فيما يتعلق بشكل جواز السفر الذي يتم العمل على تغيير هويته البصرية من دون أن يذكر تفاصيل أخرى عن الموضوع.
وقالت المصادر إن قيمة جواز السفر بالنسبة للمقيمين في الخارج تم تخفيضها من 300 إلى 200 دولارا، للدور العادي الذي يحتاج إلى 25 يوماً من تاريخ تقديم الطلب، وتراجعت قيمة الجواز المستعجل الذي يحتاج إلى يومين للحصول عليه، من 800 إلى 400 دولار.
وفيما يتعلق بالجواز المستعجل للمقيمين داخل البلاد، أوضحت المصادر أن قيمته تراجعت من 2.015 مليون ليرة إلى 1.6 مليون ليرة أي إلى ما يعادل 150 دولارا، مع توقف العمل بمنح الجواز العادي داخل البلاد حاليا.
المصادر كشفت أن إدارة الهجرة والجوازات «بدأت وبالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين بتقديم جواز السفر المستعجل في بعض السفارات السورية، أي باتت الطباعة تتم فيها، كتلك الموجودة في المملكة العربية السعودية وفي دولة الامارات العربية المتحدة، وسط آمال بتوسيع منح هذا النوع من الجوازات في سفاراتنا في دول أخرى».
وقالت إن «معظم السفارات السورية الأخرى تقدم خدمة الحصول على جواز السفر العادي مثل السفارات السورية في القاهرة والجزائر وقبرص والهند وغيرها».
القدس العربي