من داريا والمعضمية فجديدة عرطوز وقطنا إلى دروشا وخان الشيح وصولا إلى الكسوة والقرى المحيطة يمتد الريف الغربي لمدينة دمشق الذي يشهد في الفترة الأخيرة تصعيدا عسكريا حيث يهدف النظام إلى السيطرة عليه فيما يكمل الثوار طريقهم في صد تقدم النظام ومحاولة تحريره، الأمر الذي نجحوا فيه في بعض المناطق كمدينتي داريا والمعضمية اللتان سجل فيهما أطول صمود للثوار في تاريخ الثورة السورية، هي و مدن أخرى تعد ملجأ للمهجرين والنازحين من المناطق المشتعلة كمدينة الكسوة والقرى المحيطة بها .
و تعد الغوطة الغربية ساحة قتال في أغلب الحروب التي مرت على المنطقة مما لها من أهمية جغرافية من حيث موقعها،حيث تعد الصلة الوحيدة بين العاصمة دمشق والمحافظات الجنوبية كدرعا والقنيـــطرة وقرى جبل الشيخ. جميع المدن الواقعة في غوطة دمشق الغربية شاركت بالثورة منذ بداية الحراك السلمي الأمر الذي قابله النظام بوحشية لا توصف فقدمت الكثير من شبابها بين شهيد ومعتقل ومصاب وبالمقابل فقد تأخرت بالعمل العسكري مقارنة بنظيرتها الشرقية التي تحررت بالكامل مع مطلع العام الفائت.
وفي حديث خاص لـ «القدس العربي» مع (أبو صلاح) أحد القياديين في الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام أحد أبرز القوى العسكرية في الغوطة الغربية حول تأخر تحرير الغوطة الغربية فقد بين أهمية المنطقة للنظام الذي يعتبرها مركز ثقل له باعتبارها أحد خطوط الدفاع الهامة عن العاصمة السورية دمشق في وجه أي عدوان خارجي وخاصة «العدوان الإسرائيـــلي» الأمر الذي يبرر كثرة القطع العسكرية في المنطقة والأعــــداد الهائلة لقوات النظام فيها كالفرقة الأولى والفرقة السابعة واللواء 68 والفوج137 مدفعية إضافة لانتشار قوات النـــظام على التلال والمرتفعات المحيطة التابعة لهذه الفرق التي يستخدمها النظام حاليا لقصف مدن الغوطة، كما بين أن انتشار عناصر الفرقة العاشرة في أراضي قطنا وتواجد قيادة الفيلق الثاني وبعض كتائب الفرقة 14 «قوات خاصة» يعيق من حركة الثوار ناهيك عن تمركز الفرقة الرابعة التي تعد أهم الفرق المقاتلة في الجيش النظامي في جبال المعضمية .
وأوضح ان «هذه القطع العسكرية تفصل بين بلدات الغوطة الغربية وتذيقها ويلات القصف العشوائي كل يوم إضافة إلى كونها تقطع الطريق بين المدن مما يبطيء العمل العسكري المشترك بين قوات المعارضة في هذه المدن، فيما استباح النظام الكثير من الأراضي جعل منها مستوطنات يسكنها الضباط وأبناء الطائفة العلوية المؤيدة له كمساكن يوسف العظمة ومساكن سرايا الصراع ومساكن قطنا ومساكن الكسوة التي باتت اليوم ثكنات عسكرية يحرسها اعداد ضخمة من قوى النظام إضافة لمساهمتها في تغيير التركيبة السكانية للمنطقة مما أدى لضعف الترابط السكاني والنسيج الاجتماعي بين بلدات مدن الغوطة الغربية وهذا ما عمل عليه النظام في بلادنا منذ استلامه الحكم». فيما أكد أن طبيعة المنطقة الجغرافية الصعبة تفرض أشكال جديدة للمعارك وتحدد نوعية الأسلحة المستخدمة من قبل الثوار حيث أن المنطقة تحوي الكثير من الأراضي الوعرة وخاصة القرى المحيطة بالكسوة كزاكية والطيبة وعين البيضا.
وأضاف ان من أهم الأسباب التي أخرت العمل العسكري في المنطقة استضافة معظم مدن الغوطة الغربية للأهالي اللاجئين من المدن المحاصرة التي تخضع لمحاولات اقتحام يومية حيث لم يبق فيها إلا المقاتلين مع القليل من المدنيين كداريا والقدم فيما يجعل الضغط السكاني الهائل في الكسوة والطيبة و المقيليبة وزاكية ومخيم خان الشيح حيث أصبحت هذه المدن ورقة ضغط على الثوار حيث يلجأ إلى قصفها عند القيام باي عمل عسكري ضد القطع العسكرية في المنطقة مما يودي بحياة الكثير من المدنيين أطفالا ونساء ورجالا …
من جانب أخر فإن المنطقة يخترقها اهم شريانين للنظام في جنوب سوريااستراد درعا واستراد السلام اللذان يعتبران الطريق الواصل بين دمشق ومحافظتي درعا والقنيطرة وبالتالي فالنظام يحارب بشراسة لتأمين هذين الطريقين حيث يشكلان اهم تحدي له في المنطقة مما يدفعه للقبول بالكثير من الخسائر في مقابل الحفاظ عليهما تحت سيطرته وهو ما كان جليا في معركة قرية الثورة الأخيرة التي استمرت اكثر من أسبوع أدت إلى خسارة النظام فيها لمئات الجنود وعشرات الاليات وهدم المنطقة بكاملها بوابل من القذائف من الجبال المحيطة، في مقابل تأمين استراد درعا القديم .
كما بين أن الثوار اليوم يقدمون الكثير في الغوطة الغربية بكافة مدنها فيما يعمل النظام جاهدا لإحكام السيطرة عليها، فبعد استعصاء داريا عليه عسكريا لجأ للتفاوض مع القادة فيها ولكنه لم يتمكن من لي ذراعهم ووعدهم بزرعها بالبراميل المتفجرة نتيجة عدم قبولهم الهدنة.
فبدأ بعملية قصف ممنهجة بالبراميل المتفجرة حيث لا يقل عدد البراميل الملقاة على عموم أرجاء المدينة عن العشرين برميل يوميا لتغير ما تبقى من معالم المنطقة ويهدم الأبنية المتبقية فيها.
أما عن مخيم خان الشيح والمدن المحيطة به فقد أفاد المصدر بقيام عدة اعمال عسكرية منها ما كتب له النجاح بشكل كامل ومنها ما نجح بشكل جزئي حيث أن قوات المعارضة ترابط على كافة الجبهات المحيطة بالمنطقة وتعمل لفك الحصار عن داريا والمعضمية وتأمين طرق الامداد لهم ولها. وأضاف «لكن الامر ليس بالسهل مع كل هذه المعطيات»، وفي سياق متصل فقد بين أن ثوار درعا والقنيطرة يعملون اليوم بهدف التقدم نحو العاصمة وقد أحرزوا بعض التقدم من خلال سيطرتهم على الكثير من القطع والتلال العسكرية في طريقهم للعاصمة من مدخلها الغربي مرورا بمخيم خان الشيح وما حوله من البلدات المجاورة الأمر الذي أوجب الحفاظ عليها بشكل لازم .
وفي نهاية الحديث فقد أكد أهمية التنسيق بين القوى العاملة في عموم البلدات للتمكن من تحرير المنطقة بين درعا وخان الشيح لتحرير ما بينهما والتقدم باتجاه داريا والمعضمية لكسر الحصار عنهما بخطوط إمداد آمنة ومناطق واسعة خاضعة لسيطرة الثوار من الممكن تامين المدنيين فيها بعيدا عن القصف المستمر من قبل قوات النظام.. حيث ستكون «عملية التحرير الحقيقية التي تجنب المناطق حصار النظام لمنطقة دون أخرى وتأمن خطوط جبهات واضحة للعمل باتجاه السيطرة على العاصمة» حسب تعبيره .
حازم صلاح
