الأطفال السوريون يحولون حفرة صنعتها البراميل المتفجرة الى بركة سباحة

 لم يحدث تطور في العمليات العسكرية، بل بدأ نظام بشار الأسد يحقق تقدما في بعض المناطق التي يسيطر عليها الثوار.. ولا يبدو الوضع مختلفا على الصعيد السياسي، ورغم ذلك يقول سوريون: هناك ما يدعو للأمل.

مصدر الأمل الذي يشعر به السوريون، والذي يعترفون به دون خجل أو مواربة هم «الأطفال» الذين أخرجوا من رحم المعاناة ما يدعو للأمل.

ضياء علي، وقف أمام صورة لـ «حفرة» مملوءة بالماء، أحدثها انفجار أحد براميل بشار المتفجرة في ماسورة مياه بأحد أحياء حلب، وقد لفت انتباهه أن الأطفال يلهون في تلك الحفرة وكأنها مسبح.

وقال ضياء تعليقا على هذه الصورة التي نشرها الائتلاف السوري المعارض على صفحته بالفيس بوك: « اطفالنا ايجابيون وعظماء وينظرون للجزء المملوء دائما، فلنتعلم منهم قليلا».
واهتمت ليلى أحمد هي الأخرى بهذه الصورة، واختارت لها تعليقا يعكس روح التحدي والإصرار، وقالت: « كيف يهزم شعب هؤلاء اطفاله».

واختارت فايزة جلابي الحديث عن مقومات الشخصية السورية للتعليق على الصورة، قائلة: « أطفال لشعب عشق الحياة والفرح».

وبالحماس والأمل نفسهما استقبل سوريون صورة أخرى لطفل سوري يحمل حقيبته المدرسية على ظهره، بينما يدفع بكلتا يديه طفلا آخر يجلس على كرسي متحرك، والابتسامة تعلو وجه الطفلين، وقال حسن الخطيب تعليقا على الصورة: « صغارنا: روحكم الكبيرة تمدنا بالعزيمة».

ووصفتهم لارا عمور بـ»شموع الثورة» وقالت تعليقا على الصورة: «أطفالسوريا شموع الثورة… الله يحميكم».

ما قالته « لارا « لم يكن وصفا، بحسب هيلين محمد، التي ذكرت في تعليقها بأن الأطفال السوريين هم من أشعلوا شرارة الثورة وقالت: «بدأت بهم الثورة وستنتهي أيضا ان شاء الله «.

واشتعلت الشرارة الأولى للثورة السورية في مدينة درعا «جنوب سوريا»، حيث قام الأمن باعتقال خمسة عشر طفلا إثر كتابتهم شعارات على جدار مدرستهم تنادي بالحرية وتطالب بإسقاط النظام بتاريخ 26 فبراير/ شباط 2011، وعلى إثر اعتقال أطفال درعا والإهانة التي تعرض لها أهاليهم، تم الدعوة لاحتجاجات ضد الاستبداد والقمع والفساد وكبت الحريات في 15 مارس / آذار من العام نفسه.

ومنذ مارس / آذار عام 2012 وحتى الآن والأجواء في سوريا يغلفها صوت الرصاص والقنابل، وهو ما جعل هناك «اعتيادا « على الألم، تحول مع الوقت إلى «التأقلم معه»، وهو أحد التفسيرات التي يقدمها أحمد عبد الله استشاري الطب النفسي بجامعة الزقازيق (دلتا النيل) لصور أطفال سوريا التي يغلفها الأمل.

وقال عبد الله: «الأطفال يريدون أن يعيشوا ويستمتعوا بطفولتهم، فتأقلموا مع مشاهد التدمير وصوت القنابل كي يستمروا في الحياة».

ولكن الوصول لهذه الحالة لا يمكن تعميمه، لأن هناك بالطبع أطفالا فقدوا القدرة على ممارسة أنشطتهم الطفولية بسبب الأحداث، وهذا يرجعه استشاري الطب النفسي إلى وجود نزعتين داخل كل شخصية، هما نزعتا الموت والحياة.

وقال: « قد يتعرض شخصان لنفس الظروف القاسية، ولكن نزعة الموت تغلب على شخصيته، فيستسلم لها، وفي المقابل تسيطر على شخص آخر نزعة الحياة فيتمكن من التأقلم مع تلك الظروف… وقد يختلف تعامل الشخص الواحد مع نفس الظروف من مرحلة لأخرى».

ويتوقف تأثر الشخصية بنزعة الموت أو الحياة على حصول الشخص على احتياجاته الأساسية وتمتعه بشبكة دعم أسري ورعاية صحية ونفسية، بحسب عبد الله.

وأضاف: « كلما توفرت هذه المقومات، كلما أثر ذلك على تمكن نزعة الحياة منه، والعكس صحيح».

الأناضول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.