غداة زيارة وفد روسي تل أبيب، التي انتقل منها إلى برلين وباريس أمس لمناقشة ملف «عودة اللاجئين السوريين»، أسقط الجيش الإسرائيلي مقاتلة سورية من طراز «سوخوي» قال إنها اخترقت خط «فض الاشتباك» في الجولان المحتل، الأمر الذي نفته دمشق وأثار تحذيرات دولية من «التصعيد».
وفي تطور لافت، ربطت موسكو أمس بين بقاء القوات الأميركية في سورية والتعاون معها في شأن اللاجئين. ولفتت وزارة الدفاع الروسية إلى «عدم وجود أسباب قانونية موضوعية لقيام عسكريين أميركيين بمزيد من العمليات في سورية»، وقالت: «في حال لم تجد واشنطن إمكاناً للتعاون مع موسكو في شأن اللاجئين في سورية، فالأفضل لها الانسحاب».
وزار وزير الخارجية سيرغي لافروف ورئيس الأركان الروسي فاليري غيراسيموف باريس قادمَيْن من برلين. وأوضح بيان للخارجية الروسية أن لافروف وغيراسيموف ناقشا خلال لقائهما المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في برلين «الوضع حول التسوية في سورية، بما فيه المهمات المتعلقة بعودة اللاجئين وتقدم العملية السياسية».
وفي بيروت، قال مكتب رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، إن روسيا تجري محادثات مع بلاده عن خططها في شأن العودة الجماعية للاجئين، مضيفاً أن لبنان عبّر عن أمله في أن تتصدى مبادرة الكرملين لما وصفه «بأزمة النزوح».
وناقش الحريري الخطط الروسية مع مسؤولين من السفارة الروسية في بيروت أمس، وقال مكتبه إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيبعث في وقت لاحق من الأسبوع الجاري ممثلاً خاصاً إلى بيروت مع نائب وزير الخارجية ومسؤول في وزارة الدفاع، لمواصلة المحادثات. وذكر أن الحريري «يترقب خريطة الطريق الروسية، متطلعاً إلى أن يشكل التنسيق مع الإدارة الأميركية والأمم المتحدة جهداً جدياً لمعالجة أزمة النزوح».
وكانت إسرائيل أعلنت أمس إسقاط طائرة سورية من طراز «سوخوي» اخترقت المجال الجوي فوق هضبة الجولان المحتل، لكن دمشق أكدت أن الطائرة استُهدفت أثناء مشاركتها في عمليات ضد المعارضة على الأراضي السورية.
واعتُبرت الخطوة الإسرائيلية «ترسيخاً للخطوط الحمر» التي فرضتها إسرائيل قبل التسامح مع سيطرة النظام السوري على المناطق المتاخمة للجولان المحتل بجنوب غربي سورية، فيما صعّد الحادث من التوتر القائم منذ أسابيع على حدود الجولان حيث وضعت إسرائيل قواتها في حال تأهب.
ودوت صفارات الإنذار للمرة الثانية خلال يومين في هضبة الجولان المحتلة، ورأى شهود أثر صاروخين في السماء. وقال الجيش إنه أطلق صاروخين من طراز «باتريوت» لاعتراض طائرة «سوخوي» سورية بعد أن قطعت مسافة كيلومترين داخل مجال جوي تسيطر عليه إسرائيل برغم تحذيرها.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس: «أسقطناها وتحطمت… على الأرجح في الجزء الجنوبي من الجولان السوري». وأضاف: «ليس لدينا أي معلومات عن الطيارين. ليس لدي علم بأي أنباء عن رصد مظلات، ولا نعلم هل عُثر على أي طيار».
لكن «المرصد السوري لحقوق الانسان» أفاد بأنه رصد مقتل عقيد طيار في قوات النظام من طاقم الطائرة الحربية، فيما لا يزال مجهولاً مصير الطيار الآخر، وهو ما أكده مصدر عسكري سوري لوكالة «سبوتنيك» الروسية، مشيراً إلى أن العقيد الطيار السوري عمران مرعي قُتل، فيما لا يزال مصير الطيار الآخر مجهولاً.
وشدد بيان الجيش الإسرائيلي على «مواصلة اتخاذ إجراءات في مواجهة» أي خرق لاتفاق الأمم المتحدة لنزع السلاح المبرم عام 1974، والذي أسس لمناطق عازلة في هضبة الجولان.
وعلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على الحادث قائلاً: «اكتشفت دفاعاتنا الجوية طائرة تابعة لسلاح الجو السوري تقلع من مطار تيفور (في ريف حمص) وتخترق المجال الجوي الإسرائيلي». واعتبر أن «هذا خرق سافر لاتفاقية فك الاشتباك بيننا وبين سورية»، مضيفاً: «أوضح مرة أخرى أننا لن نقبل بأي خرق مثل هذا، وبأي اختراق او انزلاق للنيران، لا براً ولا جواً»، مطالباً بـ «احترام اتفاقية فك الاشتباك بحذافيرها».
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله: «العدو الإسرائيلي يؤكد تبنيه الإرهابيين، ويستهدف إحدى طائراتنا التي تدكُ تجمعاتهم في صيدا (جنوب) على أطراف وادي اليرموك في الأجواء السورية». كما نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصدر عسكري تأكيده أن طائرة السوخوي «لم تدخل أجواء الجولان المُحتل».
إلى ذلك، حذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية نيكولاي ملادينوف من «مسار مزعج من المواجهات الخطيرة والمتكررة» بين إسرائيل وسورية. وقال أمام مجلس الأمن: «أدعو الأطراف كافة إلى التزام كل بنود اتفاق عام 1974، ودعم دور قوة مراقبة فض الاشتباك والمراقبة التابعة للأمم المتحدة» التي تراقب اتفاقاً بين إسرائيل وسورية في هضبة الجولان.
الحياة