أظهرت دراسة استقصائية أجراها مركز «السياسات وبحوث العمليات» ومقره غازي عنتاب أن 63% من السوريين داخل مناطق سيطرة النظام يرغبون في الهجرة، مقابل 36.5% ما زالوا متمسكين بالبقاء.
وجاءت هذه الأرقام من استطلاع آراء عينة عشوائية من 600 شخص ذكوراً وإناثاً من فئات عمرية وتعليمية متفاوتة ومستويات معيشية مختلفة يعيشون في دمشق التي قدّرت الأمم المتحدة في عام 2020 عدد سكانها بنحو 1.8 مليون نسمة، أي 10% من عدد سكان سوريا.
وبيّنت الدراسة التي أعدها الباحث في المركز، سلطان جلبي، أن النسبة الكبرى من الراغبين في الهجرة هم بالدرجة الأولى الشباب، يليهم غير المتزوجين، ثم الحاصلون على تعليم عالٍ. ورأت الدراسة في ذلك تهديداً للاستقرار الاجتماعي في سوريا، فالخسارة السكانية المحتملة ستكون فادحة لأن الراغبين في الهجرة من الفئات العمرية المنتجة والمؤهلة علمياً.
وحسب الدراسة، فإن الراغبين في هجرة دائمة يتطلعون إلى الدول الغربية، لما تمنحه للاجئين من حقوق على أراضيها. أما الراغبون في هجرة مؤقتة من أجل العمل، فعينهم على الدول العربية لا سيما دول الخليج.
كما أظهرت الدراسة أن الدافع الأبرز للهجرة لدى 60% من العينة هو الظرف المعيشي القاهر والذي تفاقم في العام الأخير، يليه البحث عن فرص عمل والهروب من الخدمة العسكرية الإلزامية.
في المقابل، برزت دوافع البقاء بعدم توفر المقدرة المالية لدفع تكاليف الهجرة والتي تتطلب بالحد الأدنى 8 آلاف دولار أميركي. وتشير الدراسة إلى أن «ضعف الموارد المالية هو سبب دافع للهجرة ومانع لها في نفس الوقت»، وإذا توفر المال أو طرق هجرة أقل تكلفة، قد يحوّل الرغبة إلى قرار. كما عدّت الدراسة الارتباطات العائلية والاجتماعية من دوافع التمسك بالبقاء، وانتفاء هذا الدافع رهن قرار العائلة نفسها أو تفتت المجتمع المحلي نفسه.
على مقعد في «حديقة الجاحظ» بحي الروضة بدمشق جلس شاب وشابة تحت شجرة يتبادلان حديث العتب أو ربما الوداع فسرعان ما علت أصواتهما، بدت غاضبة وهي تلومه: «بعودتك خربت كل شيء كان لديّ أمل بالنجاة والسفر لكنك هدمت كل شيء». حاول الدفاع عن قراره بشرح ما جرى: «لم يكن لديّ خيار آخر مرضتْ أمي وجئت أودّعها، أنا لم أكن سعيداً في الخارج، صح كان لديّ عمل ولكن لم يك هناك حياة اجتماعية كنت وحيداً ممزقاً قلقاً، ظننت أن الحرب انتهت وإذا عدت ومعي المال سيكون وضعي أفضل، ونتزوج ونبقى ضمن محيطنا وبيئتنا… لم أتمكن من الاندماج مع محيط غريب عني بكل شيء» وكان ردها مبللاً بدموع غزيرة: «لكني نبّهتك أني لم أعد أطيق البقاء وهذا المحيط يخنقني».
الشرق الأوسط