أعلنت أنقرة على لسان وزير خارجيتها مولود جاووش، استعدادها للتعاون مع النظام السوري في مجال مكافحة الإرهاب واللاجئين والحل السياسي في سوريا، شريطة “جدية” النظام.
ويشي حديث الوزير بتقدم المحادثات التي أجراها المبعوث الروسي إلى الشرق الأوسط ألكسندر لافرنتييف في العاصمة أنقرة مع الجانب التركي، والتي ركزت على العملية العسكرية التي تهدد بها تركيا إعلامياً على الحدود مع سوريا لإبعاد “قسد”، وعلى تعزيز العلاقات بين تركيا والنظام السوري.
وقالت وزارة الخارجية التركية إن الوفد التركي طالب نظيره الروسي خلال المشاورات، بتطبيق مذكرة التفاهم الموقعة مع موسكو في تشرين الأول/أكتوبر 2019 المتضمنة إبعاد “قسد” عن حدودها الجنوبية.
يأتي ذلك في الوقت الذي ما زال الغموض يكتنف مصير المناطق السورية التي تطالب تركيا بانسحاب قوات سوريا الديمقراطية (قسد) منها، وتسليمها للنظام السوري، وهو هدف أنقرة من العملية العسكرية التي هددت بشنها في الشمال السوري، رداً على التفجير الذي وقع في إسطنبول في 13 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وكانت مصادر تركية رسمية قد كشفت أن أنقرة طالبت في اجتماع مع الوسيط الروسي بانسحاب “قسد” من منبج وعين العرب/كوباني وتل رفعت في أرياف حلب، ليرد الروس بمقترح انسحاب مقاتلي “قسد” بأسلحتهم من منبج وكوباني مع الإبقاء فقط على القوات الأمنية “الأسايش” بعد دمجها في قوات الأمن التابعة للنظام السوري، مقابل تخلي تركيا عن العملية العسكرية البرية. وتابعت أن الجانب الروسي تحدث عن موافقة “قسد” على مقترح الانسحاب بشرط عدم تنفيذ تركيا هجومها البري.
لكن المصادر الكردية ما زالت تنفي التوصل لاتفاق بين روسيا و”قسد” على تسليم منطقتي منبج وكوباني للنظام السوري، وأكدت أن “قسد” رفضت المقترحات الروسية بتسليم المنطقة من دون أي اعتراف رسمي، كما نفت قبول “قسد” دمج قوات “الأسايش” مع شرطة النظام.
وقال موقع “باسنيوز” إن الطرفين لم يتوصلا إلى اتفاق لانتشار النظام في مناطق الشهباء شمالي حلب إداريا، للعمل مع مؤسسات “الإدارة الذاتية”. أما الخبير بالشأن الكردي والمقرب من “الإدارة الذاتية” التابعة لـ”قسد” الدكتور فريد سعدون، فقد استبعد في حديثه لـ”القدس العربي” أن توافق “قسد” على الانسحاب من عين العرب، نظراً للرمزية العالية للمدينة، مؤكداً أن “قسد لن تغامر بالتنازل عنها أو حتى التهاون فيها، والانسحاب منها سيكون حكماً بعد قتال شرس”.
غير أنه لم يستبعد في الوقت ذاته انسحاب “قسد” من منبج لصالح قوات النظام، مرجعاً ذلك إلى أن “قسد” لا تتلقى الدعم من أمريكا غربي نهر الفرات أولاً، وثانياً لأن منبج شبه محاصرة من أكثر من جهة، وتنتشر في محيطها جيوش وفصائل وخاصة الجيش السوري، وهي منطقة نفوذ روسي، وبالتالي من الصعوبة بمكان الاحتفاظ بها.
أما بخصوص تل رفعت، فيبدو للخبير الكردي أن النظام لن يسمح بتسليم تل رفعت إلى تركيا والفصائل الموالية لها، وذلك لحساسية موقع تل رفعت التي تطل على بلدات نبل والزهراء ذات الخصوصية “الشيعية”.
وترى مصادر أن احتمالية دخول تركيا في مفاوضات على المستوى السياسي مع النظام السوري باتت أكبر، بعد تلاقي مصالح أنقرة ودمشق عند نقطة العداء لـ”قسد”، واللاجئين، وغيرها من الملفات الأخرى.
وما يؤكد ذلك، إعلان المتحدث باسم حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا، عمر تشيليك، قبل أيام أن بلاده قد تتعاون مع نظام الأسد لمواجهة “التهديدات الإرهابية”. وتابع بأن إن تركيا ونظام الأسد قد يتعاونان في نطاق إزالة التهديدات الإرهابية تجاه تركيا، وكذلك في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، معتبراً أن مثل هذا النوع من التعاون سيؤتي ثماراً عالية الكفاءة.
وأضاف تشيليك “ذكر رئيسنا أردوغان أيضاً أنه يمكن أن يكون هناك اجتماع على أعلى مستوى، سوريا تحت تهديد التنظيمات الإرهابية، وبدأت أكثر من منظمة إرهابية تهدد الاستقرار في سوريا بشكل جدي، والدول الغربية تقدم الدعم لهذه التنظيمات، وهذا تهديد لوحدة أراضي سوريا، تركيا لا تريد تقسيم سوريا، لطالما دعمت تركيا السلام، ويجب أن يكون هناك حوار في هذه المرحلة”.
القدس العربي