يعتبر اللاجئون الفلسطينيون في سوريا من أكثر الفئات تضرراً من النزاع الدائر خلال الحرب التي شنها النظام على الشعب السوري في البلاد منذ عام 2011، حيث قتل أكثر من 4000 لاجئ فلسطيني وأصيب أكثر من 15000 آخرين، بينما يعيش أكثر من 90 % من لاجئي فلسطين في سوريا تحت خط الفقر وسط أزمات اقتصادية ومعيشية، وتدهور الوضع الأمني، وتراجع في كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، والتعليمية والطبية وغيرها.
مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، أفادت في تقرير حديث لها أن إحصاءات المجموعة وبالتزامن مع يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، تشير إلى وجود 3076 معتقلاً فلسطينياً في سجون الأجهزة الأمنية السورية ممن تمكنت المجموعة من توثيقهم. وأضافت المجموعة الحقوقية التي مقرها لندن، أن من بين المختفين أطفالاً ونساء وكباراً في السن، وصحافيين، وناشطين، وحقوقيين، وعاملين في المجال الإغاثي والإنساني، وأطباء، وممرضين.
وبيّنت أن السلطات السورية مسؤولة عن نحو 90% من حالات الاختفاء القسري، أما البقية فهم لدى فصائل المعارضة المسلحة.
وجددت مجموعة العمل مطالبتها السلطات السورية بالإفراج والإفصاح عن المعتقلين الفلسطينيين الذين يعتبر مصيرهم مجهولاً، مؤكدة أن ما يجري داخل المعتقلات السورية للفلسطينيين “جريمة حرب بكل المقاييس”. وشددت على ضرورة الكشف عن أعداد وأسماء وأماكن دفن من قضوا تحت التعذيب، مشيرة إلى أن من حق الأهالي التأكد من مصير أبنائهم؛ هل هم في عداد الضحايا أم أحياء.
رئيس قسم الإعلام في مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، فايز أبو عيد، قال في تصريح لـ “القدس العربي” إن الأمن السوري قتل 643 لاجئاً فلسطينياً تحت التعذيب في معتقلاته، بينهم نساء وأطفال وكبار في السن، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تكون أعداد المعتقلين وضحايا التعذيب أكبر من المعلن عنه، وذلك بسبب غياب أي إحصاءات رسمية صادرة عن الأجهزة الأمنية السورية، بالإضافة إلى تخوف بعض أهالي المعتقلين والضحايا من الإفصاح عن تلك الحالات خوفاً من ردة فعل الأجهزة الأمنية السورية.
وبيّن المتحدث أن فرق الرصد وثق عمليات اعتقال مباشرة لأشخاص على حواجز التفتيش أو أثناء الاقتحامات التي ينفذها الجيش داخل المدن والقرى السورية، أو أثناء حملات الاعتقال العشوائي لمنطقة ما.
لكن بعد الاعتقال يتعذر على أي جهة التعرف على مصير الشخص المعتقل، وفي حالات متعددة تقوم الجهات الأمنية بالاتصال بذوي المعتقل للحضور لتسلم جثته من أحد المستشفيات العسكرية أو الحكومية العامة.
ووفقاً للمتحدث، فإن 129 لاجئة فلسطينية ما زلن في حالة إخفاء قسري لدى الأجهزة الأمنية والسجون السورية، حيث اعتقلن على بوابات ومداخل المخيمات الفلسطينية والحواجز الأمنية في المدن السورية، إذ لا يخلو مخيم من المخيمات من وجود معتقلات من نسائه في سجون النظام والمجموعات الموالية له.
ولا يزال مصير المعتقلات مجهولاً، فأجهزة الأمن السورية تتكتم على مصير وأسماء المعتقلات الفلسطينيات لديها، الأمر الذي يجعل من توثيق المعلومات عنهن أمراً في غاية الصعوبة.
ووفقاً لشهادات وثقتها مجموعة العمل، فقد تعرض المعتقلون الفلسطينيون في السجون السورية لكافة أشكال التعذيب والقهر الجسدي والنفسي والاعتداء الجنسي، وفي هذا مخالفة واضحة للإعلان العالمي بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والنزاعات المسلحة الصادر في عام 1974 في المادة رقم (5) منه، التي نصت على اعتبار هذه الممارسات إجرامية: “تعتبر أعمالاً إجرامية جميع أشكال القمع والمعاملة القاسية واللاإنسانية للنساء والأطفال، بما في ذلك الحبس والتعذيب”.
وكان المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، فيليب لازاريني، قال الأسبوع الماضي في تصريحات صحافية، إن اللاجئين الفلسطينيين في سوريا واجهوا كارثة تلو الأخرى، بسبب الحرب التي اندلعت في البلاد عام 2011.
وأشار، خلال كلمة ألقاها أمام اللجنة الاستشارية بشأن “الأونروا”، إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في سوريا عانوا من النزاع، والأزمات الاقتصادية، والزلزال المدمر، وانهيار الاقتصاد، وتدهور الوضع الأمني، في حين أن أوضاعهم الإنسانية خلال تلك الفترة زادت سوءًا، ما أثر سلباً على كافة مناحي حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والطبية والنفسية.
كما كشف المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) فيليب لازاريني، خلال اجتماعه مع ممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الذي عقد في جنيف بداية عام 2023 لإطلاعهم على مقترح ميزانية الأونروا لعام 2022، أن أكثر من 90 % من لاجئي فلسطين في سوريا يعيشون تحت خط الفقر، مشيراً إلى أن 10 سنوات من الصراع في سوريا أدت إلى تدهور الاقتصاد في ذلك البلد، ما أثر بشكل كبير على أوضاع الفلسطينيين وقوتهم الشرائية.
وتحدث لازاريني عن كفاح اللاجئين الفلسطينيين في سبيل العثور على وجبة واحدة في اليوم، كما أنهم يشعرون بالإحباط من بطء عودتهم إلى منازلهم في مخيمات وتجمعات اللاجئين المدمرة.
ووفقاً لوكالة الأونروا، فإن النزوح والخسائر في الأرواح وفقدان سبل كسب العيش وارتفاع معدلات التضخم وتناقص قيمة الليرة السورية وتقلبات أسعار السلع الأساسية وتدمير المنازل والبنى التحتية والقيود المفروضة على الحركة في بعض المناطق… من بين العوامل العديدة التي فاقمت مجالات الضعف القائمة لدى اللاجئين الفلسطينيين الذين ظلوا في البلد
ويعيش في سوريا 438 ألف لاجئ فلسطيني، يشكل الأطفال منهم قرابة 36%، ويعاني أكثر من 40 % من اللاجئين التهجير الداخلي والنزوح عن بيوتهم.
القدس العربي