عبر وزير الدفاع التركي، يشار غولر، عن رغبة بلاده في استئناف محادثات التطبيع مع سوريا، لكنه وضع شرطين لسحب القوات التركية؛ هما: وضع دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة نزيهة. وعدّ أن على نظام الرئيس بشار الأسد أن يشكر تركيا بسبب قضائها على تنظيم «داعش» في شمال سوريا.
وشدد غولر على أن تركيا ليست لديها أطماع في السيطرة على أراضي سوريا أو الدول المجاورة لها، وأن القوات التركية ستغادر سوريا لكن بشرطين: الأول هو الاتفاق بين الحكومة والمعارضة على وضع دستور جديد، والثاني إجراء انتخابات حرة نزيهة في البلاد.
وقال وزير الدفاع التركي، في مقابلة تليفزيونية ليل الاثنين – الثلاثاء، إن «هذين الشرطين قد يمهدان الطريق لإنهاء الصراع المستمر في سوريا لأكثر من 10 سنوات».
شروط الانسحاب
وأكد أن أي سلطة ستأتي مستقبلاً إلى سوريا بعد تعديل الدستور وإجراء انتخابات حرة، ستقبل بها تركيا ومن ثم ستسحب قواتها من هناك.
وعدّ غولر أن القوات التركية جلبت السلام إلى سوريا وأنقذتها من خطر تنظيم «داعش»، قائلاً: «قمنا بتحييد (قتل) 3500 من أخطر أعضاء (داعش)، وانسحب التنظيم من سوريا وذهب إلى العراق… الناس الذين يعيشون في سوريا مدينون لنا بكثير من الامتنان». وأضاف: «تنظيم (داعش) كان يستولي على مدينة سورية كل يوم، لقد تم نسيان كل هذا… في الواقع، يحتاج النظام السوري إلى أن يشكر تركيا الآن».
وأشار إلى أن تركيا تحارب الإرهاب منذ 40 عاماً، في إشارة إلى الصراع مع «حزب العمال الكردستاني»؛ المصنف تنظيماً إرهابياً، مضيفاً أن «هذه المعركة لن تنتهي حتى يتم تحييد آخر إرهابي».
وتابع: «سيعود الجميع إلى رشدهم؛ سيأتون ويستسلمون، وفي النهاية، سيوافقون على أي قرار يتم اتخاذه، وهكذا سينتهي صراعنا مع الإرهابي، علينا واجب إبعاد التنظيم الإرهابي عن أراضينا وحدودنا وشعبنا، كان علينا تحقيق ذلك، وقد فعلنا. يحاول التنظيم الآن البقاء على قيد الحياة بمفرده في كهوف في مكان ما، هذا أيضاً سينتهي، وسيصلون أخيراً إلى النتيجة التي قلناها».
وعن العمليات العسكرية التركية ضد «العمال الكردستاني» وامتداداته في شمال سوريا والعراق، قال غولر: «بالطبع ستنتهي يوماً ما… ليس هناك تراجع عن هذا».
وأضاف: «قدمنا شهداء كثيرين في سوريا، لكن في المقابل يعيش مواطنونا اليوم بسلام. نضالنا هناك سيستمر. ليست لدينا مطامع في أرض سوريا أو أي بلد آخر».
وسبق أن أكد غولر، في أغسطس (آب) الماضي، أن صياغة دستور جديد لسوريا واعتماده، تعدّ أهم مرحلة لإحلال السلام هناك، مؤكداً أن الجيش التركي لن يغادر سوريا دون ضمان أمن حدوده وشعبه.
وقال إن «تركيا تريد السلام بصدق، لكن لدينا ما نعدها نقاطاً حساسة، فلا يمكن تصور أن نغادر سوريا دون ضمان أمن حدودنا وشعبنا، وأعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد سيتصرف بعقلانية أكثر في هذا الموضوع».
وعبر وزير الدفاع التركي، مجدداً، عن أمله في استمرار الاجتماعات الرباعية مع سوريا وروسيا وإيران، بهدف التوصل إلى تفاهمات، لافتاً إلى أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «لديه مسؤوليات لا يفي بها».
جمود عملية التطبيع
وسيطر الجمود على محادثات تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، بعد آخر اجتماعات بين أطراف مسار التطبيع الأربعة على مستوى نواب وزراء الخارجية على هامش اجتماعات الدورة الـ20 لـ«مسار أستانا»، التي عقدت في كازاخستان يومي 20 و21 يونيو (حزيران) الماضي.
وجاء اجتماع أستانا عقب اجتماع في مايو (أيار) الماضي لنواب وزراء خارجية روسيا وتركيا وسوريا وإيران في موسكو، لمناقشة خريطة تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق التي أعدتها روسيا، لكن المحادثات توقفت عند هذه النقطة بسبب تضارب المواقف بين الجانبين التركي والسوري، فيما يتعلق ببقاء القوات التركية في شمال سوريا.
وتصر دمشق على انسحاب القوات التركية قبل الحديث عن أي تحرك باتجاه تطبيع العلاقات، فيما تؤكد تركيا أن هذا الطلب «غير واقعي» بسبب عدم قدرة الجيش السوري على وقف التهديدات الإرهابية القادمة من داخل الأراضي السورية، وتحمل مسؤولية تأمين الحدود مع تركيا.
وجددت روسيا، مؤخراً، استعدادها لبذل جميع الجهود لتطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا. وقال السفير الروسي لدى تركيا، أليكسي يرهوف، الشهر الماضي: «ما زلنا على استعداد لبذل كل جهد ممكن لتعزيز عملية التطبيع التركي – السوري».
وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، إنه عرض على الجانبين التركي والسوري، سحب القوات التركية مع تقديم ضمانات من دمشق بحماية الحدود.
من جانبها، طرحت روسيا، التي ترعى مسار محادثات التطبيع، العودة إلى فلسفة «اتفاقية أضنة» الموقعة عام 1998، والتي تسمح للقوات التركية بالتوغل في الأراضي السورية لمسافة 5 كيلومترات لملاحقة العناصر الإرهابية (حزب العمال الكردستاني في ذلك الوقت)، مع تطويرها للسماح للقوات التركية بالتوغل لمسافة أكبر تصل إلى 30 كيلومتراً.
لكن تركيا ترغب في إقامة حزام أمني يمتد بعمق بين 30 و40 كيلومتراً في شمال سوريا خلف حدودها الجنوبية، لمنع هجمات «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعدّها امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» في سوريا.
الشرق الأوسط