رد على الرد  (غليون والبابا )

د. كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني

إذا كنا في ثورة فعلا وليس مؤامرة خارجية كما يدعي النظام ، يصبح سبب تعثر هذه الثورة السورية هو نقص القيادة والادارة ، طالما ثبت للقاصي والداني قدرة هذا الشعب على التضحية والعطاء ، فلو وجدت قيادة فعلية وادارة حقيقية لموارد الثورة الذاتية وامكاناتها لحسمت المعركة مع النظام منذ مدة طويلة، فكيف مع كل هذا الدعم الذي قدم لها ، والذي يقدر الخبراء الاستراتيجيين أن استفادتنا منه لم تتجاوز عشرة بالمئة من الامكانات الفعلية ، لو فعلا كانت هناك ادارة وقيادة أي أن نسبة الهدر في المعونات وصلت إلى 90% وأعتقد أن هذه هي نسبة الهدر في قدرات الثورة والثوار وأموالهم ودمائهم ، وكل ذلك مسوولة عنه قيادة المعارضة السياسية التي تتربع على مقاعد القيادة إلى الأبد ، بعد أن ابدعت مدرسة جديدة في قيادة الثورات من فنادق النجوم والعواصم ومقاعد الفيرست كلاس في الطائرات حول العالم ….  وعندما انقد الكاتب الفنان حكم البابا المعارضة السورية وادارتها ، تنطح الدكتور الاستاذ الجامعي برهان غليون ورد عليه بمقال حمل الكثير من النقاط المضللة المستفزة التي تستوجب الرد عليها ، هذا طبعا مع الاعتذار من حكم البابا لأن ما تطرقوا إليه يتعلق بنا و نحن ندفع ثمنه :

أول كذبة يريد  د. برهان غليون تمريرها كبديهية هي أن المجلس الوطني تشكل من أغلب أطياف المعارضة … وأنه ممول وطنيا  . مع أنه تشكل بغالبه من مغتربين عن سوريا وعن السياسة وعن المعارضة ، وطعم ببعض الرموز السياسية التي أخرجت من الداخل ممن يرتبطون بسفارات دول معينة فقط  … وتمول فعليا من دول أجنبية وما يزال، بعكس مؤتمر انطاليا الذي تم التداعي إليه عفويا من قبل الناشطين السوريين في الخارج من دون تبني دولي ، و مول وطنيا من أشخاص معروفين (عبود وسنقر ).

ثاني كذبة / بديهية عنده هي أن هؤلاء الأشخاص يمثلون قوى الثورة ، وهو زعم أريد من ورائه سرقة تمثيل الثورة ، فأحزابهم المزعومة لا شيء على الأرض . كل حزب عبارة عن عدة أشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الجامع لعصبويتهم تقاسم الكراسي وشفط التمويل .

ثالث الكذبات / البديهيات عند برهان أنهم هم من أطلق الثورة وهم من يقودها ، مع أنهم هم من ركب الثورة وتاجر بها ، فالثورة لم تنطلق بقرارات حزبية بل انطلقت عفويا في الشارع واحتضنتها المساجد التي ما تزال تلعن أبو أبو الأحزاب كلها .

المصيبة الداهية ، ليست في استخدام الكذب كبديهيات بل في قناعة حقيقية عند د. برهان يتبناها فعلا كبديهية عنده هي أن هذه المعارضة هي بذاتها سوف تستمر ( لأنها قدر الثورة ) ، وأي عملية تفكيك أو اضعاف لها سيكون خدمة تصب في صالح النظام… أما فكرة تغييرها واصلاح عيوب التمثيل ومأسستها ، فهي خارج وعي وتصور وتفكير استاذ العلوم السياسية ،  فالمعارضة( شخوص المجلس والائتلاف الذين يسمون أنفسهم حكماء )  رغم فشلها وعثراتها ما تزال تمثل التيار المدني ( تيار جديد موجود في ذهن برهان فقط ) الذي وجوده يخرق بروباغاندا الروس  أن الخيار هو بين النظام أو داعش ، لأن وجود المعارضة في فنادق استانبول يدمر هذه الدعاية المغرضة!!.

برهان يقول إما نحن بشخوصنا الذين عرفتموهم طيلة خمس سنوات  أو ( النظام وداعش) ، ليس لديكم أي أمل في تغيير الفاشل والحرامي والانتهازي والتافه وسارق حليب الأطفال وادوية الجرحى ، ووكيل المخابرات الفرنسية والبريطانية والأمريكية والسويدية والألمانية التي يوجد لكل منها وكلاؤها الذين يتقاسمون المقاعد فيما يسمى هيئات المعارضة السورية منذ المجلس مرورا بالائتلاف وصولا للهيئة التفاوضية …

من بديهيات برهان أنه ممنوع على الشعب السوري أن يصحح في بنية مؤسساته وأن ينتج قياداته ، فالقيادة شيء لا يقرره الشعب بل لابد أن تأتي بقرار من الخارج وعن طريق المخابرات الدولية ومن يريد القيادة عليه تقديم أوراق اعتماده لديها … فهذه البديهية التي عاش عليها وعمل بها وسار في هديها ، وانتفع من بركتها ، وحققت له كل متع السياسة والزعامة من دون أن يقدم أو يخسر أي شيء ، هذه البديهية الغليونية هي الحقيقة الوحيدة الصادقة التي ذكرها برهان في مقاله :

برهان غليون يرد على اتهامات حكم البابا ويقول له: يكفي المعارضة تنكيلا بالذات

باختصار ديمقراطية غليون الثورية ، تشبه اصلاحية الأسد التصحيحية التطويرية التحديثية ، تقول أنه يمكنكم انتقاد القيادة الخالدة ( نحن ) لكن مجرد التفكير في تغييرها فهذا كفر ومروق وخيانة … وفي حين تكلم حكم البابا بشخصية الفنان الذي يستشعر الحقائق بعيدا عن تدبيج اللغة وفزلكات الفلاسفة والسياسيين ، فإن د. برهان غليون  استغرق في خطابه الديماغوجي الذي لم يتعلمه من السوربون ، بل من فنادق المعارضة السورية وحكمائها ، الذين منحوه شهادة دكتوراه فخرية في البؤس السياسي وليس العلوم السياسية .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.