تصفرّ وجوه أعضاء الائتلاف الوطني السوري من جماعة الأخوان المسلمين وحلفائهم عندما تذكر لهم آخر التطورات التي شهدها المشهد السياسي السعودي . وتمتقع هذه الوجوه حين يطرح أمامهم سؤال : ما تأثير هذه التغيرات على علاقة المملكة العربية السعودية مع قوى المعارضة السورية ؟ وما نتائجها على موقع الأخوان المسلمين في الائتلاف الوطني السوري والخارطة السياسية السورية ؟
التطورات والتغيرات المقصودة هي أولاً تسليم الملف السوري في السعودية للأمير محمد بن نايف بدل الأمير بندر بن سلطان ، وثانياً إعلان جماعة الأخوان المسلمين جماعة إرهابية في المملكة العربية السعودية ، وثالثاً سحب سفراء السعودية والبحرين والإمارات من دولة قطر .
والحقيقة أن الأخوان المسلمين ليسوا الوحيدين الذين يتحسبون لنتائج هذه القرارات الكبيرة التي اتخذت في المملكة، بل يشاركهم في هذا القلق رئيس الائتلاف أحمد عاصي الجربا، الذي وصل إلى منصبه بفضل العلاقة القوية التي تربطه برئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، المقرب بدوره من الأمير بندر بن سلطان مدير المخابرات السعودية الذي كان مكلفاً وبصلاحيات كاملة بإدارة الملف السوري . وهذا ما يشكل مصدر قلق إضافي للأخوان المسلمين، فالحريري كان عراب اتفاق جدة الذي أسفر عن تحالف جماعة الأخوان المسلمين مع الجربا برعاية سعودية جسدها حين ذاك الأمير بندر بن سلطان . هذا التحالف الذي أسفر عن سيطرة الجربا ومجموعة التكتل الديمقراطي بزعامة ميشيل كيلو على الائتلاف الوطني السوري بدعم ومشاركة من جماعة الاخوان المسلمين وتوابعها .
ويترقب الأخوان المسلمون ويترقب الجربا بكثير من القلق نتائج تولي الأمير محمد بن نايف إدارة الملف السوري، ويخشون من انهيار اتفاق جدة الذي رتبه الحريري، نظراً للعلاقة السيئة جداً بين الحريري ومحمد بن نايف، والتي تعود لكشف موقع ويكيليكس تسجيلات صوتية لسعد الحريري يصف فيها محمد بن نايف بأنه سفاح وبأنه آصف شوكت السعودي .
قلق الأخوان المسلمين وحلفاؤهم من قرار السعودية اعتبار جماعة الأخوان المسلمين مجموعة إرهابية يتجاوز مجرد الخوف على موقع الجماعة في الائتلاف، ليصل إلى الخوف على كيان الجماعة . فعدد كبير جداً من كوادر وقيادة جماعة الأخوان المسلمين السوريين يقيمون في المملكة من عشرات السنين، والجزء الأهم من تمويل الجماعة يأتي من مساهمة هؤلاء الأعضاء ومن تبرعات تأتي من مواطنين سعوديين .
وتصل الأمور إلى درجة المأزق حين يتلفت الأخوان المسلمون حولهم للبحث عن حلفاء بحال وصلت مقصلة محمد بن نايف إلى رؤوسهم، فلا يجدون إلا جهات خذلوها وباعوها من أجل التحالف مع الجربا وكيلو والحريري وبندر، وهي قطر وتركيا وفرنسا في الخارج، وإعلان دمشق والحراك الثوري والمجالس المحلية في الداخل.
انتقادات ميشيل كيلو القاسية لأحمد الجربا، ورفض الأخير لعودة أعضاء المجلس الوطني إلى الائتلاف، ومحاولته ترتيب أوضاع هيئة الأركان ليسيطر كلياً على أعضائها في الائتلاف والبالغ عددهم ١٥ عضو، كل ذلك يمثل مؤشرات على حركة عميقة تجري داخل الائتلاف، ستسفر عن تحالفات جديدة قد يكون الأخوان المسلمون الخاسر الأكبر منها، وتفرض على الأقل ابتعاد الأعضاء الرسميين في الجماعة عن واجهة الائتلاف .
أورينت