د. كمال اللبواني
سوف يكتب التاريخ أن الرئيس أوباما هو من بدأ مسيرة انحطاط أمريكا وغياب شمسها ، ليس لأنه ضعيف ومتردد ، ويتصرف كمدير للبيت الأبيض وليس كرئيس أمريكا ، ويستشير زوجته وأطفاله في اتخاذ قرار الحرب ، بل لأنه ضحى بالقيم التي نهضت عليها أمريكا وبنت عظمتها ، تلك التي تجعل من القوي عظيما ومحترما وليس وحشا ..
لقد قدم أوباما نفسه للشعب الأمريكي والعالم كسلطة تفكر فقط بمصالحها الضيقة جدا ، ومصالح معلمها الصهيوني ، بغض النظر عن مسؤولياتها كدولة عظمى و عن الاتفاقيات الدولية ، وعن حقوق الإنسان وقيم العصر ، ، إنه لم يضحي بدماء شهداء الغوطة وأطفالها الذين قضوا اختناقا ، بل ضحى بما تبقى من احترام لأمريكا وللنظام العالمي ، وللقيم التي تحكم العالم ، لقد فكر كرئيس كدولة هزيلة ضعيفة مهزوزة ، تبحث عن ملاذ ، وهي ستكون كذلك بإذن الله ..
لقد ضحى أوباما الحائز على جائزة نوبل ، بالإنسانية لصالح الوحشية ، عندما قفز فوق العدالة نحو المصالح الضيقة ، وتناسى أن الأخلاق هي المصلحة الأهم في نهاية المطاف ، كما ضحى بالعقل لصالح الغباء والسذاجة ، عندما تذرع باستبيانات الرأي ، في مجتمع لا يعرف أين سوريا ولا يتابع أي أخبار سياسية حتى عن بلاده ، وصدّق أن هذا النظام سيسلمه كل السلاح ، وأنه لن يخفي ما يكفي لقتل سكان المنطقة ، وتنازل أمام مرتكب ومجرم ، وسهل له السيطرة على المنطقة ، ليتحكم بها تجار الجريمة والعنف والطائفية والمجازر في ايران وروسيا ، وهو يدعى أمام شعبه أنه يحارب الارهاب والتطرف ، بينما هو في الواقع يزرع البؤس والجريمة والاستبداد الذي هو الأرضية التي يقوم عليها التطرف والارهاب .
لقد سقط أوباما في ضيق أفقه ، وضحت أمريكا بالقيم ، فسقطت من الحضارة وكما قال الشاعر ،
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
هل تظن أمريكا أنها عظيمة بسلاحها ، أم بقيمها ؟ ، وهل ترى مصالحها على عكس الأخلاق والانسانية .. باطل ..
إذا كانت كذلك فهي ببساطة تعلن استقالتها من الحضارة ، وانتماءها للهمجية ، وعودتها على طريق الانحطاط ، إن دماء شهداء الثورة السورية الطاهرة والعزيزة على بارئها تعيد رسم خريطة الحضارة …
وغدا لناظره قريب .
2013/10/13