خطة طوارئ للحفاظ على ثوابت الثورة، وإسقاط المشروع الروسي -الإيراني- الأمريكي في المنطقة

د . كمال اللبواني 
Kamalبالنظر لكون الاتفاق الروسي الأمريكي تكوّن أساسا وفقا للمصالح الروسية والأمريكية، واتفق على توظيف إيران الفارسية بمشروعها الشيعي، في مواجهة العرب والسنة، لتقسيم صفوف المسلمين وإنهاكهم في صراعات داخلية، وتحويل دولهم في شرق المتوسط إلى دول فاشلة يسهل السيطرة عليها، بعد أن أثبتت شعوب هذه المنطقة قدرتها على الإطاحة بنظم التبعية والفساد والإرهاب التي صنعها الغرب والشرق لإخضاع هذه الشعوب وإذلالها، تجلت هذه القدرة عندما أطلقت ثورات الربيع العربي الواعد بولادة الأمة من جديد، على أسس ديمقراطية تحترم الهوية العربية والدين الإسلامي، وما شكلته تلك الثورات من تهديد لكل من يتعيش على استغلال ونهب ثروات المنطقة واستعباد شعوبها.
وبالنظر لكون الثورة في سوريا عنوانا لنصر أو هزيمة هذا المشروع، ولكون سوريا مفتاح الشرق الأوسط، ستحدد النتيجة التي تحل بها القضية في سوريا ملامح المرحلة القادمة، في كل المنطقة (سوريا والعراق ولبنان والأردن وفلسطين وربما في الخليج أيضا وشبه جزيرة العرب وحتى مصر).
يعطي المشروع الفارسي –الروسي- الأمريكي لإيران نفوذا مهيمنا على المنطقة، ويسمح لها بإجراء تغييرات ديموغرافية أكبر وأوسع بكثير من التي جرت بعملية زرع الكيان الصهيوني، من حيث تدمير بلاد الشام العربية وتهجير أهلها واستبدال سكان مدنها الكبرى، مثل حمص ودمشق واللاذقية وجبلة وبانياس وطرطوس وبيروت الغربية وبغداد، ضمن خطة عسكرية إجرامية، متبوعة بممارسة الاضطهاد السياسي، والإفقار الاقتصادي على المدى الطويل، ولا ننسى مدنا مثل الحسكة والقامشلي وكركوك، مهددة هي الأخرى بتغيير ديموغرافي من نمط آخر، و العديد من القرى والبلدات، في غرب دمشق والعاصي وشمال سوريا، و لا ننسى نهب الموارد المستمر كالنفط والغاز والمياه والأراضي الزراعية، أو التمركز الخطير للثروة بيد عصابة وطائفة. وما يترتب على ذلك من دمار وخراب وقتل وتهجير لم يسبق له مثيل في المنطقة.
وهو ما يستتبع حتما نشوء ردات فعل عنيفة وربما في منتهى التطرف، من قبل المتضررين الذي يرون في تغيير هوية المنطقة وسكانها نهاية لوجودهم التاريخي فيها، وبداية لتشتتهم في أصقاع الأرض، واندثارهم النهائي من الحضارة والتاريخ، فالمعركة كما نرى ملامحها لم تعد من أجل الحرية والكرامة ضد نظام سياسي مجرم، وليست على شكل الدولة المدنية أو الدينية، بل هي معركة الوجود والأرض والهوية، و معركة كامل الشعب العربي في بلاد الشام والرافدين، شمال جزيرة العرب، وهذا الطابع للحرب هو ما يغذي فعلا الحاضنة الاجتماعية للأصولية والتشدد الديني والقومي ويبرره لدى غالبية السنة العرب في المنطقة. ومن هنا لا يجب أن نستغرب التركيز على شعار الدولة الإسلامية لدى غالبية الثوار، في سياق حرب الوجود التي يخوضونها بظروف غير متكافئة وبتواطؤ الجميع ضدهم.
إن مستوى الجريمة غير المسبوق الذي وصلت له همجية الحلف الفارسي (الذي يستتر بالمذهب الشيعي وهو منه براء)، يقدم الصورة الحقيقية لمبتغاهم ونواياهم تجاه أهل السنة من العرب ومثاله الأحدث (الذيابية والغوطة بعد القصير وحمص و ..)، أيضا تفاهة التفكير الغربي، واحتقاره للشعوب ومعاناتها، والتغاضي والسكوت عن هذه الهمجية الممارسة عليها، ومحاولة القفز فوقها نحو تسوية سياسية دولية، تكرس مصالح الغرب وهيمنته، يضعنا في شك مما يدبر لنا في ليل أسود مظلم رهيب ….
فطريقة تعامل الغرب عموما وأمريكا خصوصا، التي تتعمد تقزيم القيم والأخلاق أمام المصالح الأنانية الخاصة بها، تؤكد لنا أن العالم محكوم بالوحشية والقوة، وليس بالحق والعدل، وعليه فمن واجبنا استنهاض ضمير هذه الأمة وعناصر قوتها، في مواجهة هذا التحدي التاريخي الوجودي غير المسبوق، وهنا لا أجد بديلا عن قيم الجهاد الإسلامية، التي سبق لها أن فتحت العالم وغيرته، وحمت وجودنا في وجه الاجتياح المغولي والصليبي، وهي قادرة بإذن الله على ذلك من جديد.
لا يجوز في هذه المعركة المصيرية، الاستمرار في الاعتماد على الغير ممن خذلنا وباعنا. فقد ضرب المجتمع الدولي عرض الحائط بكل القيم وبالقانون الدولي، عبر لعبة الفيتو المتفق عليها بين الكبار، وتنصل من كل مسؤولياته والتزاماته حتى أمام جريمة القرن المتمثلة في استعمال سلاح الدمار الشامل لإبادة سكان أقدم مدينة في التاريخ. واليوم يريد أن يضع سوريا والمنطقة برمتها تحت تصرفه كدول فاشلة ليقطعها ويتقاسمها كما يشاء، مما يذكرنا بتوافق سايكس بيكو إبان الحرب العالمية الأولى، بحيث يتلاعب بالمنطقة كما يشاء ووفق المصالح الحاقدة والعنصرية في نهاية المطاف.
وفي النتيجة لن يكون أي شعب في هذه المنطقة منتصرا بما فيهم الشعب الإيراني .. بل جلاديه وفاسديه، لأن مصالح الشعوب لا تتناقض، بل تكمن في إقامة السلام والاستقرار والتعاون، والذي لن يكون من دون العدل واحترام إرادة الشعوب وهويتها وتمكينها من شق طريقها الحضاري للمشاركة بكرامة مع بقية الأمم، الظالم لا ينتصر بل هو مهزوم، و سياسات الهيمنة والاستعباد وإثارة الفتن لخدمة مصالح استعمارية لن تنتج سوى الحرب والتطرف والتعصب، والخراب الذي سيعم المنطقة ولا يسلم من شره أحد. ولن ترضى هذه الشعوب الرضوخ، ولن ترضى الهزيمة، بل ستحول المنطقة كلها لخراب بوسائل عديدة تمتلك كل أدواتها، وستجد في النهاية الطريق نحو الحرية والكرامة رغم أنف روسيا وأمريكا، اللتين تعملان ليل نهار على إدامة الجريمة ومكافأة المجرم، ضمن رؤية استعمارية لمصالحهما على النقيض من مصالح شعوب المنطقة وحقوقهم.
لقد تعرضت فلسطين ثم لبنان ثم العراق ثم سوريا لويلات وخراب ما بعده خراب، واندلعت الحروب في المنطقة التي رغم غناها أصبحت من أكثر المناطق في العالم فقرا ومآسي، ومؤخرا تعرض الشعب السوري للقتل والتهجير المنهجي، فقتل نحو 300 ألف إنسان (منهم 150 ألف مفقود لم يوثق مقتله) وتشوه عدد مشابه، وهجر 10 ملايين إنسان تشردوا ودمرت مدن وأحياء وبلدات بكاملها، على مرأى ومسمع العالم، من دون أن يحرك هذا العالم ساكنا. بل سعى فقط لإدامة هذا الصراع، واستثماره في تحويل المعركة من أجل الحرية والتقدم، لمعركة بين طلابها، وبكل أسف أنجر النظام الإيراني وحلفاؤه المنغمسون بالطائفية الحاقدة إلى هذه الحرب، وتحولوا لأداة في هذا الصراع. وكما كانوا سببا في خراب ودمار إيران والعراق، ولبنان، فعلوا ذلك مجددا في سوريا، وغدا سينتقل خطرهم لدول الخليج وجزيرة العرب. واليوم يطرح على المعارضة السورية أن تنضم للركب الإيراني الروسي الأمريكي في جنيف، وتقاتل شعبها وتتخلى عن هويتها، مقابل سلام ما هو الا استسلام مشين لشيطان حاقد.
وعليه نحن كمعارضة سورية نلتزم بأهداف الثورة، أن نضع لأنفسنا المبادئ التالية:
1- الذهاب إلى جنيف بهذه الشروط وقبل إسقاط النظام وطرد المحتل الفارسي هو خيانة للدين والوطن والهوية والاستقلال والثورة ودماء الشهداء، فالعرب والأصدقاء والعالم فشلوا وعجزوا عن فعل شيء مفيد طيلة سنتين ونصف، ولا قيمة لضمانات العاجز والفاشل، ولا يجب أن ننخدع بالدعاية التي تركز على السلم، لأنه لن يحصل مهما تنازلت المعارضة، وهذه التنازلات لن تأتي بالسلام بل ستبقى على الاضطهاد والقمع، لأن الذي سيتحقق هو سلام الذل والاستسلام والتبعية، ونتيجته خراب الأوطان وتحولنا لشتات. والثمن الذي سندفعه نتيجة استسلامنا سيكون أكبر بكثير من ثمن صمودنا وصبرنا، كما لا يجوز للثوار الإصغاء لمن لم يشارك في الثورة ولم تعنِه، أو لمن يخافها أكثر من أي شيء آخر، ولا يجوز السير وراء من يعادي العروبة والإسلام والدين من الشيوعيين والفئويين الذين يدّعون الديمقراطية ويجعلونها نقيضا للإسلام والهوية، أو من أيتام النظام الذين يتأففون بانتظار عودة الأمور إلى ما كانت عليه، فالثورة لم تستشرهم ولم تنتظرهم، وليس لهم عليها حق المشورة.
2- تمثيل قوى الثورة يجب أن يعود للعاملين على الأرض، ولمن حمل البندقية دفاعا عن الحياة والأملاك والعرض والأرض، ولا يجب أن يترك بيد المتسلقين والمتطفلين والوكلاء والفلول وأيتام النظام وأعداء الدين والهوية، وعلينا مراجعة الهيئات التمثيلية بدلالة التزامها بثوابت الثورة والوطن، وليس مطلوبا في هذه المرحلة تمثيل كل الشعب السوري أو كامل مكوناته (هذا متروك كنتيجة لنجاح الثورة بفرض النظام الديمقراطي، بدل نظام العائلة والشخص الذي احتكر الوطن وحوّله إلى مزرعة). بل المطلوب قيادة ثورية حقيقية ينتجها الداخل والعمل المسلح.
3- يجب تطوير خطط الاعتماد على الذات والموارد المحلية استعدادا لحرب ضروس قد يستخدم فيها الحصار والتضييق. وشحن قدرة الشعب على الصمود والمثابرة، ومنع الطابور الخامس من إشاعة روح الهزيمة واليأس، تسهيلا لانتصار العدو.
4- يجب تشجيع الدول الشقيقية (الخليج وتركيا) على الاستمرار في الدعم لكونها مستهدفة من وراء هذا المشروع الخطير ومتضررة بشدة، فنهاية دمشق نهاية القدس وعمان و مكة وغروب شمس الوجود العربي السني في المنطقة.
5- لا يجب التخوف كثيرا من قوة روسيا أو أمريكا أو إيران، لأنهم غير مستعدين لتقديم الكثير في هذا المشروع، والنتائج التي يرجونها منه لا تخدم مصالح شعوبهم ودولهم، بل فقط أنانيات المافيات الحاكمة لها، فضرر أي شعب في المنطقة سيعم الجميع، وسيكون بثمن باهظ، فهم يعملون على سياسات قصيرة النظر، ويعرفون أنها معاكسة للتاريخ ولإرادات الشعوب، القادرة على النصر طالما أنها على حق، إيمانا بقوله تعالى (قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا).
6- يجب استنهاض شعوب المنطقة بخطاب عروبي وإسلامي يركز على التاريخ المجيد والمشرف الذي أعزنا الله به كعرب بفضل الإسلام، وهذا لا يتناقض مع الهدف السامي للثورة، بل يجعل تحقيقه ممكنا، فالدولة الإسلامية مسموحة في طهران والرياض والمغرب والباكستان وممنوعة في سوريا، والدولة اليهودية في فلسطين مباركة بينما الدولة الإسلامية في بلاد الشام إرهابية.
7- بنفس الوقت وعلى التوازي يجب التأكيد على التعهد بحماية التنوع والأقليات مهما اشتدت الحرب، والمحافظة على صيغة التعايش والدولة المدنية العادلة التي لا تتناقض مع العقيدة الإسلامية في متنها ومحكمها، فالدولة الحاضنة للتنوع كانت عبر التاريخ هي الدولة الإسلامية.
في الإجراءات:
1- توحيد وتجميع فصائل الجيش الحر تحت راية العقيدة المؤمنة بالوطن وبالإسلام بعد أن فشلت جهود توحيدها بالوسائل الأخرى، ومحاربة كل مشاريع التفرقة، والعمالة للأجنبي.
2- تشكيل قيادة موحدة للثورة في الداخل تتولى كل السلطات معا، وتوظف نشطاء الخارج لخدمة أهداف الثورة، وليس العكس.
3- إسقاط كل من يقبل الذهاب إلى جنيف إيران وروسيا، أو يفرط بثوابت الوطن والثورة، والعمل على محاكمته كخائن.
4- طرح مشروع للحل السياسي، يحفظ الحقوق والعدالة والسيادة والوحدة وحقوق الأقليات وكرامتهم. يبدأ بتجريم النظام وإسقاطه وطرد المحتل، ووقف الحرب وفك الحصارات، ثم عقد مؤتمر وطني في الداخل، لرسم خريطة طريق للخروج النهائي من حالة الحرب، ومن دون تدخل خارجي.
5- وضع آلية تنظيمية وإدارية متكاملة لكل متطلبات استمرار العمل الثوري، وبشكل خاص استدامة الدعم، والاعتماد على الموارد والإفادة من طاقات الشعب وموارد الوطن، وهذا يتطلب تشكيل هيئات إدارية تنظيمية في الخارج من وطنيين سوريين سياسيين وعسكريين ومفكرين ورجال دين وإداريين ورجال أعمال، وفي الداخل من وجهاء وثوريين وناشطين ومقاتلين ورجال دين، تسعى لتنظيم الدعم والإغاثة ولإقامة سلطات حقيقية على المناطق المحررة، وتنظيمها وإعادة المهجرين إليها، وتشغيلهم ليشكلوا الجبهة الداخلية وراء الثوار. أي تشكيل ما يشبه حكومة تطوعية موسعة تنظم أمور الثورة وحياة البشر في الداخل والخارج.
6- التوجه بخطاب واضح وعقلاني للقريب والبعيد يؤكد على ثوابت الثورة والوطن واحترام حقوق الإنسان والتعاون الحضاري مع الجميع على قدم المساواة والاحترام المتبادل، والسعي نحو توحيد شعوب وقوميات المنطقة وفقا للحقوق المتساوية والاعتراف المتبادل وصيغ التعاون المشترك، والاعتراف بالتنوع الديني والمذهبي، ضمن سياق اتحادي تعاوني شامل، وليس الانغماس في المسار التقسيمي الذي يعمل على إثارة الفتن والصراعات واقامة المربعات المافيوية.
7- رفض مبدأ القفز فوق العدالة فهي أساس السلم (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) فشريعة الله أولى بالتنفيذ من شريعة أوباما، الذي نسي الجريمة وأشاد بالمجرم لأنه سلم سلاحه بل استبدله.
8- رفض مبدأ وقف إطلاق النار أو إلقاء السلاح قبل سقوط النظام وخروج المحتل وإقامة العدل بين الناس ومحاسبة المجرمين أيا كانوا.
9- رفض فكرة حل أو دمج الجيش الحر بأي جسد آخر. قبل نضوج نظام بديل مقنع للشعب وقادر على حمايته.
10- رفض فكرة الإبقاء على الجيش النظامي، أو على أجهزة الأمن مقابل رحيل الأسد وعائلته، والإصرار على تفكيكها وإعادة بنائها بشكل مختلف جذريا، وفقا لقواعد وقيم ونظم جديدة احترافية متوازنة أهليا، بعيدة عن السياسة، تحمي الدولة والشعب وليس الحاكم.
11- تغيير صيغة القوات المسلحة التي ستشكل في سوريا الحرة بعد سقوط النظام لتشمل:
1- الجيش النظامي المحترف، وهو مكلف بحماية الحدود والدولة، 2- الجيش الحر التطوعي الاحتياطي، الذي يبقى كقوة احتياطية، تتدخل عند الحاجة، ثم تعود لتنخرط في المجتمع، وتنظم على أساس مناطقي جغرافي تطوعي، ولها معسكراتها ومستودعاتها، وتبقى في حالة استعداد للعودة للفعل الثوري كلما تهدد الوطن أو المواطن، 3- عناصر الأمن المختلفة الأخرى 4- الدفاع المدني التطوعي.
12- توحيد البندقية المقاتلة ضد النظام تحت شعارات وطنية وإسلامية. والتنبه لخطر شق الصف ونقل المعركة مع النظام لمعركة بين الثوار. ودمج المجاهدين الأجانب في جسد الجيش الحر والثورة.
13- إنشاء جسد قضائي قانوني متماسك وموحد، وتنصيب غرف محاكمة ذات سيادة على الأرض، مدعومة بجهاز شرطة قضائية عسكرية ومدنية فعال. إضافة للشرطة والأمن العام.
14- إعادة هيكلة وتشغيل المؤسسات الخدمية بأسرع وقت.
15- السعي لإعادة تشغيل عجلة الاقتصاد، والسيطرة على موارد الدولة.
16- الاحتكام للاقتراع العام لتحديد شكل الدولة القادم بما لا يتناقض مع الدين الإسلامي ، وقبول نتائج صندوق الاقتراع الحر والنزيه. فالأمر والأمارة شورى بين الناس.
17- رفض المنهج الخارجي في تفسير الدين وتكفير الناس، وتفويض سلطة غير سلطة إقامة العدل، أو كل من الحكم باسم الله وبتفويض منه، فالله له ملائكته ونحن بشر خطاؤون.
(الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم).
فحاكمية الله في الواقع قائمة ولا تنتظرنا، ولا يحدث شيء إلا بإذنه، لكن تحكيمه في أنفسنا الحرة هي ما يثبت إيماننا وما نؤجر عليه، وليس لشرطة الأمر والنهي سلطة على النفس والنوازع (لا اكراه في الدين)، ولا هي مكلفة بديلا عن الملائكة في تنفيذ إرادة الله في الواقع (فهي لا تطلع عليها .. والقدر شأنه تعالى)، أما حدود ودور كل سلطة قضائية -شرعية، فهي حفظ السلم الأهلي والحقوق بين الناس، ولا يجوز لها أن تتعدى ذلك. وعليه فدولة الإسلام هي الدولة الديمقراطية المدنية من حيث الجوهر والمضمون، ولا تناقض بينهما، إلا عند من جهل.
وثورة هي حتى النصر بإذن الله
مرفق 
مشروع مرسوم مؤقت
التشكيل العام للقوات المسلحة في سوريا الحرة
تتألف القوات المسلحة من أربع مكونات:
1-الجيش النظامي 2-الجيش الحر 3- قوات الأمن 4-الدفاع المدني
1-الجيش النظامي: يتألف من قوات نظامية محترفة، تشمل كل صنوف الأسلحة وتعمل على حفظ الحدود وحماية الدولة والمواطنين من العدو الخارجي والمخاطر الأخرى، يمنع عليه العمل في السياسة أو التدخل في الشأن السياسي.
2-الجيش الحر (الحرس الوطني): قوات تطوعية مدربة احتياطية تشكيلها يكون على أساس مناطقي محلي، تستدعى للخدمة كلما دعت الضرورة، وتشكل الحماية الحقيقية للمدنيين والوطن والنظام السياسي، تخضع لدورات تدريبية سنوية لتحافظ على مستواها القتالي، وتحتفظ بمعسكراتها وسلاحها قيد الاستخدام في مناطقها، سلاحها خفيف ومتحرك، ولها رواتب جزئية، وعناصرها لديهم أعمال أخرى، ويتم الانتساب إليها بالتطوع، أو بالتجنيد الإلزامي إذا لزم الأمر، بموجب قوانين خاصة، ولا يمنع عناصرها من النشاط السياسي الحزبي خارج الثكنات فقط.
3-قوات الأمن:
الأمن الجنائي -الضابطة العدلية – الأمن العام – السير– الجمارك –الشرطة العادية – المداهمة الجنائية، وهي كلها ذات سلاح فردي ولا تتدخل في الشأن السياسي ولا يتعاطى أفرادها النشاط السياسي.
4-الدفاع المدني:
وهو رديف الجيش الحر، يقدم خدمات طبية وإغاثية في الكوارث والحروب، ويتشكل من متطوعين مدربين، عادة لا يحمل السلاح.
ملاحظات:
– كل صنوف القوات المسلحة خاضعة لقانونها الخاص وللقانون العسكري والمدني، ولا حصانة لأحد أمام القانون.
– تخضع القوات المسلحة لسلطة الحكومة، التي تخضع بدورها لسلطة المجالس التشريعية المنتخبة وتلتزم الحياد السياسي، وتبتعد عن المحاصصات وتعتبر من ثوابت الدولة.
الحالة الراهنة لهذه القوات أثناء الثورة:
بعد أن مارست علينا أجهزتنا الأمنية كل صنوف القمع والتنكيل، وبعد أن انقلب علينا جيشنا الوطني قتلا وتدميرا وهو ما لم يفعله العدو الحاقد، فقد الشعب الثقة بأجهزة الدولة الحديثة ومؤسساتها، وتمسك بحقه في الدفاع عن النفس وعن حقوقه بيديه، ولم يعد متحمسا لتسليم تلك المهمة لأي مؤسسة تنوب عنه، على الأقل في الزمن المنظور، وبعد سنوات من العمل الشعبي المسلح، يصعب كثيرا إقناع الشعب بتسليم سلاحه قبل بناء الثقة مع نظامه الجديد والاطمئنان لدوره الوطني … لذلك وجب علينا إيجاد طريقة لتنظيم هذا السلاح وضبطه ووضعه في خدمة النظام العام وسيادة القانون، وعليه نقترح هذه الصيغة التي يفترض أن تطمئن الثوار والشعب، عندما يرون أن قوتهم التي صنعوها بتضحياتهم لم تزل قائمة، وسلاحهم ما يزال تحت الزناد، و أنه لن يسلب منهم لو عادوا للحياة العادية والمدنية.
في الوقت الراهن تشكل مجموعات وقطعات الجيش الحر التطوعي العاملة في صفوف الثورة السورية، بما فيها المجموعات الجهادية، الحالة الطبيعية لقوة الشعب المسلحة، التي تتولى مهمة حمايته وهزيمة العدو وتدميره. لذلك هي الأساس لكل قوة عسكرية منظمة دائمة أخرى، والتي عليها أن تستمد شرعيتها من تلاحمها مع المجتمع المحلي التقليدي والمدني وخدمتها له وليس لأعدائه، حتى لو كانت السلطة ذاتها. فقسم الولاء لأي قوة مسلحة هو الوطن وليس النظام، الشعب وليس الحاكم. وعقيدتها القتالية يجب أن تنص على ذلك. وأن توضع الضمانات القانونية في نظامها بشكل يبيح لها التمرد على كل ما يخالف عقيدتها.
وغدا عندما يسقط النظام تتحول قوات الجيش الحر لقوة احتياطية مناطقية محلية مندمجة بالمجتمع والحياة العامة، ولكنها جاهزة للخدمة العسكرية كلما دعت الضرورة. فتبقى تحت مسمى الجيش الحر (الذي هو بمثابة الحرس الوطني التطوعي الاحتياطي)، وتحتفظ بسلاحها وعتادها جاهزا في معسكرات خاصة محلية، وتتابع تدريبها كلما دعت الضرورة، وتتقاضى رواتب جزئية عن خدماتها، كما تستطيع ترميم بنيانها وتطويره بضم الشباب المتطوعين الجدد وتدريبهم، وتعتبر في حالة خدمة كلما أعلنت حالة الطوارئ، أو استدعيت وفق نظامها الخاص، مهمتها حماية الشعب والمدنيين والسلم الاجتماعي، والمساعدة في الكوارث كقوات دفاع مدني. وبنفس الوقت يبقى عناصرها أعضاء منتجين في المجتمع وقطاعات الاقتصاد المختلفة. ولا نرى إلا إمكانية محدودة لتحويل هذه القطعات لجيش نظامي، أو لدمجها فيه كما هي، مع وجود إمكانية انتقاء عناصر منها لتطويعهم في هذا الجيش.
إن العسكريين الذين انشقوا قد انضم معظمهم لصفوف الثوار وصاروا منهم يعملون بنظامهم الحر، وبقي قسم منهم ينتظر تشكيل نواة جيش نظامي، يعمل وفق الانضباط والتراتبية العسكرية. ويمكنهم أن يشكلوا نواة جيش نظامي ليكونوا سندا وعونا للجيش الحر في هذه المرحلة، وبعد سقوط النظام ليستكملوا بناء هذا الجيش النظامي بالإفادة مما يتبقى من عناصر ومؤسسات وعتاد لدى الدولة، طبعا بعد محاسبة المسؤولين عن الجرائم وتسريح الفاسدين، كما يمكنهم الإفادة من منتسبين جدد يجري تدريبهم على العمل التخصصي الاحترافي، ويتولى هذا الجيش النظامي في سوريا الحرة مهمة الحفاظ على الدولة وحماية حدودها.
كما ومن الضروري بمكان تفكيك وإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية كلها، ومحاسبة المجرمين وتسريح المهملين والفاسدين، وإعادة هيكلتها ضمن اختصاصاتها، وضمن صلاحياتها بحيث تكون علاقتها بالمواطن تمر عبر رقابة القضاء وإشرافه كحكم.
ولابد من الحفاظ على البنية الكبيرة الهامة لنشطاء الثورة الذين امتهنوا مهنة الدفاع المدني وقدموا الكثير للوطن وشكلوا السند الحقيقي للمجتمع والجيش الحر في أصعب الأوقات، تحت مسمى الدفاع المدني.
إنه مشروع لتنظيم القوات المسلحة يرى المستقبل بدلالة الحاضر ضمن أهداف الثورة ويحتفظ بقواها، في سبيل العودة لحياة السلم والأمن القائم على الحق والعدل وسيادة القانون، فالتخلي عن الأداة هو تخلي عن الهدف مما يستوجب الحرب، و الأداة هنا هي مشروع “جنيف2” المطروح لإجهاض الثورة وتقسيم سوريا، والذي يجب إسقاطه وبسرعة لكي تستمر وتنجح الثورة، وهذا اجتهادي.
2013/10/14

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.