تركيا تنشر قوات في إدلب … لمنع تمدد الأكراد إلى البحر

في أول انتشار للقوات التركية على الأرض في سورية منذ دخول فرق استطلاع الأسبوع الماضي، أعلن الجيش التركي إقامة مراكز مراقبة في محافظة إدلب ونشر قوات ومدرعات في إطار اتفاق «خفض التوتر» الذي تم التوصل إليه بعد تفاهمات مع روسيا وإيران. وعلى رغم أن الاتفاق يهدف إلى القضاء على أكثر التنظيمات تشدداً في إدلب وعلى رأسها «جبهة النصرة»، إلا أن خريطة انتشار القوات التركية في الشمال السوري تثير قلقاً لدى أكراد سورية. وحذرت «وحدات حماية الشعب الكردية» أمس من مغبة الانتشار التركي، موضحة أن «تركيا لا تهمها إدلب إطلاقاً، بل تريد محاصرة عفرين ما يمكن أن يشعل فتيل حرب جديدة في المنطقة». وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «الانتشار سيحصل في ريف حلب الغربي، بمحاذاة مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية»، موضحاً أن القوات التركية ستنتشر خصوصاً جنوب منطقة عفرين. وأفادت مصادر متطابقة بأن الهدف الرئيسي لتركيا وحلفائها هو منع تمدد الأكراد وسيطرتهم على المزيد من الأراضي بما يمنحهم منفذاً بحرياً على البحر المتوسط.

وأعلن الجيش التركي بدء إقامة مراكز مراقبة في إدلب في إطار «خفض التوتر»، موضحاً أن قواته في سورية تنفذ عمليات وفقاً لقواعد الاشتباك المتفق عليها مع روسيا وإيران. وينص اتفاق آستانة بخصوص إدلب على أن تقيم تركيا 14 مركز مراقبة ونشر ما مجمله 500 جندي. وذكرت عناصر معارضة وشاهد عيان أن تركيا أرسلت قافلة تضم نحو 30 مركبة عسكرية إلى شمال غربي سورية عبر معبر باب الهوى.

وأفادت وكالة «فرانس برس» بأن الجيش التركي موجود حالياً على إحدى التلال في قرية صلوة في ريف إدلب الشمالي. وتشرف هذه التلة على مناطق سيطرة الأكراد في عفرين.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب أمام «حزب العدالة والتنمية» الحاكم أمس «قلنا إننا قد ندخل على حين غفلة ذات ليلة. والليلة بدأت قواتنا المسلحة العملية في إدلب مع الجيش السوري الحر».

وأضاف «ليس من حق أحد التشكيك» في هذا الإجراء… نحن من نتقاسم حدوداً مع سورية طولها 911 كيلومتراً ونحن المهددون باستمرار».

وقال مصطفى سيجري المسؤول في «الجيش السوري الحر»، إن انتشار القوات التركية يتم «وفق مخرجات آستانة لحماية المنطقة من قصف النظام والروس ولقطع الطريق أمام الانفصاليين لاحتلال أي أرض»، وذلك في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تسيطر على عفرين.

وشدّد سيجري على أهمية احتواء ما سماه «خطر» وحدات «حماية الشعب الكردية» لمنعها من محاولة شن أي هجوم جديد يوسع نطاق سيطرتها إلى البحر المتوسط، وهو ما يستلزم أن تسيطر على مناطق جبلية تخضع لسيطرة المعارضة والجيش السوري. وقال سيجري: «اليوم يمكن القول إن حلم الانفصاليين بالوصول إلى المنفذ البحري ودخول إدلب ومن ثم جسر الشغور وجبال الساحل أصبح حلم إبليس بالجنة».

وشنّت تركيا العام الماضي عملية «درع الفرات» في شمال سورية لمنع «وحدات الحماية» من استغلال مكاسبها أمام «داعش» في ربط عفرين بمنطقة أكبر بكثير تسيطر عليها في شمال شرقي سورية.

كما أجرت تركيا تغييرات في الحكم المحلي في المنطقة التي سيطرت عليها في عملية «درع الفرات».

وفي مؤشر إلى أنها ربما تضع الأساس لعلاقات طويلة الأمد مع هذا الجزء من سورية، بدأت مدارس تلك المناطق تعليم اللغة التركية للتلاميذ، وافتتح أخيراً مكتب بريد تركي. كما تنتشر علامات الإرشاد باللغة التركية. أما الشرطة المحلية فتتلقى تدريباً من تركيا، وهناك إداريون أتراك يساعدون في إدارة مستشفيات في المنطقة.

إلى ذلك، ذكر التلفزيون السوري أن الطيار محمد صفهان الذي احتجزته السلطات التركية بعد تحطم طائرته في جنوب تركيا في آذار (مارس) الماضي عاد إلى سورية بعدما أطلقت محكمة تركية سراحه أمس.

وكان صفهان يحاكم في تركيا بتهمة التجسس وانتهاك أمن الحدود بعد تحطم طائرته المقاتلة في إقليم هاتاي الحدودي التركي. وعثر عليه فريق بحث حيث نقل إلى مستشفى محلي لتلقي العلاج ثم احتجز.

وقالت وسائل إعلام تركية إن محكمة جنائية في هاتاي أطلقت سراح الطيار لكن الإجراءات القانونية مازالت مستمرة.

وقال أنيل جواهر جان محامي صفهان، إنه لم يتضح بعد إن كان الطيار السوري سيعود إلى تركيا لمحاكمته، التي حُدد لها يوم 25 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري.

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.