تقرير: حصار الغوطة الشرقية شكلٌ من أشكال العقوبات الجماعية

قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم تحت عنوان “حصار غوطة دمشق الشرقية شكل من أشكال العقوبات الجماعية” أنَّ ما لايقل عن350  ألف مدني لا يزالون محاصرين على الرغم من اتفاقية خفض التَّصعيد مع روسيا.

وجاء في التقرير أنَّ النظام السوري بدأ منذ تشرين الأول/ 2012 حصاراً جزئياً على منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ما لبثَ في 19/ تشرين الأول/ 2013 أن توسَّع وأصبح حصاراً مطبقاً بشكل شبه كامل. وبحسب التقرير فإنه تمَّ تسجيل دخول بعض المواد الغذائية عبر معبر مخيم الوافدين إلى مناطق محدودة في الغوطة الشرقية، إثر اتفاق بين النظام السوري وفصائل في المعارضة المسلحة بداية عام 2015، إضافة إلى ذلك فقد كان يتم تهريب بعض المواد عبر أنفاق تربط الغوطة الشرقية بأحياء القابون وتشرين شرق مدينة دمشق.

وأشار التقرير إلى أنه مع نهاية آذار/ 2017 تم إغلاق معبر الوافدين، كما سيطر النظام السوري على الأنفاق بعد الحملة العسكرية التي شنَّها على أحياء القابون وتشرين في شباط/ 2017، كل ذلك أدى وفق التقرير إلى تشديد الحصار على ما لايقل عن 350 ألف مدني، وارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة المواد الطبيَّة.

وأضاف فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: “لم يقتصر النظام السوري على استخدام الحصار وسيلة من وسائل الحرب، بل إنَّه تجاوز الضرورات العسكرية وتناسباتها، وتحوَّل الحصار إلى تجويع وتضييق على المدنيين، وأصبحت كُلفَته أعلى من أيِّ هدفٍ عسكري مرجو، وتحوَّل إلى شكل من أشكال العقوبات الجماعية، حرَم السكان من الخدمات الأساسية والمواد الغذائية”.

وثَّق التَّقرير مقتل ما لايقل عن 397 مدنياً، بينهم 206 طفلاً، و67 سيدة بسبب الجوع ونقص الدواء تحديداً منذ بداية الحصار على الغوطة الشرقية في تشرين الأول 2012 حتى 22/ تشرين الأول/ 2017، كما نوَّه إلى أنَّ معظم الوفيات حصلت بين الفئات الهشَّة، كالأطفال الرضع، وكبار السن، والمرضى، والجرحى.

اعتمدَ التَّقرير بشكل أساسي على زيارات ميدانية قام بها باحث في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وتواصل مع النشطاء المحليين العاملين في الشؤون الإغاثية، وفي الخدمات المحليَّة، ومع عدد من العائلات المتضررة.

وأوضح التقرير أنَّ الحصار قد استمرَّ على الرغم من إبرام اتفاقية خفض التَّصعيد الخاصة بالغوطة الشرقية بين فصائل في المعارضة المسلحة والقوات الروسية برعاية مصريَّة في 22/ تموز/ 2017، التي نصَّت على إدخال قوافل إغاثية وبدء عمليات إخلاء الجرحى، ووفق التقرير فإنه لم يتم تسجيل دخول سوى 4 قوافل فقط شملت بعض السلل الغذائية ومواد طبية، لا تكفي سوى قرابة 25 % من احتياجات السُّكان الذين بدؤوا يعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء لاسيما مرضى السرطان الذين قدَّر التقرير عددهم بـ 543 مريضاً توفيَ 7 منهم، بينهم 4 أطفال وسيدة، منذ إغلاق المعبر في آذار/ 2017 نتيجة عدم توفُّر الجرعات الكافية لعلاجهم.

وأكَّد التَّقرير أنَّ عمليات القتل والتدمير استمرَّت بالتوازي مع سياسة التجويع فقد تمَّ تسجيل 4 مجازر، و23 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 4 منشآت طبيَّة قامت بها قوات الحلف السوري الروسي، منذ 22/ تموز/ 2017 حتى 22/ تشرين الأول/ 2017.

وأشار التَّقرير إلى أنَّ ما تمَّ توثيقه من انتهاكات يظهر بشكل واضح رغبة الحلف السوري الإيراني بإفشال أي اتفاق لخفض التَّصعيد، والعمل بشكل حثيث على تركيع المجتمع السوري بهدف الاستسلام ثم التَّسليم بشرعية النظام السوري وحليفه الإيراني، وبالتالي بسطِ نفوذه الكامل على سوريا، والسَّعي لتدمير اتفاقيات الأستانة فقد فشلَ الطرف الروسي الضَّامن لاتفاق خفض التَّصعيد في إجبار النظام السوري على الالتزام بإدخال المساعدات وإجلاء الجرحى، وهذا من أبسط المطالب.

أكَّد التَّقرير أنَّ قوات النظام السوري فرضت على نحو مُتعمَّد ومنهجي الحصار ضدَ طرفٍ آخر في النزاع المسلح الغير دولي بشكل يتجاوز أية ضرورة عسكرية وتناسباتها، وبدل تسهيل المساعدات قامت بمنعها كما قامت بقصف  المناطق المحاصرة بشكل كثيف، ومنعت مغادرة المدنيين، وأجبرتهم على العيش في ظروف لا إنسانية، تحتَ خطر الموت إما جوعاً من نقص الغذاء والدواء، أو من خطر القصف، وهذا يُشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني.

وفقَ التقرير فإنَّ النظام السوري يهدف من خلال الحصار الذي يفرضه على سكان الغوطة الشرقية إلى إيصالهم إلى مرحلة استنزاف كامل؛ ما يؤدي إلى قبولهم بأية تسويات ودفعهم إلى هجر المنطقة، كما حصل في أحياء حلب الشرقية ومدينة داريا في ريف دمشق، وحي الوعر بمدينة حمص وغيرها.

أوصى الَّتقرير مجلس الأمن الدولي بتطبيق القرارات ذات الصلة بموضوع إيصال المساعدات الإنسانية ورفع الحصار، ذات الأرقام (2139، 2165، 2191، 2254، 2258)، بشكل فعال ومنتظم.

كما طالب المجتمع الدولي بالإيفاء بالالتزامات المالية التي وعدَ بتقديمها لإغاثة الشعب السوري، لاسيما الغوطة الشرقية التي تُعدُّ من أكثر المناطق تضرراً في سوريا، كما طالب بالضغط للانتقال من حالة إدخال مؤقت للمساعدات وتخفيف الاحتقان عدة أسابيع فقط، إلى فتح طريق مستمر لإدخال المواد الطبية والغذائية. وأكَّد على ضرورة تقديم دعم عاجل للمنظمات الإغاثية والطبية المحلية العاملة في الغوطة الشرقية، بالتَّنسيق مع المكتب الإقليمي لمنظمة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.

حثَّ التقرير النظام الروسي باعتباره طرفاً راعياً لاتفاق التهدئة في الغوطة الشرقية، وفي اتفاقيات الأستانة، على الضغط على الحلف السوري الإيراني لتطبيق بنود اتفاقية خفض التَّصعيد، وإدخال مساعدات غذائية وطبية كافية والبدء بعمليات إخلاء الجرحى والمرضى.

 شدَّد التقرير على ضرورة قيام المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الحصار والمجازر بشكل واضح، فهم المتسبب الأساسي في تدمير اتفاقيات خفض التَّصعيد، وتحطيم أي تقدُّم في العملية السياسية.

كلنا شركاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.