واشنطن للجم التصعيد بين أنقرة وأكراد سورية

ألقت واشنطن أمس بثقلها على خط التصعيد بين تركيا وأكراد سورية في شرق نهر الفرات، بالتزامن مع استبعادها التدخل عسكرياً ضد الوجود الإيراني في سورية، وتأكيدها أنها «غير معنية بتغيير النظام». واستدعى احتدام القتال بين فصائل المعارضة المسلحة والنظام السوري، تحذيراً روسياً جديداً من محاولات «الإرهابيين تخريب اتفاق» إدلب.

وأعلنت الرئاسة التركية في بيان أن الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والأميركي دونالد ترامب تحادثا هاتفياً حول سورية، وذلك بعد ساعات قليلة من إعلان أنقرة بدء تسيير دوريات تركية- أميركية في مدينة منبج (شمال سورية). وأفاد البيان أن الرئيسين بحثا في قضايا ثنائية والتطورات في سورية، وتطرقا إلى الإجراءات المتعلقة بمنبج وإدلب.

وغداة قصف متبادل عبر الحدود بين الجانب التركي وقوات سورية الديموقراطية (قسد) في منطقة كوباني (عين العرب)، أعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن أنه يعمل على «خفض التصعيد الأخير بين الطرفين». وأكد الناطق باسم التحالف شون ريان في حسابه على «تويتر»، أهمية «التركيز على هزيمة تنظيم داعش».

وفي وقت سابق، قال الناطق باسم البنتاغون الرائد شون روبرتسون، إن بلاده على علم بالخطط التركية لإطلاق عملية شمال شرقي سورية، مبيناً أن واشنطن على تواصل مع تركيا و «قوات سورية الديموقراطية» من أجل تهدئة الوضع، لكنه أشار إلى أن تركيا حليف للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، مشدداً على إيلاء بلاده أهمية لأمن حدود تركيا، ودعا «الأطراف كافة إلى تجنب تصعيد التوتر».

لكن الرئيس المشترك لـ «مجلس سورية الديموقراطية» (مسد) رياض درار، اعتبر أن «القلق الأميركي لا يقدم شيئاً لحل المسألة»، وقال لـ «الحياة: «هناك محاولات للتهدئة، لكن المشكلة في التصعيد التركي. نحن لا نشكل أي تهديد، ودائماً نتحدث عن حسن الجوار». وعزا التصعيد الأخير «إلى حسابات سياسية تركية تريد تصفيتها مع أميركا، خصوصاً اختلاف الرؤية حول اتفاق منبج». وحذر من «تطورات خطيرة في حال لم تتدخل الولايات المتحدة بفاعلية أكبر لمنع التصرف الأرعن للأتراك».

في المقابل، وبعد أنباء عن إخطار تركيا الفصائل المدعومة من قبلها للتجهيز لمعركة مقبلة، قال مدير المكتب السياسي في فصيل «لواء المعتصم» المقرب من تركيا مصطفى سيجري: «بعد تثبيت اتفاق إدلب، باتت مسألة حماية مناطق شمال شرق سورية من تسليمها إلى (رئيس النظام بشار) الأسد عبر صفقة، أولوية بالنسبة إلى الجيش الحر». وقال في تغريدة على حسابه في «توتير»: «اليد ممدودة في اتجاه الكرد لصوغ مبادرة وطنية لا مكان فيها للإرهابيين من أجل رسم مستقبل يسوده العدل والحرية للجميع».

وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أمس، انطلاق الدوريات المشتركة بين الجيشين التركي والأميركي في منبج. وقال: «برغم الوعود الأميركية بإخراج تنظيم ي ب ك/ بي كا كا الإرهابي من منبج، يحفر هذا التنظيم الخنادق». وأضاف: «على التنظيم أن يعلم جيداً أنه هو من سيُدفن في الحفر التي حفرها عندما يأتي المكان والزمان المناسبين».

وقال الناطق باسم مجلس منبج العسكري شيرفان درويش لـ «الحياة»: «شهدنا تسيير أول دورية مشتركة بين الجانبين التركي والأميركي»، موضحاً لـ «الحياة» أن «الدوريات على الخط الفاصل بين مناطق الأكراد ومناطق فصائل درع الفرات لمنع الاحتكاك، ولم ولن تسير في مناطقنا». وزاد: «تم تسيير 64 دورية منفصلة، والجديد اليوم (أمس) أنه يتم تسيير دوريات مشتركة» على خطوط التماس. ورأى شاهد من «رويترز» قافلة مؤلفة من ست مركبات عسكرية يرفع بعضها العلم الأميركي، والبعض الآخر العلم التركي على بعد 20 كيلومتراً من منبج.

وفي باريس، قال الموفد الأميركي إلى سورية السفير جيمس جيفري، إن واشنطن «ليست في وارد تغيير النظام في سورية بل تركز على المسار سياسي». وكشف ملامح استراتيجيا بلاده في التعاطي مع الملف السوري، مشيراً إلى أنها تعتمد على تحقيق ثلاثة أهداف، هي مواجهة تحدّي «داعش»، وإخراج القوات الإيرانية وتلك التي تدعمها من كل سورية، وإرساء عملية سياسية تستند إلى القرارات الدولية. واستبعد الخيار العسكري لإخراج إيران من سورية، وقال: «هذا الهدف سياسي، أما الإسرائيليون فلم يضعوا جانباً الخيار العسكري في سورية، ويحاولون ضرب قدرات إيران العسكرية هناك».

في غضون ذلك، قُتل أمس أربعة عناصر من قوات النظام في هجوم شنته «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) في ريف إدلب الشرقي. ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قولها: «لا يزال هناك مسلحون من النصرة في إدلب لا يتوقفون عن محاولاتهم تخريب تنفيذ مذكرة التفاهم التي اتفقت عليها روسيا وتركيا».

الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.