ميديا-بارت: الهجوم التركي يكشف الاضطرابات الجيوسياسية لـ“ما بعد سوريا”

اعتبر موقع “ميديا بارت” الفرنسي أن الصراع السوري أعاد كتابة خطوط النفوذ في الشرق الأوسط: الانسحاب الأمريكي والعجز الأوروبي والتأكيد التركي وعودة روسيا.

وقال كاتب المقال، توما كانتالوب، إنه في حين أن جميع النزاعات تكشف عن التوجهات الجيوسياسية لمختلف أصحاب المصلحة، فإن الحرب في سوريا ليست استثناءً من القاعدة. وما الهجوم التركي في شمال سوريا إلا أحد أوجه الأزمة المستمرة منذ عام 2011، لكنه أيضًا أكثر من ذلك: علامة على التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

واعتبر كانتالوب أن وراء تناقضات وصخب إعلانات الرئيس الأمريكي، تظل هناك حقيقة لا جدال فيها: لم تعد الولايات المتحدة ترغب في لعب دور الحاكم العسكري في الشرق الأوسط ولا في المشاركة في حروب بعيدة رهاناتها ذات تأثير هامشي عليها. ولاحظ العديد من الخبراء الأمريكيين مدى تشابه سياسات باراك أوباما ودونالد ترامب حيال الأزمة السورية، رغم الاختلاف في الشكل.

وتابع الكاتب القول إنه على عكس تراجع الولايات المتحدة، تقوم تركيا بتوسيع نطاق سياستها الخارجية في المنطقة بشكل مطرد. يقابل هذا الحضور التركي القوي، غياب أوروبي منذ بداية الحرب الأهلية السورية. وقد خذل الاتحاد الأوروبي نفسه بنفسه بموافقته على دفع مئات ملايين اليوروات إلى تركيا لمنع ضحايا الحرب من الدخول إلى “Fortress Europe”، وهي نقطة تعرف الحكومتان التركية والسورية كيف توظفانها. فباستثناء ألمانيا، تخلت مختلف دول الاتحاد الأوروبي عن مسؤولياتها -أو حتى تضامنها الإنساني– فيما يخص الترحيب باللاجئين السوريين. لذلك من السهل على أردوغان أن يبتز الأوروبيين حول هذا الموضوع.

أما روسيا وإيران، فأوضح الكاتب أنهما في مركز اللعبة، حيث أنقذ دعمهما نظام بشار الأسد من الانهيار. وبالإضافة إلى تعزيز نفوذها في العراق، بنت إيران “قوسها الشيعي”، الذي يمتد الآن من بحر العرب إلى البحر الأبيض المتوسط، ​​وتمكّنت من إظهار طموحاتها (ونجاحاتها) كقوة إقليمية كبيرة، في الوقت الذي تعاني البلاد من الصعوبات الاقتصادية والرفض ​​المستمر للغرب.

في حين، نجح فلاديمير بوتين في إعادة نفوذ بلاده في الشرق الأوسط في غضون بضع سنوات، وبات اليوم يمتلك مفاتيح الصراع السوري. كما أن مراقبين يرون أن الهجوم في شمال سوريا قد يخدم مصالح الكرملين.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.