التايمز: “أم فور”.. طريق التماس بين الأعداء والحلفاء في سوريا

أشار مراسل صحيفة “التايمز” البريطانية ريتشارد سبنسر في تقرير له إلى منطقة شمال- شرق سوريا التي تحولت إلى بوتقة لكل القوى المتنافسة في سوريا حيث يحاول الأعداء والأصدقاء عدم الإحتكاك ببعضهم البعض تجنبا للصدام. وقال إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تثير جاذبية كل الأطراف في النزاع السوري، خاصة حديثه عن إنهاء الحروب اللانهائية التي تخوضها أمريكا في المنطقة. وكان يقترب من تحقيق طموحه في السادس من تشرين الأول (أكتوبر) عندما أمر بسحب القوات الأمريكية من شرق سوريا، إلا أن الأحداث على الحدود السورية- العراقية أثبتت أنه من السهل الكلام لا الفعل. فعلى الطريق السريع أم فور توجهت العربات الامريكية المصفحة نحو القامشلي وبعد أيام عادت مروحيات وأفرغت حمولتها من الجنود وعربات برادلي المصفحة جنوبا منها والسبب هذه المرة هو تنظيم الدولة. وعلى ما يبدو لم تنته الحرب بل وبدأت من جديد. وأدت عودة القوات الأمريكية إلى تحويل هذه المنطقة المغبرة من البلدات والقرى إلى بوتقة معقدة تتنافس فيها الجيوش الدولية والمحلية بدون أن يكون هناك حل سياسي للأزمة السورية. ففيها المقاتلون الأكراد وقوات النظام والقوات التركية والمقاتلون العرب الموالون لتركيا والمسيحيون الآشوريون والبريطانيون والفرنسيون وقوات أخرى صغيرة تقوم بدوريات وتحاول تجنب الإقتراب من الطرف الأخر على مساحة صغيرة من الأرض.

وعندما أعلن ترامب سحب القوات الأمريكية قال إن تنظيم الدولة سحق وعلى القوات المحلية أن تتحمل المسؤولية وتسيطر على ما تبقى من ناشطين جهاديين. وقالت البنتاغون إن هؤلاء الناشطين لا يزالون يمثلون تهديدا على المصالح الأمريكية، كما أن القوات المحلية ليس لديها ذلك السجل المشرف قبل تدخل الولايات المتحدة. وكلام البنتاغون صحيح ولكن هناك سبب يمنع من تحقيق وعد ترامب، فلو خرجت أمريكا فستخسر التأثير العسكري في أكثر المناطق كثافة وأهمية في التاريخ الحديث.

ويمتد أم فور من الحدود العراقية غربا على تخوم المناطق الكردية إلى السهول السورية في الشمال ثم غربا إلى إدلب التي يسيطر عليها الجهاديون ثم إلى الحدود التركية. وبعد تراجع ترامب عن أمره عادت القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والقوات الخاصة إلى تنظيم دوريات ضد تنظيم الدولة مع قوات سوريا الديمقراطية. وقبل 6 تشرين الاول (أكتوبر) كانت القوات الامريكية تسير دوريات مشتركة مع القوات التركية في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية غرب وشرق مدينة القامشلي، لمنح تركيا الثقة من أن هذه الجيوب لن تستخدم كنقطة إنطلاق لتنفيذ هجمات ضد الأراضي التركية. وتوقفت الدوريات مع الخروج الأولي للقوات الأمريكية والذي قاد إلى التوغل التركي في مناطق شمال سوريا. ورد الأكراد بالبحث عن مساعدة من “أصدقائهم الأعداء” أي النظام السوري. ويقوم جنود النظام ومقاتلي حماية الشعب الكردية بتسيير دوريات مشتركة لوقف تقدم القوات التركية. وبحسب اتفاق سوتشي بين الرئيس فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان تمت إضافة تشكيل جديد وهو قيام الشرطة العسكرية الروسية مع قوات النظام بتسيير دوريات قرب الحدود التركية لمنع تقدم جديد للقوات التركية وسيطرت على نقاط المراقبة الحدودية.

وأرسل بشار الأسد 1.300 من جنوده إلى الشرق والغرب. وأظهر فيديو كيف مرت قوافلهم إلى جانب القوات الأمريكية التي كانت تسير في الإتجاه المعاكس. وأصبح ممر ام فور أكثر ازدحاما فإلى جانب دوريات القوات الأمريكية- قوات سوريا الديمقراطية هناك دوريا الشرطة العسكرية الروسية- النظام السوري والقوات الروسية- التركية ودوريات النظام السوري مع المقاتبين الأكراد في منطقة لا يتجاوز عمقها عن 20 ميلا. وهي محاصرة بشكل كامل من القوات التركية والجماعات الموالية لها. ولا تتعامل التحالفات في المنطقة مع امتداد أم فور في الغرب حيث تسيطر جماعات جهادية تقودها هيئة تحرير الشام الموالية لتنظيم القاعدة. ولا امتداده في جنوب- شرق حيث الميليشيات الإيرانية تقوم ببناء قواعد عسكرية على طرف المناطق التي تتحكم بها أمريكا حول مدينة البوكمال. ويقول ترامب إن قراره لإعادة التفكير في سحب القوات من سوريا جاء من أجل النفط، لكن سبب البنتاغون مختلف: فمع تنافس الروس ونظام الأسد وتركيا وإيران على مناطق شرق سوريا العربية والكردية فهل تستطيع أمريكا ترك الميدان؟ وعندما سئل الجنرال كينث ماكينزي قائد القيادة الوسطى في الشرق الأوسط عن مدة بقاء 500 جندي أمريكي في سوريا أجاب “ليس لدينا موعد نهائي” وربما ظلت الحروب اللانهائية حروبا لانهائية.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.