مخاوف من انتشار فيروس «كورونا» شمال سوريا بشكل كارثي

في ظل انتشار فيروس كورونا «كوفيد 19» في معظم أنحاء العالم واعتباره وباءً خطيراً، حذر ناشطون سوريون من خطورة تفشي هذا الفيروس في مناطق المعارضة السورية، لافتقارها إلى أبسط المعدات الطبية اللازمة، ولقلة المشافي بسبب تدمير النظام وروسيا لأكثرها، إضافة إلى الاكتظاظ السكاني، وبدائية العيش في المخيمات، التي لا تتوفر فيها مقومات الحياة الصحية من نظافة وصرف صحي. وقام الدفاع المدني في تلك المناطق إلى جانب بعض المبادرات الأهلية، بالتوعية والتحذير من خطورة هذا الوباء، إضافة إلى قيامهم بأعمال التعقيم.
في هذا الموضوع يؤكد الدكتور عبد الحكيم رمضان، المنسق العام في صحة إدلب التابعة للمعارضة، أنه حتى الآن لم تسجل أي حالة مؤكدة في الشمال السوري، حيث تم عزل بعض الحالات للاشتباه وتم إرسال عينات الدم إلى تركيا لنفي أو تأكيد الإصابة.

التوعية

ويقول رمضان في حديث لـ «القدس العربي» إن أهم ما يمكن أن نقوم به الآن هو التوعية بالدرجة الأولى، «فهي الخطوة الأولى والاخيرة بالنسبة للمخيمات، فالوقاية خير من العلاج، لأن الفيروس إذا انتشر بشكل انفجاري في مناطق ذات كثافة سكانية عالية كالمخيمات سيكون أثره كارثياً، من حيث أعداد الإصابات غير المسيطر عليها». موضحاً أن تركيا تقوم بإعداد مشفيين في منطقة درع الفرات لاستقبال الحالات بإمكانيات محدودة أي حوالي 40 سريراً، معتبراً أن الطريق الوحيد لوصول الفايروس للمناطق «المحررة « هو المعابر والحدود سواء عن طريق تركيا، أو عن طريق النظام، لذلك من ضروري جداً وقف جميع أشكال الانتقال ما بين المناطق، لضمان عدم وصول العدوى للشمال السوري.
ويضيف المسؤول الصحي في إدلب «نسبة هذا الفيروس في حال انتشر بشكل انفجاري فإنه قد يصيب 60-70% من الكتلة البشرية الموجودة ضمن هذه المنطقة، وإن نسبة الوفياة قد تصل لأكثر من 3% وهذا يعني احتمالية وفاة أكثر من 100 ألف شخص، في حال لم يكن هناك إجراءات وقائية شديدة للحد من الانتشار السريع للفيروس، حيث يجب الاهتمام بالفئات العمرية المتقدمة، كون نسبة الوفيات ترتفع بشكل ملحوظ بعد عمر الـ50 سنة من 1.3% لتصل إلى 14.8% بعد عمر الثمانين، في حين أنه لم يتم تسجيل وفيات في الأعمار قبل التسع سنوات».
وحول الإجراءات التي تقوم بها مديرية صحة إدلب التابعة للمعارضة يقول المسؤول الصحي «نقوم بنشر التوعية عبر فرق الصحة المجتمعية لزيارة المخيمات والتجمعات السكنية، والرسائل الدورية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى التوجه لخطباء الجوامع وتحميلهم رسائل حول المرض والوقاية منه ومدى جديته».
عبيدة دندوش مسؤول الصحة والسلامة، يؤكد أنه لحد الآن لم تسجل إصابات مؤكدة، «كانت هناك حالتان وفاة مشتبه بهما، لكن بعد إجراء الفحوصات عبر إرسالها إلى تركيا تبين أن النتائج سلبية، أي أن الوفيات غير ناتجة عن هذا الفيروس، وهناك حالة ثالثة لم تأت نتيجة الاختبار لها بعد من تركيا».

لا جهود عملية

ويؤكد دندوش أنه لم تقم الحكومات»المؤقتة والإنقاذ» في المناطقة المحررة بأي جهود عملية لتفادي تفشي الفيروس لا من حيث الوقاية ولا من حيث تجهيز مراكز حجر، ويضيف في حديثه لـ»القدس العربي» «الجهود الدولية ليست موجودة في المحرر، ولم نشهد تحركاً جدياً من قبل منظمة الصحة العالمية، وهناك أخبار بأن تركيا سترسل مخبراً وبائياً، لكنه للآن لم يصل، ولم تقم تركيا بأي إجراءات في الشمال السوري».
في هذا السياق اعتبر الناشط الإعلامي سلطان الأطرش أن الخطوات المتبعة من قبل حكومتي الانقاذ والمؤقتة لتفادي انتشار الوباء، للآن خجولة والاجراءات غير جادة بالنسبة إلى فض التجمعات والأسواق والأماكن المزدحمة».
ويقول الناشط في حديثه لـ»القدس العربي» «الحجر الصحي هو الخيار الأوحد في ظل ضعف الجهاز الصحي في المنطقه بشكل عام، والنظافة الشخصية واتباع التعليمات التي تصدر عن منظمة الصحة العالمية والتي تنقلها الفرق الصحية للأهالي في منطقة المخيمات»، مضيفاً «الجهود الدولية غير موجودة لحد الآن، هناك وعود من منظمة الصحه العالمية بالتعامل بشكل جدي، حيث تجري محادثات من أجل مواجهة هذا الوباء في حال انتشر ضمن إدلب، أما بالنسبة للجانب التركي فهناك تحرك إيجابي عبر وزارة الصحة والمنظمات الطبية.

كارثة إنسانية

ويرى الأطرش أن كارثة إنسانية ستقع في حال انتشر هذا الفيروس في المناطق المحررة، بسبب الازدحام السكاني الكبير.
من جانبه يرى الصحافي السوري مهند درويش أن ما يعيشه «المحرر» هو حجر صحي طبيعي، فالشمال السوري محجور تماماً عن كل الكرة الأرضية، إذ لا حركة جوية مطلقاً إلى المنطقة، والحركة البرية محدودة جداً ببعض المعابر مع النظام وتركيا تم الحد منها مؤخراً، يضاف إلى ذلك أن لا حركة سياحية في المنطقة، تلك الأسباب هي التي أخرت وصول الفيرس والذي لا ينتقل إلا عبر التماس المباشر مع مصابين».
ويضيف الصحافي درويش في حديثه لـ»القدس العربي»: «لا اعتقد أن هناك خطوات كافية اتبعت من قبل حكومة الانقاذ وحتى المؤقتة، فيما يتعلق بمواجهة الوباء، واقتصرت خطوات تلك الحكومتين على إيقاف المدارس وبعض التعميمات المتعلقة بضرورة المحافظة على أساسيات الوقاية، أما تركيا فقد أوقفت حركة المسافرين من والى سوريا بشكل كامل وهذا أمر مهم جداً لمنع وصول الوباء إلى المناطق المحررة، اذ تعتبر تركيا البوابة الوحيدة منها الى العالم، اضافة إلى ذلك فان الحكومة التركية تقدم خدمة التحليل للكشف عن الحالات المشتبه بها، كما قدمت دورات عدة لاطباء سوريين من أجل أن يتمكنوا من القيام بذلك بأنفسهم».

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.