النظام السوري يعتقل ضباط استخبارات بعد «اشتباه في اختراق أمريكي – إسرائيلي»

في خطوة تؤشر إلى اختراق دائرة اتصالات النظام السوري فقد اعتقل الأخير عدداً من ضباط الاستخبارات، بينهم مسؤول كبير مقرب من بشار الأسد، الأمر الذي أثار تكهّنات واسعة حول أسباب هذه الخطوة، خاصة أن هؤلاء الضباط مسؤولون عن ملف الاتصالات في مؤسسات النظام العسكرية والأمنية، ما دفع للاعتقاد بأن الأمر مرتبط بقضية الاغتيالات التي طالت عدداً من القادة الإيرانيين والفلسطينيين في سوريا. وشهدت البلاد مقتل عدد من قادة الفصائل الفلسطينية المرتبطة بالنطام وإيران في دمشق خلال السنوات الأخيرة.
وفي السياق نقض النظام السوري جميع العقود الاقتصادية مع شركات ابن خاله الملياردير رامي مخلوف، وأوعز لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، بإلغاء 9 عقود مبرمة مع شركات مخلوف لاستثمار السوق الحرة عبر البوابات والمنافذ الجوية والبرية والبحرية، بذريعة استخدام «منشآته وسيلة لتهريب البضائع والأموال» كما ألقى النظام السوري، الحجز على أموال اللواء معن الحسين رئيس إدارة الاتصالات التابعة لجهاز أمن الدولة الذي يديره الوزير علي مملوك.

وثيقة مسربة

وكشفت وثيقة مسربة، منسوبة لوزير المالية لدى النظام السوري، مأمون حمدان صادرة بتاريخ 14 من شهر حزيران/يونيو الجاري، عن قرار إلقاء النظام السوري الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرئيس إدارة الاتصالات التابعة للوزير علي مملوك، اللواء معن حسين وزوجته وأولاده. وحسب المعارض السوري أيمن عبد النور فإن السبب وراء القرار هو «اتهامه بالتجسس لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وبيع المكالمات وبيع التنصت على المكالمات».
في غضون ذلك، أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، قراراً يعود تاريخه إلى 25 من الشهر الحالي، منسوب للمدير العام للمؤسسة العامة للمناطق الحرة، «إياد الكوسا»، يقضي بفسخ النظام السوري جميع عقود شركات رامي مخلوف لاستثمار السوق الحرة في المعابر البرية مع لبنان والأردن، والمنافذ الجوية عبر مطار دمشق الدولي، ومطار حلب – ومطار الباسل الدولي، والبحرية، عبر مرفأ اللاذقية، ومرفأ طرطوس. وجاء في القرار الذي يحمل رقم «526» أنه «استناداً إلى أحكام المواد الواردة في العقود مع المستثمر، الخاصة بفسخ العقد، ونظراً لثبوت اتخاذ مستثمر الأسواق الحرة من منشآته وسيلة لتهريب البضائع والأموال.
ونشرت الوزارة نص القرار «الصادر عن مجلس إدارة المؤسسة المنعقد برئاسة وزير الاقتصاد»، تؤكد فيه فسخ عقودها المبرمة كافة مع مخلوف لاستثمار المناطق الحرة، في كل من «جديدة يابوس، ومركز نصيب، ومركز باب الهوى ومرفأ اللاذقية، ومرفأ محافظة طرطوس، ومطار دمشق، ومطار حلب، ومطار الباسل في اللاذقية».
ويحتكر رامي مخلوف الأسواق الحرة منذ عام 2003، وذلك بناء على «المرسوم رقم 40 المتضمن تصديق نظام الاستثمار في المناطق الحرة» حسب الوثيقة، إذ لم يدخل أي منافس لاستثمار تلك المنطقة بسبب الحصانة التي كان يتمتع بها «مخلوف» منذ ذلك الحين.
لكن، ومنذ تفاقم حجم الصراع بين أركان النظام السوري، حيث يخوض بشار الأسد، حرباً منذ قرابة السنة ضد مخلوف واجهها الأخير بمعركة إعلامية عبر مجموعة تسجيلات مرئية وتدوينات، محاولاً أن ينهيها بتنازله عن أملاكه وأرصدته في البنوك السورية، لصالح مؤسسة خيرية يملكها، في خطوة استباقية ونية يرمي من خلالها مخلوف إلى كسب موقف أخلاقي، لكن بشار الأسد، رفض حسب المعطيات إنهاء الخلاف بهذا الشكل، إذ يواصل تجميد شركات قريبه، وتجريده من كل أملاكه في البلاد وخارجها.

عقوبات جديدة على رجل الأعمال رامي مخلوف

ويعود أصل الخلاف بين الأسد ومخلوف إلى سلسلة من التطورات و»التهديدات» حسب وصف مخلوف وكان أولها: فرض مبلغ 134 مليار ليرة سورية على شركة «سيريتل» من قبل الهيئة الناظمة للاتصالات، ثم رفع سقف المطالبات ومطالبة الهيئة بزيادة حصتها لتصبح 50% من عائدات الشركة الذي سيؤدي ذلك حكماً لإفلاسها. ثم توجيه تعليمات للمدير التنفيذي لشركة «سيريتل» لتسيير أعمالها بمعزل عن رئيس مجلس إدارتها مخلوف وتلقي وتنفيذ تعليمات صادرة عن جهات تابعة للأسد مباشرة، ثم الضغط على بعض المدراء بالشركة واحتجاز مجموعة من الموظفين لترهيب البقية وضمان تنفيذهم للتعليمات الموجهة إليهم.
ولم ينته التصعيد عند ذلك، فقد فرض النظام السوري أيضاً، قرار بالحجز الاحتياطي على أموال مخلوف وزوجته وأولاد المنقولة وغير المنقولة ضماناً لأموال مترتبة على الشركة، إضافة إلى فرض حراسة قضائية على «سيريتل».

نزاع محتدم

ودخل النزاع المحتدم بين رئيس النظام السوري بشار الأسد وابن خاله، مستويات متقدمة، بعد خسارة الأخير المدوية، ما دفعه إلى توجيه تهديد مباشر لرئيس النظام بشار الأسد عبر منشور على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، متحدثاً عن زلزال سيضرب الظالمين وسيذهل المعنين، ملمحاً إلى وجود يد خفية ذات قوة خارقة سمحت لبعض الأشخاص بالتجرؤ على ملكيته الخاصة، وقال مخلوف في آخر منشور له مطلع الشهر الجاري «هذه الأموال ليس في مقدور أحد أن يمنعها عن مستحقيها فبكل صراحة ووضوح وبكل شجاعة وثقة أكرر لا أحد قادراً على منع إيصال هذه الأموال إليكم لا أحد لا أحد لأنها بأمر الواحد الأحد فإن أصروا على موقفهم بنصرة الظالم على المظلوم فالعنوني إن لم يكن هناك تدخل إلهي يوقف هذه المهزلة ويزلزل الأرض بقدرته تحت أقدام الظالمين.. وأضاف «أن الأيام القليلة المقبلة حاسمة».
مراقبون للشأن السوري، اعتبروا في تصريحات لـ «القدس العربي» أن الصراع بين الأسد ومخلوف سينتقل إلى داخل الطائفة العلوية كساحة حرب أخرى مغايرة للساحة الاقتصادية، وبأنها أي الطائفة التي يتحدر منها كلاهما، هي الحكم الذي سيحدد من الفائز ومن الخاسر، ولعل توجيه الرسائل من قبل مخلوف وأسماء الأخرس عقيلة الأسد للعلويين، معززاً لتلك النظريات، خاصة بأن كليهما يراهن عليها في تحصيل المكاسب وتقليب الشارع ضد الآخر واكتساب التأييد.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.