شيوخ قبيلة «العكيدات» في دير الزور السورية لـ «القدس العربي»: مشروع «قسد» يجب أن ينتهي… ولا لإقصائنا

في إطار سعيه إلى تهدئة الموقف المتفجر في ريف دير الزور الشرقي، وصل زعيم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي إلى المنطقة، وفق ما أفادت مصادر محلية، وسط موجة استياء شعبي. وتأتي الزيارة في وقت تشهد فيه مناطق سيطرة «قسد» توترات مع العشائر العربية في المنطقة، إثر موجة اغتيالات طالت وجهاء من العشائر، وخلافات على المناهج الدراسية وإدارة المناطق.
وبلغت التوترات ذروتها بمقتل مطشر جدعان الهفل، أحد شيوخ قبيلة العكيدات، وتوجيه أصابع الاتهام لـ «قسد». والتقت «القدس العربي» بالشيخ عمار الحداوي، أحد وجهاء قبيلة العكيدات، للوقوف على خلفية ما يجري في مناطق ريف دير الزور، حيث أوضح أن أبناء تلك المناطق كانوا يظنون أنهم بخلاصهم من بطش تنظيم «الدولة» وسيطرة «قسد» المدعومة من التحالف الدولي سيكونون على أعتاب مشروع جديد يقوم على الديمقراطية والمساواة والتعايش بين أبناء الشعب السوري. وأضاف: «لكن «قسد» التي قطعت وعوداً كثيرة، لم تف بها، بل إنها نقضت عهدها ومواثيقها لتتستر بالسلطة السياسية وتسيطر على الموارد الاقتصادية وكافة السلطات العسكرية والأمنية والقضائية، بحيث لم يعد للمكون العربي، وهو المكون الأصيل الذي ينتمي له جميع أبناء هذه المناطق أي دور في إدارة شؤون هذه المناطق».
وكانت قبيلة العكيدات، قد أصدرت بياناً بعد مرور يومين على مقتل الشيخ الهفل، في استهداف سيارة كانت تقل شيوخ ووجهاء من القبيلة في ريف دير الزور الشرقي. وحمّل البيان «التحالف الدولي المسؤولية الكاملة عن كلّ ما يجري في مناطقها، لكونه هو مَن أَسّس سلطات الأمر الواقع ويشرف عليها».
وطالبت القبيلة «قيادة التحالف بتسليم إدارة مناطقنا لأصحابها، مع أخذ المكوّن العربي لدوره الكامل في إدارة المنطقة وقيادتها، مع الإفراج عن المعتقلين المظلومين، وإيجاد حلّ للنساء والأطفال الموجودين في المخيمات»،مُمهِلة إياها «شهراً للاستجابة لمطالبها، وإعادة الحقوق إلى أهلها، وتسليم المجرمين للعدالة» في إشارة إلى قتلة الشيخ الهفل. ورأى الشيخ الحداوي أن البيان «لم يأتِ من فراغ، وإنما من تراكمات ومن سلوكيات سلبية من قوات «قسد» منها حالة المجاعة والفقر وقلة الأمن والاستئثار بالموارد، ولكن ما أرق الأهالي هو الجانب الأمني وعمليات التصفية والاغتيالات التي صارت مألوفة بدون محاسب أو رادع».
وأضاف الحداوي، أن هذه الحادثة استدعت اجتماعاً موسعاً لأبناء العشيرة في بيت المشيخة في بلدة ذيبان، تم فيه التوافق على بيان يخاطب التحالف ويطالب بالحقوق المشروعة والاستحقاق الوطني.

«نعم لإخراج قسد»

ومن بين بنود البيان، وفقاً للشيخ أن أبناء هذه المناطق تطالب بإدارة مناطقها وإخراج «قسد» منها. ولدى سؤاله عن قدرة أبناء هذه المناطق من المكون العربي في إدارة مناطقهم في حال استجابت قوات التحالف لمطالبهم، أكد الحداوي، قدرتهم على ذلك على الرغم من أن الكثير من الكفاءات اضطرت للهجرة من هذه المناطق بعد سيطرة تنظيم الدولة، وبعدها سيطرة «قسد».
وتابع الحداوي، بأن مطالب القبيلة مشروعة وواقعية، وأن على التحالف الدولي الاستجابة لها إذا أراد أن يعم الأمن والاستقرار والسلام، لأن التعايش مع «قسد» بات مستحيلاً، وهذا ما تدركه قيادات التحالف أيضاً، وفق تأكيده. وتوقع الحداوي، أن يستجيب التحالف الدولي لمطالب قبيلة العكيدات لأنها «مطالب مشروعة، ولأنها ستبقى تحت غطاء التحالف وبالشراكة المباشرة له دون المرور بـ «قسد» لان التحالف الدولي يهمه «إحلال السلام».
وأردف أنه «في حال عدم استجابة التحالف، ستكون هناك خطابات موجهة إلى الأمم المتحدة وسفارات بعض الدول الفاعلة في ذات الوقت الذي سيوسع أبناء تلك المناطق من أنشطتهم المدنية السلمية بممارسة حقهم في التظاهر والعصيان المدني والاحتجاجات.
وحول مصير المقاتلين العرب ضمن «قسد» أكد الحداوي، أن واجبهم الوطني والأخلاقي يفرض عليهم أن يكونوا جزءاً من الحراك الشعبي الذي يتبنى المطالب التي طرحها بيان القبيلة، وهي مطالب أهلهم وذويهم من هذه القبيلة ومن القبائل والعشائر العربية الأخرى، واستبعد أن يكون لهؤلاء المقاتلين أي رغبة أو دافع للانخراط في صفوف قوات النظام .
وفي سياق الحديث عن التوتر في دير الزور، أكد شيخ «عشيرة الشعيطات» رافع عقلة الرجو، رفضه تلبية الدعوة الموجهة له من السفارة الأمريكية في العاصمة التركية أنقرة، للمشاركة في إحياء الذكرى السادسة لمجزرة «الشعيطات» التي ارتكبها تنظيم الدولة بحق المئات من أبناء العشيرة في العام 2015، بريف دير الزور الشرقي.
وفي حديث خاص لـ «القدس العربي» أوضح الرجو أنه اشترط مطالباً عدة على السفارة، قبل الموافقة على الحضور. وقال: إن «المذبحة جريمة بكل المقاييس، غير أن ميليشيا «قسد» لا تقل في أفعالها الإرهابية عن تنظيم الدولة الإسلامية» مضيفاً: «لذلك طالبت السفارة باستكمال تحرير المناطق من سيطرة الميليشيات الإرهابية التابعة لحزب العمال الكردستاني، قبل حضور الدعوة». وتابع الرجو، بأنه طالب أيضاَ بمد يد العون للعشائر العربية حتى يتم طرد الميليشيات الإيرانية، وميليشيات النظام من الجزيرة السورية، من خلال دعم «جيش العشائر».

… و«لا لإقصاء العشائر»

وأكد أن موقفه الرافض للدعوة، لا يعني مقاطعة الولايات المتحدة، وإنما حثها على تغيير سياساتها التي تسبب بضرر بالغ للعشائر العربية في شرق سوريا، وقال: إن «دعم الولايات المتحدة، لمكون محدد، أدى إلى إقصاء العشائر عن المشهد السياسي والاقتصادي».
وتساءل الرجو، عن الفائدة من إحياء ذكرى مذبحة الشعيطات التي ارتكبها تنظيم «الدولة» في الوقت الذي لا زال فيه أبناء العشيرة يعانون من الانتهاكات من قبل مليشيا «قسد». وحسب وجهة نظره، فإن الحل للخروج من حالة عدم الاستقرار، هو دعم «جيش العشائر» وتمكين أبناء المنطقة من حكم مناطقهم، لتحصيل حقوقهم في ثروات مناطقهم، وتحديداً النفط.
ونشرت السفارة الأمريكية في دمشق منشوراً على صفحتها الرسمية في فيسبوك جاء فيه: «تُحيي الولايات المتحدة الذكرى السادسة لمذبحة الأبرياء من عشيرة الشعيطات على يد تنظيم داعش البربري، وكذلك تُقر بالتضحيات التي قدمها شعبهم خلال عملية التحرر من التنظيم الإرهابي في كانون الثاني 2018».
وتابعت: «تستمر الولايات المتحدة بالتزامها الشديد العمل مع جميع أهالي دير الزور لتحقيق الأمن والازدهار والاستقرار في المنطقة وضمان ألا تعود داعش أبداً». ويتهم تنظيم الدولة، بإعدام المئات من أبناء عشيرة «الشعيطات» في صيف العام 2015 في ريف دير الزور الشرقي، إلى جانب مصادرة ممتلكاتهم في حينها.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.