سوريا: جولة جنيف الثالثة بلا توقعات… مسار طويل وأجواء دولية غير مساعدة لحل سياسي

تعقد اليوم الاثنين الجولة الثالثة من مباحثات اللجنة الدستورية، التي ترعاها الأمم المتحدة، في مدينة جنيف السويسرية، بين وفدي المعارضة والنظام السوريين برئاسة المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون بعد انقطاع دام أكثر من 9 أشهر، حينما أخفقت الوفود المشاركة في التوصل لاتفاق حول جدول أعمال الهيئة المصغّرة، وذلك وسط آمال متضائلة بإحداث اختراق في الأزمة، عبرت عنها أطراف مختلفة، في حين تبدو الأجواء الدولية غير مهيأة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، رغم رغبة الفاعلين الدوليين باستمرار المسار بصورته الحالية.
ووصل وفد المعارضة السورية إلى جنيف، السبت، برئاسة أنس العبدة، كما وصل وفد النظام أمس الأحد إلى المدينة السويسرية، متوجهاً من مطار دمشق الدولي برئاسة أحمد الكزبري للمشاركة في الاجتماعات التي تبدأ أعمالها الاثنين وتستمر حتى يوم الجمعة المقبل. وتهدف الاجتماعات إلى تطوير دستور جديد أو تعديل آخر تحت إشراف الأمم المتحدة، كخطوة في اتجاه الوصول إلى حل سياسي ينهي الصراع السوري بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

وفدا المعارضة والنظام يصلان اليوم لبدء لقاءات «اللجنة الدستورية»

وتقام هذه الجولة من المفاوضات بعد اجتماع عقده أنس العبدة رئيس هيئة التفاوض السورية، الأحد في جنيف مع السفير جيمس جيفري الممثل الامريكي الخاص إلى سوريا حيث استعرضا خلال اللقاء، آخر التطورات المتعلقة بالعملية السياسية بما فيها اللجنة الدستورية ومناقشة الوضع السياسي والإنساني في إدلب والمخيمات، كما تم تسليط الضوء على مسار تطبيق قانون قيصر بما يدعم تطلعات الشعب السوري وملف المعتقلين وأوضاع اللاجئين السوريين عموماً وفي لبنان خصوصاً في اعقاب تفجير مرفأ بيروت الذي راح ضحيته العديد من السوريين.

أجواء مشحونة

كما سبق ذلك، اجتماع آخر لرئيس هيئة التفاوض السورية السبت مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون في جنيف، وذلك على هامش التحضيرات لانعقاد الجولة الثالثة للجنة الدستورية المقررة اليوم، ناقشا خلالها استعدادات هيئة التفاوض للانخراط بأعمال تلك الجولة سعياً لإنجاحها ومن ثم انتقل الحديث بينهما إلى بحث الأوضاع في إدلب والمناطق المحررة وملف المعتقلين. وناقش المجتمعون، ضرورة ان يتم العمل على تنشيط باقي سلال القرار 2254 بالتوازي مع سلة اللجنة الدستورية والأخذ بعين الاعتبار متطلبات وطموحات 13 مليون نازح ولاجئ سوري.
وحول أجواء التحضيرات في سويسرا، قال مصدر واسع الاطلاع من أعضاء لجنة التفاوض لـ»القدس العربي» «نلمس كما يرى الجميع، تأففاً واضحاً من قبل النظام السوري حول المشاركة في الاجتماعات، لأنه مدرك تماماً، أن نتائج الجولة إذا كانت مهمة سوف تساهم في إنهائه». ولكن في الواقع «الصبر الكبير والجهد الجبار يتم من قبل الوفود الأخرى الذين يفرضون على أنفسهم الجلوس مع هذه الجهة التي تمثل منظومة استبدادية بشكل اضطراري، وذلك إحساساً منهم بالمسؤولية تجاه الشعب السوري وبهدف إيجاد حل عادل».
وكان وفدا النظام السوري والمعارضة، قد توصلا في 30 آذار/مارس 2020 لاتفاق حول جدول الأعمال ممثّلاً في الولاية، والمعايير المرجعية، والعناصر الأساسية للائحة الداخلية والأسس والمبادئ الوطنية. ووفقاً للمؤشرات، فإنه من غير المتوقّع حصول اختراق كبير في الجولة الثالثة، حسب الخبير السياسي محمد سرميني الذي رافق سابقاً وفود المعارضة إلى المفاوضات كمستشار سياسي.

لا تنازل من النظام

وقال لـ «القدس العربي» فلا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأنّ النظام السوري قد يقدّم تنازلات كبيرة، فمن ناحية الولاية: لن يوافق وفد النظام السوري –غالباً– على صياغة دستور جديد للبلاد، مقابل التمسّك بموقفه الداعي لإجراء تعديلات على دستور عام 2012 والذي يضمن من خلاله تعريف العملية السياسية بمجرد حكومة وحدة وطنية.
ومن حيث الأسس والمبادئ الوطنية حسب سرميني يفترض أن يُقدّم وفد النظام السوري مجدداً مقترحه السابق الذي حمل عنوان «ركائز وطنية تهم الشعب السوري» ولا يبدو أنّه قد يتنازل عن بعض البنود كتلك التي طالب فيها برفع الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سوريا من قبل الدول الغربية؛ في إشارة إلى العقوبات الاقتصادية». لذلك يمكن القول، إن الأجواء الدولية ما زالت غير مهيأة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، وهو ما يعني أن اللجنة لن تتوصل إلى نتائج فعلية، لكن في الوقت نفسه فإنّ الفاعلين الدوليين يرغبون باستمرار المسار بصورته الحالية. ويعني ذلك وفقاً للمتحدث، أن مسار اللجنة سيكون عملية طويلة؛ على غرار مساري أستانة وجنيف، ولن يحمل على المدى القصير أي نتائج ملمـوسة.
وقبيل انطلاقها، وضمن التحضيرات للجولة الثالثة، عقد الائتلاف الوطني السوري، السبت، اجتماعاً موسعاً، حضره رئيس الائتلاف الدكتور نصر الحريري، ورئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة، والرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية هادي البحرة، إضافة إلى أعضاء الهيئة الرئاسية في الائتلاف وممثلي الائتلاف في هيئة التفاوض واللجنة الدستورية. وناقش الحضور الاستعدادات والتحضيرات الأخيرة التي قام بها ممثلو هيئة التفاوض السورية في اللجنة الدستورية السورية، وجرى استعراض لأهم الأوراق والملفات التي جرى إعدادها.
وأكدوا على المشاركة بفاعلية وإيجابية في أعمال الدورة الثالثة من اللجنة الدستورية السورية، وكشف نوايا النظام ومدى جديته في الانخراط في العملية السياسية، والتوقف عن التهرب من الاستحقاقات الوطنية ومعاناة الشعب السوري بأطيافه كافة ومناقشة جوهر أعمال اللجنة الدستورية.
كما عبروا عن التزامهم بالوصول إلى حل سياسي يستجيب لتطلعات الشعب السوري ويضمن حقوقه ويكفل تحقيق دولة المواطنة المتساوية، وفق القرار 2254 حيث أن اللجنة الدستورية السورية هي واحدة من السلال الأربع في خارطة الحل السياسي التي وضعها هذا القرار. وطالبوا الأمم المتحدة والأطراف الدولية والإقليمية كافة، بضرورة إعادة تفعيل المسار التفاوضي حول السلال الأخرى بأسرع وقت في جنيف.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.