ما علاقة طهران باغتيالات دمشق… إغلاق باب المصالحة في سوريا ورغبة في فرض السيطرة الأمنية

صوّت مجلس الشعب السوري، الأسبوع الفائت، على إلغاء الهيئة العامة التي قادت عمليات المصالحات في البلاد، لكن اللافت في الأمر ليس القرار بعينه، إنما عملية اغتيال دقيقة استهدفت رئيس لجنة المصالحات في ريف دمشق الغربي عادل مستو والتي تزامنت مع إقرار المجلس بالمرسوم التشريعي الخاص إلغاء الهيئة العامة للمصالحة الوطنية، ما فتح الباب أمام تكّهنات واسعة حول القائم بالعمليّة والرسائل التي أراد إرسالها وأهدافه من الاغتيال.

ونص المرسوم «رقم 22» التشريعي على أنه يلغى المرسوم التشريعي رقم 19 لعام 2018 المتضمن إحداث هيئة عامة للمصالحة الوطنية. ووصف رئيس لجنة القوانين المالية في المجلس النائب عمار بكداش، في تصريحات صحافية، إلغاء الهيئة بالـ «قرار حكيم لأنه استنفد دورها ووجودها لم يعد له فائدة». ودعا بكداش إلى إلغاء لجنة المصالحة في المجلس لأنه تم إلغاء الهيئة في السلطة التنفيذية، موضحاً أن المجلس حسب النظام الداخلي يحق له إلغاء أي لجنة إذا رأى أنه لا يوجد فائدة لها.
في غضون ذلك، قالت مصادر محلية، إن رئيس لجنة المصالحة في مدينة قدسيا عادل مستو، نجا من الاغتيال الذي قتل على أثره الشيخ عدنان الأفيوني مفتي دمشق وريفها لدى النظام، ونقل موقع «صوت العاصمة « المختص بأخبار دمشق وريفها، إن مستو تعرض لإصابات نُقل على إثرها إلى المستشفى حيث استقر وضعه الصحي بعد ساعات من التفجير.
وأضاف المصدر، أن مستو ظهر الجمعة خلال تشييع الأفيوني، في لقطات مصورة بثتها مواقع إخبارية موالية للنظام، خلال وجوده في المسجد الأموي، بينما لقي مفتي دمشق وريفها محمد عدنان أفيوني مصرعه في التفجير، ونعت وزارة الأوقاف السورية مفتي دمشق وريفها عدنان أفيوني وقالت إنه «ارتقى شهيداً إثر استهداف سيارته بتفجير إرهابي غادر، وأوضحت الوزارة أن العبوة كانت مزروعة في سيارته.
وإلى الآن، لم تتبنّ أي جهة مسؤوليتها عن العمليّة إجمالاً، وهو ما يثير التكهنات حول أهداف العملية والرسائل المرادة من ورائها، برأي الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي حيث ترجم ذلك بوجود جهات معينة ترغب بإغلاق ملف المصالحات وتعزيز السيطرة الأمنية الكاملة بيدها في البلاد.
وقال المتحدث لـ «القدس العربي» إنّ عمليّات التسوية والمصالحات التي قادتها روسيا، لم تتحقق على النحو التامّ الذي جرى الاتفاق عليه، حيث أسهمت جهات أمنيّة وعسكريّة موالية لإيران من إحداث خلل متصاعد فيها، ولعل آخرها استهداف أحد أبرز رموز المصالحة في دمشق وريفها، مما يشير لسعي هذه الجهات لإغلاق هذا الملف وتعزيز السيطرة الأمنية الكاملة.
وفي رأي عاصي فإن عمليّات المصالحة كانت فكرةً إيرانيّة مطلع عام 2012 وسعت عبر أذرعها لإنجاز أكبر قدرٍ مؤثّرٍ منها إبان مساندتها العسكريّة للنظام، إلا أنها لم تحقّق أيّ إنجازاتٍ فعليّةٍ تُذكَر في هذا الإطار، وقد كان لتطوير روسيا هذه الاستراتيجيّة ورفدها بفواعل اجتماعيّة متوازية مع الضغط العسكريّ وجمود الحراك السياسيّ الأثر البارز في توقيع اتفاقات تسويةٍ مختلفةٍ في درعا ودمشق وريفها.
وعمليًّا؛ فإنّ السياق الذي يحيط عمليّة المصالحات والاغتيالات المنفّذة ضد الشخصيات التي أسهمت فيها، سواء كانت من جانب النظام أو الفصائل المسلّحة، تشير إلى وجود توجّهٍ فعليّ لإغلاق ملفّ المصالحات وضبط الواقع الداخليّ من خلال توسيع دائرة السيطرة الأمنيّة وتدعيم الجناح الإيرانيّ في الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة داخل النظام، لتعزيز مصالحه وتوسيع دائرة تأثيره في مختلف الملفّات الداخليّة، وفقاً للمتحدث الذي رجح أن تؤثّر عمليات الاغتيال التي تستهدف رموز المصالحة في إنشاء وتدعيم شبكة جديدة من المستفيدين من الجانب الإيراني، سواء من الجانب الديني أو الأمني أو الاجتماعي، ممّا يعود بالفائدة المؤكّدة على سياسة إيران في التغلغل الاجتماعي وتعزيز الحضور العسكري والتغيير الديموغرافي في مناطق المصالحات التي تشكّل أولويّة استراتيجيّة لها، خاصّة مدينة دمشق ومحيطها ومحافظة درعا والقنيطرة القريبتين من حدود الجولان المحتلّ.
وعادل مستو هو من أبناء مدينة قدسيا، ورئيس لجنة المصالحة فيها، وأحد التلامذة المقربين من الشيخ عدنان الأفيوني، وساهم في إتمام عمليات المصالحة في المنطقة وتهجير شبانها نحو الشمال السوري، أما أفيوني فهو عضو في «المجلس العلمي الفقهي» في وزارة الأوقاف، والمشرف العام على «مركز الشام الإسلامي الدولي لمحاربة الإرهاب والتطرف» في دمشق، ووصفته الوزارة بأنه «من كبار علماء سوريا والعالم الإسلامي، وكان قد تسلم أفيوني منصب مفتي دمشق وريفها، عام 2013.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.