رسائل تصعيد روسية… وتركيا ترد بتعزيز نقاطها العسكرية شمال غربي سوريا

سجلت خروقات مكثفة لاتفاق وقف إطلاق النار في إدلب شمال غربي سوريا، الذي تم التوصل إليه خلال قمة موسكو في 5 آذار/مارس، الفائت، حيث يتم استهداف المدنيين والنازحين، وسط اتساع هوة الخلافات بين تركيا وروسيا تجاه الملفات الإقليمية المتشابكة بين الطرفين ومنها سوريا، الأمر الذي دفع بالأخيرة للسماح للنظام السوري بتكثيف ضرباته، فضلاً عن مشاركة مقاتلاتها الجوية في بعض الأحيان، بالقصف على مناطق تقع ضمن نطاق نفوذ وإدارة الجانب التركي.
وتشير المعلومات، إلى أن القصف المتواصل، يراد منه إرسال رسائل روسية لأنقرة، وسط احتمالات التصعيد القائمة، وهو ما دعا أنقرة لتعزيز تموضعها الميداني في إدلب استعداداً للتصعيد في حال حدوثه. المرصد السوري لحقوق الإنسان، وثق مقتل مدني جراء قصف صاروخي، نفذته قوات النظام على بلدة البارة ضمن جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، مشيراً إلى مواصلة قوات النظام قصفها الصاروخي والمدفعي على المنطقة، حيث استهدفت الاثنين، بأكثر من 110 قذائف صاروخية ومدفعية مناطق في البارة وديرسنبل وكنصفرة وفليفل والفطيرة بجبل الزاوية ضمن ريف إدلب الجنوبي، وسقطت أكثر من 60 قذيفة منها على بلدة الفطيرة. كما رصد بعد منتصف ليل الأحد – الاثنين، قصفاً صاروخياً متجدداً، نفذته قوات النظام مستهدفة مناطق في الفطيرة وكنصفرة وسفوهن وأطراف البارة وبينين ضمن ريف إدلب الجنوبي، ومناطق أخرى في العنكاوي بسهل الغاب شمال غربي حماة.

مصادر محلية، قالت إن قوات النظام كثفت قصفها الصاروخي والمدفعي على قرى جبل الزاوية في ريف إدلب، مؤكدا أن أكثر من 40 قذيفة مدفعية سقطت على قرية الفطيرة في جبل الزاوية، ما تسبب في دمار كبير في منازل المدنيين، كما «قصف براجمات الصواريخ وقذائف الهاون قريتي دير سنبل وفليفل في ريف إدلب، دون ورود أنباء عن إصابات في صفوف المدنيين، بالإضافة لدمار كبير في ممتلكاتهم، وحاولت التقدم على عدة محاور بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي استهدف منازل المدنيين، والذي تسبب باستشهاد العديد منهم».
تزامناً، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم، دخول 3 أرتال عسكرية للجيش التركي من معبر كفرلوسين شمالي إدلب. وتتألف الأرتال من 60 آلية تحمل معدات عسكرية ولوجستية، اتجهت نحو مواقع القوات التركية في إدلب.
وبذلك، يرتفع عدد الشاحنات والآليات العسكرية التي وصلت منطقة «خفض التصعيد» منذ شهر فبراير/شباط 2020 وحتى الآن، إلى أكثر من 10835 شاحنة وآلية عسكرية تركية دخلت الأراضي السورية، تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات وكبائن حراسة متنقلة مضادة للرصاص ورادارات عسكرية.
الخبير السياسي صلاح قيراطة اعتبر أن منطقة خفض التصعيد الرابعة، من أبرز النقاط الشائكة بين الروس والأتراك، حيث لم يتمكن الطرفان من إيجاد حل وسط بشأنها حتى الآن. وقال لـ «القدس العربي» في الوقت الذي تتهم موسكو أنقرة بعدم تنفيذ التزاماتها الخاصة باتفاق سوتشي باتت الغارات الجوية الروسية وقذائف المدفعية من جانب قوات النظام السوري مشهداً شبه يومي للقرى والبلدات في الريف الجنوبي لإدلب، وخاصةً الواقعة إلى الجنوب من الطريق الدولي حلب- اللاذقية المعروف بـ M – 4 . والوقائع الميدانية، تثبت وفق قيراطة أن الروس وقبل أي هجومٍ بري يتجهون إلى التصعيد بالقصف من جهة، وتكثيف عمليات التسلل من جهة أخرى، وهي سياسة كانت قد أثبتت حضورها، منذ مطلع الشهر الماضي ولا تزال مستمرة حتى الآن.
وفي الوقت الذي تتهم فيه موسكو أنقرة بعدم تنفيذ التزاماتها الخاصة باتفاق سوتشي، تتحرك الأخيرة في منحى آخر، لتُقدم ومنذ أسابيع على سحب نقاط المراقبة الواقعة في مناطق سيطرة القوات النظامية السورية والميليشيات العاملة في إطارها، والتي كانت قد نشرتها في عام 2017 بموجب تفاهمات (أستانة).
فمعطيات الميدان، تشير وفق المتحدث إلى «أننا أمام ضغط ناري مزدوج منذ ثلاثة أسابيع حتى الآن، فإن القصف الجوي الروسي والقصف المدفعي من جانب القوات النظامية السورية لم يتوقف عملياً مركزاً على القرى الواقعة في الجزء الجنوبي من الأوتوستراد الدولي M-4 ليتوسع منذ أيام ويصل إلى محيط إدلب المدينة، التي يقطنها مئات الآلاف من المدنيين والمهجرين وهنا مكمن الخطر وهذا ما يجعلنا نجنح إلى أننا لن نكون أمام عملية اجتياح كبيرة لأن في ذلك ربما إزهاقاً لأرواح عشرات آلاف المدنيين» وقال «إن مسرحية درعا هي الأوفر حظًا لان يعاد عرضها في إدلب، وبالتالي أؤكد أننا لن نكون مع إعادة عرض أي من عرضي غوطتي دمشق الشرقية والغربية، إلا أن اللافت أنه وبالتزامن مع القصف الروسي على جنوب الأوتوستراد، يعمل الجيش التركي على حشد تعزيزاته في المنطقة التي يطالها القصف، بمعنى أن كلاً من روسيا وتركيا تصعّدان القتال، لكن الأولى من الجو والأخرى على الأرض، في خطواتٍ محسوبة وحساسة لا أظن أبداً أن تقود إلى صدام عسكري بشكل أو بآخر».
ورأى المحدث أن أي تصعيد من القوات الروسية والنظامية السورية على إدلب ليس إلا (رسائل ) من موسكو، للجانب التركي، «وهنا لنا أن نقف بتمعن عند ما حصل من تفاهمات أدت إلى وقف إطلاق النار في إقليم (ناغورني قرةباغ) وقبول أرمينيا الهزيمة. وعليه أرى أن الاستهداف الروسي لريف إدلب سيستمر وهو كما أسلفت بشكل غير مباشر لن يتعدى أقله الآن أن يكون شكلا من أشكال التفاوض تحت الضغط، أو ربما (الاستطلاع بالقوة) والغاية التي أراها وضع أنقرة في مكان تنفذ فيه التزاماتها فيما يتعلق بتنفيذ بنود اتفاق (سوتشي) على الأرض، وخاصةً فتح طريق M-4.
وفي سياق ما سبق وضمن التصعيد الذي تشهده إدلب، فإنه لم يدفع وحتى الآن أي من أنقرة وموسكو للتعليق، سواء بالسلب أو بالإيجاب، في حين بدأت وسائل إعلام روسية بالترويج لعملية عسكرية جديدة، لكنها، غير واسعة من أجل إكمال بنود اتفاق سوتشي الأخير، وعلى رأسها فتح الطريق الدوليM – 4، وإعادة اللاجئين العالقين في العراء.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.