«القدس العربي» ترصد واقع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا: جزر أمنية مُسوَّرة بجدران مخابراتية للنظام القمعي

ترزح المخيمات الفلسطينية، القابعة في مناطق نفوذ النظام السوري، تحت قبضة أمنية مشددة، شبهها فلسطينيو سوريا بالجزر الأمنية المحاصرة بأجهزة الأمن والمخابرات السورية.
ويقول الأهالي إن النظام السوري يفرض جداراً أمنياً على كل المخيمات الفلسطينية الواقعة في مناطق سيطرته كمخيمات خان دنون، جرمانا، السيدة زينب، العائدين حماة وحمص والرمل في اللاذقية والنيرب في حلب، أو التي أعاد السيطرة عليها كمخيم خان الشيح والحسينية والسبينة ومخيم اليرموك، وذلك بفرض حصار أمني واعتقال أبناء المخيمات بتهم وحجج واهية.

شعارات مزعومة

ممارسات النظام السوري، وأساليب القمع الممنهجة والمتبعة على أرض الواقع، والتي تتخفى وراء الشعارات المزعومة حول «نصرة القضية الفلسطينية» باتت تثير العديد من التساؤلات إزاء مصير المخيمات الفلسطينية في سوريا، وهل ستتحول إلى جزر أمنية وتلقى مصير نظيرتها نفسه في لبنان؟
فايز أبو عيد مسؤول الإعلام لدى «مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا» يقول إن النظام السوري فرض إجراءات أمنية وقيوداً مشددة على مخيم خان الشيح والحسينية والسبينة في ريف دمشق، مماثلة لتلك الإجراءات التي تمارسها السلطات اللبنانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين.
تحدث أبو عيد لـ»لقدس العربي» عن إجبار «حواجز النظام السوري والمجموعات الطائفية الموالية لها في منطقة السيدة زينب، كل فرد في العائلة على استخراج بطاقة تحمل اسمه وأسماء أفراد العائلة، ولا يدخل ولا يخرج من المخيم إلا بموجبها، كما منعت الحواجز الأمنية السورية دخول الأشخاص غير القاطنين في المخيم لزيارة أقاربهم إلا بموجب تصريح رسمي ووجود شخص كفيل له من داخل المخيم، على أن يضع بطاقته الشخصية عند عناصر الحاجز ويقوم باستردادها أثناء خروجه، وإذا أراد أن يبيت أكثر من ليلة عند أقاربه في المخيم عليه أن يخبر الحاجز بذلك».
وفي ظل هذا الواقع، تظل تهمة الارتباط بالمعارضة السورية وفصائلها، تهمة تلوكها ألسنة الميليشيات المجندة وعناصر الحواجز لتمرير انتهاكاتهم، حيث كشف المتحدث عن جملة من القرارات التي تقيد حركة أبناء المخيم وتتحكم بمعيشتهم وقال «كل عائلة كان أحد افرادها مسلحاً تطرد العائلة كلها من المنطقة وتصادر أملاكها لصالح الحاجز، وكل عائلة مفقود رب أسرتها تطرد خارج المنطقة وتصادر أملاكها، ولا يسمح للمستأجر العودة إلى المنزل الذي يستأجره ضمن المنطقة، ولا يسمح للمحال التجارية التي كانت مستأجرة بإعادة فتحها، ولا يسمح بفتح محلات من قبل مالكها إلا بشرط شراء البضاعة من التجار الذين وضعهم رئيس الحاجز في المنطقة، للتحكم بالأسعار ومنع إدخال البضاعة بشكل حر من خارج المخيم».

منع من العودة

وكشف «أبو عيد» أن «العديد من عائلات المخيم خلال الفترة الماضية منعت من العودة إليه، وأبلغوهم بأن جميع ممتلكاتهم تحت تصرف الحاجز، كما قامت تلك القوات بتفجير بيوت العديد من منازل الناشطين الإغاثيين والإعلاميين داخل المخيم».
وتحدث المدير الإعلامي لدى «مجموعة العمل من أجل فلسطينييي سوريا» عن الحصار المفروض على مخيم اليرموك منذ منتصف عام 2013 وحتى إعادة السيطرة عليه يوم 21 أيار/ مايو المنصرم، حيث منع بموجبه من إدخال الطعام والدواء والمستلزمات الطبية إليه الأمر الذي أدى إلى قضاء 200 لاجئ بسبب الحصار والجوع ونقص العناية الطبية.
كما حاصر النظام السوري مخيم درعا جنوب سوريا ومنع دخول وخروج سكانه منه وإليه، فيما أصبح مخيم العائدين في حمص مخيماً رهن الاعتقال وأشبه بالمعتقل الكبير الذي يقبع فيه أو في غـيره معـظم أهالي المخـيم.
وأضاف «واستمرت قوات الأمن السوري بالتضييق شيئاً فشئياً على سكان المخيم بعد الظهور المسلح وجعلت الدخول والخروج للمخيم من المدخل الرئيسي فقط، كما وضعت سواتر ترابية وحواجز إسمنتية بين المخيم والشماس ومدت أسلاكاً شائكة بين المخيم وطريق الشام لسد جميع الطرق الفرعية المؤدية إلى المخيم، وفي يوم 21 حزيران / يونيو 2015، قامت السلطات المختصة ببناء وتركيب سور حديدي يفصل بين أحياء مخيم العائدين في حمص والكتلة الجامعية والسكن الجامعي من الجهة الغربية، وأحياء ضاحية الوليد وحي عكرمة وحي وادي الذهب في المنطقة الشرقية، وذلك على طول طريق الشام ابتداء من دوار تدمر، وحتى دوار التمثال على مفرق الجسر وشارع الحضارة دون أي ممرات خدمية بين الجانبين».
وفي مخيم الرمل في اللاذقية، قال المتحدث إن النظام يستمر بحملات الدهم والاعتقال التي تقوم بها الأجهزة الأمنية السورية بين الحين والآخر لمنازل، كما يعاني شباب المخيم من ملاحقة الأجهزة الأمنية السورية من أجل الخدمة الإلزامية في جيش التحرير الفلسطيني مما اضطر العديد منهم للهروب خارج البلاد، كما تم وضع حواجز أمنية على بوابات مخيمات جرمانا والعائدين حماة والنيرب في حلب.
ومن الصعب وفق المعطيات والظروف، أن يطالب أحدهم بالحقوق السياسية والمدنية أو أن يتحدث عن قضية المعتقلين في البلاد، وفي معرض هذا السؤال يقول المسؤول الإعلامي عن «مجموعة العمل لأجل فلسطينيي سوريا» إن حوالي 1797 معتقلاً فلسطينياً، محتجزون في سجون النظام السوري بينهم أكثر من 100 سيدة، كما وثق أكثر من 300 مفقود، وهجر نحو 4500 لاجئ فلسطيني بشكل قسري من مخيمي خان الشيح واليرموك إلى محافظة إدلب شمال سوريا، وذلك بعد توقيع اتفاق المصالحة بين النظام السوري والمعارضة في خان الشيح والمنطقة الجنوبية في دمشق، كما اضطر 120 ألف لاجئ للهجرة إلى الدول الأوربية والدول المجاورة لسوريا.
ويوجد في سوريا ما يزيد على 13 مخيماً للاجئين الفلسطينيين، بعضها رسمي والآخر غير رسمي، ويقدر عدد الفلسطينيين فيها أكثر من نصف مليون نسمة، هجر منهم نحو 280 ألف لاجئاً إلى خارج الحدود، من أصل 450 ألفاً بقوا في مناطق متفرقة من الأراضي السورية.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.