اختتام أعمال «الدستورية السورية – 5»: إجماعٌ على وصفها بـ«الفاشلة»… وخلاف على تحديد أرضية إصلاح دستوري

فشلت الأطراف السورية مجدداً بعد خمس جولات من النقاش دامت أكثر من سنة وثلاثة أشهر، في التوصل لنتيجة إيجابية خلال مفاوضات الجولة الخامسة، للجنة الدستورية السورية، في العاصمة السويسرية جنيف، التي اختتمت أعمالها أمس، من دون تحقيق أية نتائج، نظراً لإصرار وفد النظام على تعطيل أعمال اللجنة، وامتناعه عن الدخول في مناقشة المبادئ الأساسية في صياغة دستور جديد للبلاد.
وقال مصدر مسؤول من وفد هيئة التفاوض في جنيف لـ»القدس العربي» إن «اللجنة لم تتطرق إلى جدول أعمال اجتماعات الجولة الخامسة المعد مسبقاً، ولم تناقش العناوين العريضة من المبادئ الأساسية بالدستور، نتيجة تعمد وفد النظام إجراء مداخلات مطولة وتكرار أسئلة لا ضرورة لها، بهدف إضاعة الوقت، وفي محاولة جديدة منه لدق الأسافين في نعش اللجنة الدستورية، وضرب كل الجهود الأممية والدولية المتعثرة أصلاً والرامية لكتابة دستور جديد لسوريا، منعاً من تأسيس مرحلة انتقالية وانتخابات ديمقراطية».
تزامناً، قالت مصادر من اللجنة الدستورية السورية أن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، أبلغ روسيا إيقاف اجتماعات اللجنة في حال استمر تعنت وفد النظام السوري. ووصف بيدرسون» الجولة بأنها «كانت مخيبة للآمال، ووفد النظام رفض جدول الأعمال ولم يتوصلوا لأي حل، ولم يتم الاتفاق على جولة مقبلة». وأضاف «تقدمت بمقترح للرئيسين المشاركين للتوصل إلى توافق، لكن السيد أحمد الكزبري رفض مقترحي وقبله السيد البحرة.. لا يمكن المتابعة في النقاشات بهذه المنهجية».

الوفد الثالث: فشل

عضو الوفد «المدني» الثالث عبد العزيز الحلاج قال في مداخلة خلال الجلسة الأخيرة «ما زلنا بعد خمس جولات من النقاش بعيدين عن تحديد منهجية حقيقية للنقاش لكي نبني أي تفاهم نستطيع أن نخرج به للشعب السوري لنقول بدأت العملية. ماذا نقول للناس: بأننا حاولنا أن نقنع الأطراف الأخرى بوجهة نظرنا وفشلنا؟ فشلنا في التوافق وتركنا للدول الأخرى الصديقة والعدوة أن تتفاوض على شكل مستقبلنا! يا للعار». وأضاف «هل يمكننا أن نقف أمام ضميرنا ونقول توافقنا على مبدأ واحد صغير؟ مبدأ من مثل: «نحن السوريين والسوريات نؤكد إرادتنا في العيش الكريم الحر المشترك في دولة واحدة ذات سيادة على كامل أراضيها وأن الشعب السوري، كل الشعب السوري هو وحده صاحب السيادة.. مبدأ أساسي وأس للفعل الدستوري في عبارة واضحة نضعها في أول الدستور».

ثلاثي «أستانة» دعا في بيان مشترك إلى احترام «استقلالية» عمل اللجنة

وتساءل الحلاج «هل كثير على الشعب السوري بأن نحسسه بأننا نحمل ألمه العميق على محمل الجد وأننا لسنا هنا لإضاعة الوقت وهدر المال وإطالة المأساة والناس على حافة المجاعة. مبدأ واحد بسيط سيدي الرئيس دون تعقيدات وبدون محاولة حشر ما لا نتفق عليه. مبدأ يؤكد الوحدة السياسية السورية يرسل رسالة ناصعة كالشمس بأن بقاء الوطن وسلامته وطناً لكل أبنائه وبناته لن يستثنى فيه أحد هي أولوية الأولويات».
وكشف عن فشل الجولة الخامسة حيث قال «وصلنا للمساء في آخر جلسة من آخر يوم من الجولة التي يبدو أنها ستكون الأخيرة ولم نصل إلى أي توافق. وا أسفاه. أنا آسف من دموع كل من فقد عزيز في السنوات العشر الماضية آسف أمام كل الجائعين والخائفين والمرضى وكل الأطفال الذين يفقدون مستقبلهم أمام أعيننا. فإذا لم تكونوا ستوافقونني على هذا المبدأ الأساس فهل بالإمكان على الأقل أن أطلب منكم أن نصمت لثوانٍ ونسمع صوت الألم القادم من بعيد بعد أن فشلنا في أن نسمع أصوات بعضنا البعض». مصدر من أعضاء اللجنة، قال للقدس العربي، أن جلسة هادئة تخللها عدد قليل من الاستفسارات.
واستكمل أعضاء الثلث الثالث حديثه عن «توضيح مكونات ومفاهيم العدالة الانتقالية وضرورتها كآلية لتجاوز اسباب النزاع». ورغم الانتقادات التي وجهت من قبل أعضاء آخرين في الجلسات السابقة للمصطلح، أصرت المداخلة الجمعة أيضاً، على ضرورة فهم الموضوع بمحتوياته ومكوناته المختلفة وتجاربه العديدة للوصول الى نموذج سوري وطلبت من باقي الأعضاء عدم مهاجمة المصطلح دون تفهم وتمحيص. كما أعاد أحد أعضاء الوفد ذاته توضيح المفاهيم وضرورة التعمق فيها قبل الصياغة والمسميات، معتبراً «إذا كان هناك حاجة لإجراءات عدالة للخروج بالبلاد من النزاع فهذا مشروع وضروري مناقشته قبل إقرار المسميات موضحاً في هذا وفي أمور كثيرة أن المسميات قد تعيق الفهم وأن الوصول الى مضمون واضح هو الأساس».
وفد النظام فنّد من جهته مفهوم العدالة الانتقالية التي تقوم الدولة بتطبيقها حسب رأيهم من خلال عمليات العفو، كما ناقشوا مفهوم التداول السلمي للسلطة وقرنوه بقدرة الاحزاب على التنظيم وبناء قاعدة مجتمعية لأفكارها. وأكدوا على العروبة من جديد كوعاء حضاري للشعب السوري مع احترام الحقوق الثقافية للجميع. وأصر آخرون على رموز الدولة وطالبوا بتعزيزها دستورياً. وقدم وفد هيئة التفاوض مداخلة حول النصوص الدستورية وأعاد التذكير بثلاث منها هي السيادة وفصل السلطات التداول السلمي للسلطة على ان يتابع باقي افراد الوفد قراءة الباقي تباعاً.

بيان ثلاثي «أستانة»

وكإجراء روتيني، أصدرت الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران بياناً مشتركاً دعت فيه إلى احترام «استقلالية» عمل اللجنة. حيث أكدت الدول الثلاث الضامنة لمسار «أستانة» في بيان مشترك على استقلالية وسيادة سوريا، لافتة إلى استعدادها لدعم عمل لجنة صياغة الدستور لتحقيق ضمان الأداء الفعال والمستدام للجنة.
وورد في بيان الدول الثلاث الذي نشرته وزارة الخارجية الإيرانية: «الاعتراف مرة أخرى بالالتزام بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية، وضرورة احترام جميع الأطراف لهذه المبادئ». وتطرقت الدول الثلاث للحديث عن «استعدادها لدعم عمل اللجنة من خلال مشاركتها المستمرة مع الوفود، والمبعوث السوري والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، كميسر من أجل تحقيق ضمان الأداء الفعال والمستدام للجنة».
وأضافت أنه «يجب أن تعمل اللجنة الدستورية السورية بروح التسوية والمشاركة البناءة، دون تدخل خارجي وتنفيذ برامج دول خارجية، حتى يتمكن أعضاء اللجنة من التوصل إلى اتفاق عام والحصول على النتائج المجدية… ويجب قبول اللجنة ودعمها إلى أقصى حد من قبل الشعب السوري». وأكد البيان المشترك أنه «سيتم مواصلة المشاورات حول القضايا المذكورة في الأعلى حتى الاجتماع المقبل للجمعية الدولية في إطار عملية أستانة (القمة الدولية الخامسة عشرة لعملية أستانة) في سوتشي يومي 16 و17 شباط/ فبراير المقبل».

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.