هل تتنافس إيران وروسيا على بسط النفوذ في البادية السورية؟

بحسب مراقبين، فقد بدأت قوات النظام بإشراف روسي قبل أشهر بعمليات التمشيط، ولم تتوقف تلك العمليات، ولم تسفر عن توقف الهجمات على النظام في البادية.

واصلت الطائرات الحربية الروسية الأربعاء 24 فبراير/ شباط 2021، عمليات القصف الجوي على مناطق ومواقع في البادية السورية، وتجاوز عدد الغارات مائة في أقل من 24 ساعة، فقد شن الطيران الحربي الروسي عشرين من هذه الغارات على مواقع في محيط طريق تدمر – دير الزور ومناطق في بادية الشولا جنوبي دير الزور ومناطق في ناحية أثريا بريف حماة الشمالي الشرقي، وترافقت الغارات مع استمرار عمليات التمشيط على الأرض من قوات النظام بإشراف روسي، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتتعرض المنطقة الممتدة من تدمر باتجاه البوكمال، والخاضعة لسيطرة الميليشيات الإيرانية والقوات الروسية، لهجمات متكررة من قبل خلايا تنظيم الدولة، التي توجد في البادية السورية.

وتسعى كل من روسيا وإيران لفرض سيطرتهما على المنطقة الشرقية في سوريا، من خلال استقدام تعزيزات عسكرية من قبل الطرفين إلى المنطقة.

توسيع السيطرة الروسية

يرى مراقبون أن الحملات التي تشنها روسيا على تنظيم ” داعش” في البادية السورية، إنما تأتي في ظل المساعي الروسية لبسط سيطرتها على مناطق النفوذ في البادية، خصوصاً بعد زيادة قدراتها العسكرية في مطار تدمر – على حساب القوات المدعومة من إيران – الذي تحوّل من مطار مدني إلى مطار عسكري ومحطة رئيسية لنقل التعزيزات العسكرية، من حميميم على البحر المتوسط إلى البادية.

التنظيم يواصل استهداف ميليشيات تابعة لروسيا

على صعيد متصل، اندلعت اشتباكات متقطعة، الثلاثاء 23 شباط/ فبراير، بين عناصر من ميليشيا “لواء القدس” الفلسطيني، وخلايا تنظيم “داعش” ضمن سلسلة جبال العمور جنوب مدينة السخنة بريف حمص الشرقي، ما أدى لوقوع قتلى وجرحى في صفوف عناصر التنظيم، بالإضافة لقتيلين وأربعة جرحى من عناصر ميليشيا “لواء القدس” المدعومة من روسيا.

وبحسب صحيفة “العربي الجديد”، فأن “الاشتباكات اندلعت فور وصول رتل عسكري لميليشيا لواء القدس بمهمة من القوات الروسية لتمشيط البادية”، مضيفاً أن “عمليات التمشيط من قبل ميليشيات الدفاع الوطني، والفيلق الخامس، والفرقة 25 مهام خاصة، بالإضافة لـ(لواء القدس)، مستمرة منذ 72 ساعة وحتى اللحظة، انطلاقاً من بادية الرصافة بريف الرقة الغربي، وصولاً إلى بادية تدمر بريف حمص الشرقي، بالتزامن مع شن الطائرات الحربية الروسية غارات جوية على مواقع للتنظيم في البادية بين الحين والآخر خلال الأيام القليلة الماضية”.

توسيع النفوذ الإيراني

من جانبه، واصل “الحرس الثوري” الإيراني، إرسال ميليشيات تابعة له ومعدات عسكرية إلى بادية حمص وبادية دير الزور بهدف تعزيز مواقعه في المنطقة.

وبحسب موقع تلفزيون سوريا، فإن عدد العناصر الذي أرسلهم “الحرس الثوري” الإيراني إلى ريف دير الزور والبادية يقدر بأكثر من “1500 عنصر من ميليشيا “ذو الفقار” مع عتاد عسكري متوسط وثقيل”، ومن المتوقع أن ينفذ الحرس الثوري عبر ميليشيا “ذو الفقار”، عملية تمشيط خاصة به تشمل منطقة تدمر، والسخنة، وريف حمص الشرقي، بالإضافة إلى محيط الميادين والبوكمال وريف دير الزور الجنوبي والتي يتخذ منها تنظيم “الدولة” جيوباً له.

وأوضح الموقع أن إيران تسعى إلى تعزيز وجودها في منطقة تدمر، ومدينة البوكمال، اللتين تشهدان “نشاطاً ملحوظاً لـ تنظيم (الدولة) عبر ميليشيا ذو الفقار ذات المهام الهجومية.

الجدير بالذكر أن المليشيات الإيرانية بدأت بالتوسع مؤخراً في مدينة تدمر، على حساب القوات الروسية، بسبب أهمية المدينة للمليشيات، كونها جزءا رئيسيّا من الطريق البري بين إيران ولبنان.

وبحسب تقرير لصحيفة” الأيام السورية”، فقد عزز لواء فاطميون التابع لميليشيا الحرس الثوري الإيراني، مقراته في منطقة مناجم الملح الواقعة شرق مدينة تدمر، بعد جلب تعزيزات من ريف دير الزور الغربي، على أثر عملية الانسحاب الجزئي من ريف دير الزور الشرقي، وكانت قد وصلت إلى تلك الميليشيات شحنة دعم عسكري ولوجستي من قبل إيران، حيث استقبلتها ميليشيا حزب الله العراقي على الحدود بالقرب من البوكمال.

تغيير ديموغرافي

على صعيد متصل، أفاد موقع “عين الفرات” أن المليشيات الإيرانية، بدأت عمليات تغيير ديموغرافي في مدينة تدمر، بالتنسيق مع نظام الأسد.

وأكدت المصادر أن المليشيات الإيرانية قامت مؤخراً بتهجير قرابة 30 عائلة من الأحياء الشمالية لمدينة تدمر، ليتم إسكان عوائل المليشيات من جنسيات أفغانية وإيرانية وعراقية.

وأوضحت المصادر أن المليشيات بدأت تهجير الأهالي من الجمعية الشمالية لمدينة تدمر، لتكون بداية عملية التغيير الديموغرافي منها.

داعش يهاجم الميليشيات الإيرانية

في السياق، كان تنظيم “الدولة” في الـ 24 من تشرين الأول 2020 قد أكد استهدافه رتلاً للميليشيات الإيرانية وقوات النظام على الطريق الرابط بين مدينتي تدمر ودير الزور في البادية السورية بالأسلحة الرشاشة، وأطلق التنظيم على هذه معركة “غزوة لبوا النداء”، والتي نتج عنها إعطاب ثلاث آليات عسكرية، ومقتل جميع من كان على متنها.

يذكر أن هجمات تنظيم “الدولة” ضد مواقع قوات النظام والميليشيات الموالية له تزايدت خلال الفترة الأخيرة، رغم الحملات العسكرية التي يشنها النظام بدعم من الطيران الحربي الروسي لتمشيط البادية السورية من خلايا التنظيم، بحسب تقرير بصحيفة العربي الجديد.

رواية النظام السوري

من جانبها، قالت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام السوري نقلاً عن مصدر عسكري في قوات النظام، إن الأخيرة “نظفت منطقة بربر باتجاه الحدود الإدارية الجنوبية الشرقية لمحافظة حماة من فلول مسلحي “داعش”، إضافة إلى تفجير مقرات لهم ونزع الألغام التي كانوا قد زرعوها بمحاور التحرك”.

وزعم المصدر أن قوات النظام “تقدمت غرب منطقة أبو الفياض، بالمنطقة الممتدة ما بين مارينا وكتنة وعمشة وردة، باتجاه الشرق للحدود الإدارية لمحافظة حماة، بالتوازي مع تمشيط الوحدات المشتركة من الجيش والقوات الرديفة، محاور ريف حمص ودير الزور بتغطية من الطيران الحربي الذي يشن غارات على نقاطهم بعمق البادية”.

وبحسب مراقبين، فقد بدأت قوات النظام بإشراف روسي قبل أشهر بعمليات التمشيط، ولم تتوقف تلك العمليات، ولم تسفر عن توقف الهجمات على النظام في البادية، وباتت تلك البادية مصدر تمويل لتنظيم “داعش”، من خلال استيلائه على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والطعام خلال الهجمات التي يشنّها على أرتال ومواقع النظام.

الأيام السورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.