بهدف حرمان ملايين السوريين من حق المواطنة… النظام يحدد صلاحية البطاقة الشخصية بـ 10 سنوات

في خطوة أمنية وسياسية تصب في صالح النظام الحاكم في سوريا، وتهدف على المدى البعيد إلى حرمان السوريين خارج سيطرة النظام وفي بلاد اللجوء من الجنسية السورية، أقر مجلس الشعب، يوم الاثنين الأول من آذار، مشروع قانون الأحوال المدنية الجديد، والذي يتضمّن تحديد مدّة صلاحية الهوية الشخصية للمواطن بـ 10 سنوات فقط، ليحل محل قانون الأحوال المدنية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007 وتعديلاته وأصبح قانونًا.
المشروع الذي وصفه معارضون سوريون بأنه أداة من أدوات الحرب التي يشنها النظام ضد معارضيه، قالت عنه وسائل إعلام النظام الرسمية، إنه «أصبح قانوناً حل مكان القانون الصادر عام 2007، ويتكون من 79 مادة تتناول في مجملها الأحكام المتعلقة بالتسجيل في السجل المدني والواقعات كالولادات والزواج والطلاق والوفيات وتصحيح قيود الأحوال المدنية والبطاقات الشخصية والأسرية والرسوم والغرامات والعقوبات وعدد من الأحكام الانتقالية».
وقبيل إقرار مشروع القانون «غير الشرعي والذي يرسخ استراتيجية التغيير الديموغرافي ويستثني الملايين من حق المواطنة» حسب معارضين للنظام السوري، كان المجلس قد وافق بالأكثرية على مجموعة من المواد وعلى رأسها المادة 54 التي «تحدد مدة سريان البطاقة الشخصية بعشر سنوات من تاريخ صدورها وعلى صاحبها أن يتقدم بطلب تبديلها خلال مدة لا تقل عن 30 يومًا ولا تزيد على ستة أشهر قبل انتهاء مدتها ويجوز تمديد سريان البطاقة لظروف وأسـباب قـاهرة بموجـب قرار من وزير الداخلية».
وقال وزير الداخلية اللواء محمد خالد الرحمون إن قانون الأحوال المدنية الجديد يعتمد على قاعدة بيانات إلكترونية مركزية تربط جميع المحافظات وهو يسهم في تقديم الخدمات وتبسيط الإجراءات وتخفيف المعاناة والتكاليف عن كاهل المواطنين وتقليص الأخطاء البشرية في الشؤون المدنية مبيناً أنه أصبح باستطاعة المواطنين وفقاً للقانون استخراج كل بياناتهم في أي مركز للشؤون المدنية بغض النظر عن قيدهم الأصلي بعد تسجيل الواقعة مباشرة.
وتستمد هذه الخطوة أهميتها من حيث توقيتها، إذ أنها تسبق الانتخابات الرئاسية المقررة صيف العام الجاري، حيث يعيش أكثر من 13 مليون سوري بين نازح ولاجئ في دول العالم، وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة.
وزير داخلية النظام محمد الرحمون، قال إنّ «قانون الأحوال المدنية الجديد يعتمد على قاعدة بيانات إلكترونية مركزية تربط جميع المحافظات وهو يسهم في تقديم الخدمات وتبسيط الإجراءات وتخفيف المعاناة والتكاليف عن كاهل المواطنين وتقليص الأخطاء البشرية في الشؤون المدنية». وأضاف أنّه يساعد «الوزارة على التوسع بتقديم الخدمات أفقياً وهو يؤدي إلى إنهاء التزوير والتلاعب في البيانات المدنية لأن عمل الموظف المدني وفقاً للقانون أصبح محدوداً حيث سيصبح العمل مؤتمتاً بالكامل وعندها ينتفي موضوع تشابه الأسماء».
المحامي البارز والناشط السوري أنور البني، قال إن هدف النظام السوري من هذا القانون هو حرمان المعارضين السوريين من وثائقهم، وحرمانهم على المدى البعيد من جنسيتهم، وإعطاء المجنسين حديثاً بطاقات شخصية جديدة يمحو بها آثار جريمة تجنسيهم ويخلط تواريخ التجنيس ما قبل 2011 بما بعده. وأوضح المحامي البني لـAالقدس العربي» أن «القانون لا يحرم السوريين من الجنسية في الوقت الحالي، لكنه خطوة استباقية، ربما يتبعها إصدار قانون يحرم به كل من لم يجدد هويته لمدة خمس سنوات فرضاً، من الجنسية وعلى ذلك يتم إسقاط قيوده نهائياً». كما تحدث المحامي عن أهمية هذه الخطوة على الداخل السوري، حيث قال «يهدف النظام إلى إجبار السوريين في الداخل على مراجعة الدوائر الحكومية، لاعتقال الناس المطلوبين في الداخل، عند تجديد الهوية، أما من هو خارج سيطرته فقد يفقد حقه بأي مراجعة».
ووصف البني القرار بأنه «مخطط إجرامي، لأن ما يشغل النظام دائماً، هو ارتكاب جرائم جديدة، أو جرائم يغطي بها على جرائم قديمة أخرى».
فالقانون عبارة عن تعديلات أمنية وسياسية لصالح النظام والعائلة الحاكمة، برأي مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، الذي قال إن «مجلس الشعب أداة بيد النظام السوري فهو يشرع من خلاله كم كبير من القوانين التي تهدف إلى السيطرة على ممتلكات المواطنين وإلى تشريع عمليات النهب والقمع وهذا القانون يأتي ضمن هذا السياق».
القانون «هندسة ديموغرافية لصالح النظام وصالح مواليه، لأنه لا يمكّن أكثر من نصف الشعب السوري الموزعين بين نازح ولاجئ من تجديد البطاقة الشخصية خلال 30 يوماً، ما يعني أن ملايين من السوريين لن يجددوا ولن ينتخبوا أيضاً». فالنظام استثنى هؤلاء، برأي المتحدث لـ»القدس العربي، وبعدها سوف يضمّن بديلاً عنهم من أعطاهم الجنسية من إيرانيين وعراقيين وأفغان من أتباع إيران، وهو الهدف الأساسي من القانون.
وأدان مدير الشبكة السورية لحقوق الانسان، فضل عبد الغني خلال حديثه مع «القدس العربي» القرار لأنه «غير شرعي ويرسخ استراتيجية التغيير الديموغرافي ويستثني الملايين من حق المواطنة فهو يتحكم بكل الوثائق في الدولة السورية، وهنا أشير إلى أن الهوية ليست ملكاً للعائلة الحاكمة التي تحكّمت بجوزات السفر ورفع أسعارها، حيث منحها النظام لمين يريد وقننها على المعارضين كأداة من أدوات الحرب وهو ما يفعله الآن بالهوية السورية».

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.