شنت المقاتلات الحربية والطائرات المروحية الروسية أكثر من 75 غارة جوية خلال الساعات 24 الماضية على مناطق متفرقة من البادية السورية، حيث تنشط خلايا لتنظيم «الدولة» (داعش) وتتحرك على امتداد البادية التي تبلغ مساحتها نحو 80 ألف كيلومتر مربع، وتمتد من شمال منطقتي حوران وشرقي ريف دمشق وريفي حماة وحمص غرباً إلى الحدود السورية العراقية شرقاً، ومن الحدود السورية الأردنية جنوباً إلى أطراف محافظتي الرقة ودير الزور شمالًا.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن سلاح الجو الروسي نفذ نحو 76 غارة جوية، خلال الـ24 ساعة، على مناطق في البادية السورية، تزامنًا مع استمرار عمليات التمشيط في بادية حماة وحمص والرقة وصولًا إلى الحدود الإدارية مع محافظة حلب.
نفوذ التنظيم
وتأتي هذه المعارك في سياق الهجمات المستمرة التي يشنها تنظيم «الدولة»، ضد الإيرانيين والروس والنظام، ومحاولة الروس إحكام قبضتهم على البادية في ظل هدوء المعارك في إدلب. وقالت مصادر عسكرية لـ»القدس العربي»، أن الجيش الروسي أرسل أرتالاً عدة من التعزيزات في الآونة الأخيرة ضمت مدافع ثقيلة ودبابات انطلقت من خطوط التماس مع قوات المعارضة في إدلب باتجاه البادية إضافة إلى أن الفرقة 25 والفرقة 11.
خلاياه تعيد تنظيم نفسها وتتحرك على امتداد آلاف الكيلومترات
كما أنشأت القوات الروسية خلال الشهور الثلاثة الأخيرة عدة معسكرات في جنوبي إدلب، ما يشير وفق خبراء إلى أن المتخرجين من هذه الدورات تم إرسالهم إلى البادية ضمن التعزيزات الأخيرة.
الخبير في شؤون الجماعات الجهادية عرابي عبد الحي عرابي، قال إن خلايا تنظيم «الدولة» تتحرك على امتداد البادية التي تبلغ مساحتها نحو 80 ألف كيلومتر مربع، وهو ما يمنح التنظيم القدرة على مهاجمة قوات النظام وأرتاله التي تتحرك في طرق البادية، علاوة على أهمية البادية فإن منطقة السخنة ومحيطها تعدّ من أهم العقد التي يسعى التنظيم للسيطرة عليها، نظرًا لموقعها الاستراتيجي وثرواتها الباطنية وأهميتها لروسيا والنظام، مما يدفع التنظيم لاتباع حرب استنزاف ضده مستعينًا بهيكليّته الجديدة وتحرّكاته الخفية وتضاريس المنطقة التي تساعد خلاياه على التخفي وتنفيذ الهجمات السريعة بمجموعات صغيرة يصعب استهدافها من الطيران.
وتسعى روسيا وفق المتحدث لـ»القدس العربي»، إلى تأمين هذه المنطقة بتفريغها من خلايا داعش التي تشكل عائقًا أمنيًّا أمام تمددها إلى شرق الفرات، كما أن التنظيم يسعى لتوسيع حضوره في المنطقة وتصعيد عملياته فيها بهدف وصل شبكاته في العراق بها، وجعلها منطلقًا للسيطرة المستقبلية على أهم عقدة طرق في البلاد.
أهمية استراتيجية
تعود أهمية المنطقة لموقعها الاستراتيجي والثروات وفق المتحدث فهي تحتوي على أهم حقول النفط والغاز التي بقيت بيد النظام، مثل: حقول الشولا والمزرعة والمهاش والتيم وشميتة النفطية في دير الزور، إضافة إلى حقل الضبيان الغازي وحقل الهيل والشاعر، وآراك، وحيان، والمهر، وجحار، وأبو رياح النفطية في محافظة حمص.
كما أنها تعتبر أهم عقدة للطرق والمواصلات في سوريا، حيث تضم البادية مدينتي تدمر والسخنة التي تقع على الطريق الدولي القادم من العاصمة السورية دمشق باتجاه محافظة دير الزور في أقصى الشرق السوري وترتبط مع ريفي حلب وحماة عبر طريق البادية الموصل لناحية السلميّة والمتفرع إلى الرقة.
يعود تأسيس قطاع البادية في داعش إلى عام 2012 واستطاعت من خلال تقوية هذا القطاع إلى السيطرة على عقدة الطرق المتوسطة في سوريا «السخنة/تدمر» مرات عدة، كما استطاعت من خلال ذلك السيطرة على طرق إمداد الطاقة والنفط وضمان إيصال إمداداتها وعناصرها إلى محافظات الجنوب «درعا-السويداء- القنيطرة» والشمال «حماة-إدلب-حلب».
توزّيع المهام
ومنذ عام 2016 بدأ التنظيم بإعداد مخابئ ومقرات عديدة في البادية، ومع أواخر 2017 قرر التنظيم بتجهيز ملاذات آمنة في العراق إضافة إلى مربع «دير الزور-الرقة- حمص» في سوريا ليكون ملاذًا له في المرحلة القادمة إثر تراجع التنظيم في كلا البلدين. وقال الخبير في شؤون الجماعات الجهادية أن أعداد عناصر التنظيم «الدولة» في المنطقة تبلغ 3000 عنصر، وزّعهم التنظيم ضمن أحد عشر قطاعًا، -على الأقل – على النحو الآتي:
• غربي محافظة دير الزور: وذلك ضمن القطاعات الآتية: قطاع الشولا غربي دير الزور، ويمتد من بلدتي الشولا إلى كباجب وهو قريب سدّ عويرض ومن حقل الهيل النفطي شمالي شرقي حمص وجبل البشري جنوبي الرقة. قطاع التبني جنوب غربي دير الزور، ويمتد من بادية المسرب وصولاً إلى البوكمال. قطاع البوكمال والميادين، ويتشكل من المنطقة الممتدة بين الطرفين.
قطاع الدفينة وفيضة ابن موينع جنوب غرب دير الزور وصولاً لشمالها
• جنوبي محافظة الرقة: قطاع جبل البشري، ويمتد من منطقة جبل البشري في الجزء الجنوبي الشرقي من الرقة إلى المحطة الثالثة.
• قطاع الرصافة: ويمتد من منطقة الرصافة جنوبي الرقة إلى جبل البشري.
• قطاع السلمية: ويتصل بجنوب حلب إلى بلدة السلمية شمال حماة. شرقي محافظة حماة: قطاع الرهجان: ويمتد من بلدة الرهجان إلى السلمية.
• جنوب شرقي محافظة حلب: قطاع خناصر-السلمية: ويمتد من جنوبي بلدة خناصر شرقي حلب إلى بلدة السلمية جنوبي الرقة.
• شرقي محافظة حمص: محيط المحطة الثالثة في المنطقة الصحراوية بين تدمر والسخنة من الغرب «تضم حقلي نفط غاز الضبيات وحقل الهيل النفطي. المنطقة 55 من الجنوب في دير الزور، ومحطة التي تو (T2) شرق حمص.
وتتميز هذه المناطق بتضاريس مواتية للتخفّي، مثل الجبال والوديان والكهوف الجيرية الطبيعية شديدة العمق، بالإضافة إلى اتساع حجم المنطقة والعواصف الترابية اليومية، التي تحجب الرؤية الجوية، وتزيلُ آثار التحركات بسرعة.
وقال عرابي، إن تنظيم «الدولة» قد استطاع إعادة هيكلة خلاياه وتوزيعها ضمن مجموعات من 10 إلى 30 شخصًا يتحركون في هذه القطاعات، ويتمتع أفراد التنظيم في هذه الجيوب الصحراوية بالمهارات والقدرة على التأقلم مع الظروف الصحراوية القاسية، ومعظمهم من سكان المناطق الصحراوية على جانبي الحدود السورية العراقية. وتتوزع مهام هذه المجموعات بين «جمع المعلومات» و«إيصال الرسائل» و«تأمين المستلزمات اليومية» إضافة إلى تخصص عدد منهم في «التجنيد» و«الإمداد اللوجستي عسكريًّا».
القدس العربي
