تحذيرات من كارثة إنسانية شمال غربي سوريا: 300 مخيم عشوائي في عين العاصفة

حثت منظمة العفو الدولية على إعادة آلاف الأطفال المعتقلين في مخيّم الهول إلى مواطنهم فيما اعتبر منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، إيلكا سالمي، الوضع في مخيمات شمال شرقي سوريا حيث يجري إيواء عناصر تنظيم «الدولة» وذويهم بمثابة «قنبلة موقوتة» للأمن الأوروبي.
تزامن ذلك مع تحذير منظمة «الدفاع المدني السوري» من عاصفة قد تضرب منطقة شمال غربي سوريا، وتهدد مراكز الإيواء المؤقتة ومخيمات النازحين العشوائية.

وأنذرت منظمة العفو الدولية الثلاثاء بضرورة إعادة 27 ألف طفل على الأقل من الذين اعتُقل أهلهم المشتبه بأنّهم جهاديون في مخيّم الهول في شمال شرق سوريا، مشيرةً إلى أنّهم معرّضون لظروف «مروعة» و«مميتة وغير انسانية» حسب الوكالة الفرنسية «أ ف ب».
وقالت في بيان إن هؤلاء القاصرين المتحدّرين من سوريا والعراق وأكثر من 60 دولة أخرى محرومون بشكل تعسّفي من الحرية وسط محدودية في سبل العيش وقيود على الحركة داخل المخيّم، في جو يُهيمن عليه العنف.
وأشارت الباحثة في شؤون سوريا في منظمة العفو الدولية ديانا سمعان إلى أنهم «يواجهون البؤس والصدمات والموت». وأضافت «يجب أن تتوقف الحكومات عن عدم القيام بواجباتها المرتبطة بحقوق الانسان واحترام حق الأطفال في الحياة والعيش والتطور وتنظيم إعادتهم إلى أوطانهم بسرعة كأولوية».
وفي آذار/مارس 2019 أعلن كلّ من قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة إسقاط «دولة الخلافة» التي أقامها تنظيم الدولة وذلك بعد أن دحر آخر مقاتلي التنظيم الجهادي من آخر معقل له في بلدة الباغوز في شرق سوريا. مذّاك الحين، لا يزال عشرات الآلاف معتقلين في مخيّم الهول ومعظمهم من النساء والأطفال «المرتبطين بدرجات مختلفة بتنظيم الدولة الإسلامية» فيما يُحتجز فيه آلاف الآخرين الهاربين من الحرب، حسب العفو الدولية.

معلوف: «قلق حقيقي»

ويؤوي القسم المعروف «بالملحق» نساء وأطفالًا ليسوا متحدّرين من العراق أو من سوريا. ويُسحب من هناك الصبيان اعتبارًا من عمر الـ12 عامًا، «بطريقة تعسفية» من والدتهم أو من الذين يهتمّون بهم «فقط على أساس الاشتباه في إمكانية ‹التطرف›» حسب ما ذكرت المنظمة بالاستناد إلى شهادات.
وقالت المديرة الاقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في منظمة العفو الدولية لين معلوف «لا نعرف تحديدًا ما يحصل فيما يسمّيه الأكراد مراكز إعادة التأهيل إلا أن هناك قلقًا حقيقيًا من عدم التمكن من الوصول إلى الحاجات الأساسية (طعام وماء ومساعدة طبية)».
ويمُنح بعض السوريين الإذن بمغادرة المخيّم بشكل نهائي وهي فرصة لا يغتنمونها دائمًا خوفًا من العودة إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري أو خوفًا من العودة دون أقاربهم الذكور المحتجزين أو المفقودين أو بسبب تكاليف النقل الباهظة.
وقدم سالمي خلال جلسة للجنة الدفاع والأمن في البرلمان الأوروبي، الثلاثاء، عرضاً حول القضايا التي يولي لها الاتحاد الأوروبي الأولوية في محاربة الإرهاب.

كارثة إنسانية

وبين أن الاتحاد الأوروبي سيقدم المساعدة من أجل تحسين الوضع الإنساني في المخيمات والسجون (الخاضعة لسيطرة تنظيم «ي ب ك/ بي كا كا»). وقال سالمي: «علينا الحد من التطرف الذي يعد بمثابة قنبلة موقوتة للأمن الأوروبي وتحسين الوضع الإنساني في المخيمات». وتابع: «سيكون هذا ممكنًا جزئيًا من خلال دعم ضمان اندماج السوريين والعراقيين بالمخيمات، في مجتمعاتهم».

وحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن ما يزيد عن 70 ألفاً يعيشون في مخيم الهول الذي يتسع لـ10 آلاف شخص فقط، وأن 90 في المئة من هؤلاء الأشخاص من الأطفال والنساء.
وفي شمال غربي سوريا، دعت منظمة «الدفاع المدني السوري» جميع النازحين إلى تثبيت الخيام والابتعاد عن مجاري السيول وعدم إشعال المدافئ داخل الخيام أو قربها. ويقف المدنيون في الشمال السوري على شفا كارثة إنسانية تتجدد كل عام، مع بدء فصل الشتاء، إذ لا يسلم النازحون من صقيع أو مطر، فالبرد يفتك بالعشرات منهم ويوقع مئات المرضى، لاسيما الأطفال، مع ضعف المساعدات الإنسانية مما يهدد بوقوع كارثة إنسانية.
وتبقى مخيمات النازحين الأشد تأثراً نظراً لانعدام لأدنى مقومات الحياة، من نقص وسائل التدفئة وغياب قنوات الصرف الصحي، وضعف الرعاية الطبية والتعليمية وخدمات أخرى كثـيرة.
تزامناً، حذرت «الإدارة الذاتية» المسيطرة على غالبية مناطق شمال وشرق سوريا، من ثلاثة تحديات تواجه النازحين في مختلف المخيمات بالمنطقة خلال الفترة الحالية.
وقال رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين في «الإدارة الذاتية» شيخموس أحمد، إن النازحين في مخيمات شمال وشرق سوريا يعانون من صعوبة مضاعفة، بسبب «دخول فصل الشتاء، وارتفاع حالات الإصابة بالجائحة، وقلة المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية المانحة».
وناشد أحمد، منظمات الأمم المتحدة والجهات المانحة، لتأمين مستلزمات الشتاء، خاصة أن «أوضاع المخيمات باتت مأساوية، وضاعف من مصاعبها إغلاق معبر (اليعربية)» الحدودي مع العراق، أمام إيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى المنطقة، بـ«فيتو» روسي.
وأكدت مديرة مخيم رأس العين عزيزة الخنافر، أن المنظمات الدولية لم توزع أي مساعدات شتوية حتى الآن، لافتة إلى أن عدد من المنظمات الإنسانية والجهات الدولية وعدت بتقديم وسائل تدفئة ودفع قسائم محروقات وتوزيع ملابس شتوية.

4 ملايين مهددون

ويبلغ عدد السكان في الشمال السوري 4 ملايين شخص، أكثر من نصفهم نازحون داخلياً، ويبلغ عدد المخيمات 1,293 مخيماً، يقطنها 1,043,689 شخصاً، وتتضمن هذه المخيمات، 382 مخيماً عشوائياً يقطن فيها 185,557 شخصاً حسب آخر دراسة أجراها فريق منسقو استجابة سوريا.
وتعتبر المخيمات العشوائية الأسوأ فهي مبنية على أراضٍ زراعية ودون أي طرقات أو فرش لأرضيات المخيمات، وتتحول هذه المخيمات لبرك من الوحل والطين تتحول لمستنقعات مع الوقت ليستحيل التحرك بين الخيام أو الدخول لتلك المخيمات، وارتفع عدد تلك المخيمات بعد الحملة العسكرية للنظام وحليفه الروسي على الشمال السوري العام الماضي.

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.