اتساع ظاهرة رمي الرضع في الشمال السوري نتيجة الحرب وإفرازاتها

تؤرق ظاهرة رمي الأطفال الرضع (اللقطاء) المجتمعات المحلية في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، وسط مطالبات بإنشاء مراكز لرعاية ضحايا هذه الظاهرة التي زادت بفعل الحرب وتداعياتها. وفي آخر حادثة، عُثر الاثنين على رضيعة حديثة الولادة، ملقاة في أحد شوارع مدينة أخترين شمالي حلب، لتنضم الرضيعة إلى عشرات الحالات التي تسجل تباعاً في الشمال السوري.
وحسب متابعة «القدس العربي» فقد سجل العام الحالي 2021، تزايداً كبيراً في هذه الظاهرة في إدلب وأرياف حلب، بمعدل حالتين أسبوعياً. وترجع مديرة الوحدة المجتمعية في «مركز الحوار السوري» كندة حواصلي، تزايد إلقاء الرضع في الشوارع إلى أكثر من سبب، قاسمها المشترك الحرب.
وتحمل الباحثة في حديثها لـ«القدس العربي» الفساد الأخلاقي في مرحلة الصراع وما بعدها المسؤولية الرئيسية عن تنامي هذه الظاهرة، وتقول: «من الطبيعي أن تشهد المجتمعات غير المستقرة ارتفاعاً في معدلات الفساد الأخلاقي» حسب تعبيرها. وتضيف حواصلي، أن عمليات النزوح غيّرت من طبيعة المجتمع السوري، بحيث خفت سطوة المجتمع، وخصوصاً في البيئات المفتوحة، التي تساعد على ارتكاب التجاوزات الأخلاقية حسب قولها، وتحديداً في المخيمات، نظراُ لأن الخيمة لا توفر الخصوصية، وبالتالي ارتفاع معدلات التحرش بالنساء والأطفال.
كذلك، تشير حواصلي إلى تسبب غياب القانون في زيادة ظاهرة رمي الرضع، موضحة أن « في بعض الحالات، من الصعب على الفتاة أن تعثر على جهة قانونية تحميها بعد تعرضها للاغتصاب، والأمر الآخر أن المجتمع لن يرحمها، وسيعاملها على أنها الجانية، بسبب عدم القدرة على محاسبة الجاني».
وإلى جانب ذلك، تشير الباحثة إلى ارتفاع معدلات الفقر، مبينة أنه «ليس بالضرورة أن يكون الرضيع نتيجة علاقة غير شرعية، وشاهدنا فعلاً أن بعض العائلات تخلت عن مواليدها الجدد، نتيجة الفقر الشديد».
ويؤكد عضو «هيئة القانونيين السوريين» المحامي عبد الناصر حوشان، أن الظاهرة منتشرة في كل مناطق سوريا (المعارضة، النظام، قوات سوريا الديمقراطية) دون استثناء.
ويقول لـ«القدس العربي»: «هذه الظاهرة منتشرة ليس فقط في المناطق المحررة بل في كل أنحاء سوريا، وتعود أسبابها إلى الفقر والبطالة والمخدرات، وانتشار ظاهرة تسيّب الأطفال حتى 18 سنة، وغالباً ما تكون هذه الفئة الأكثر عرضة للاستغلال الجنسي فيتورط العديد منهم بعلاقات غير مشروعة تنتج هذه الثمرات غير الشرعية فيكون مصيرها إما الإجهاض أو القتل أو رميها أمام أبواب المساجد أو إلى جوانب الطرقات خشية الفضيحة».
ويضيف أن ظاهرة رمي الأطفال موجودة قبل الحرب، مستدركاً: «لكنها تعاظمت مع الحرب وغياب الرقابة الأسرية بسبب غياب الأهل أو تشرد العائلات وتفرقها أو بسبب اعتقال أولياء الامور أو فقدانهم» مختتماً بقوله: «الأسباب كثيرة في ظل الحرب».
ويطالب المحامي الجمعيات والمنظمات بإنشاء مراكز مخصصة لرعاية الأطفال الضحايا، مؤكداً أن «الحاجة باتت ملحة لإنشاء مثل هذه المراكز». ووفق أرقام أوردتها «منظمة بيت الطفل العامة» التي تقدم الحماية للأطفال الذين ليس لديهم أي رعاية، فإن عدد حالات رمي الرضع التي تم تسجيلها منذ عام ونصف، بلغت 164 حالة، حيث يتم استيعاب عدد منهم في مركز تقيمه المنظمة، والباقي تتم رعايتهم من قبل عائلات بديلة.
قانونياً، يُعرف القانون السوري الأطفال بأنهم «مجهولو النسب» وحسب نصوص المواد الدستورية: «كل وليد يُعثر عليه ولم يثبت نسبه أو لم يُعرف والده، بالإضافة إلى الأطفال الذين لا يوجد معيل لهم ولم يثبت نسبهم، ولا يملكون القدرة على السؤال عن ذويهم لصغر سنهم، والمولود من علاقة غير شرعية وإن كانت والدته معروفة، يدخلون ضمن هذا التعريف».

القدس العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.