سوريون يريدون القتال في أوكرانيا:هزيمة بوتين نصر للثورة

ا توفر مؤسسات المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي أي فرصة للتعبير عن تضامنها وتأييدها لأوكرانيا في دفاعها ضد الغزو الروسي، بينما تتفاعل الأوساط الشعبية المعارضة بحماسة مع تطورات الحرب هناك وكلها أمل بأن تميل الكفة لصالح الأوكرانيين، كما بدأت وبشكل جدي تتعالى الأصوات المطالبة بتوفير ممرات عبور للمشاركة في الحرب ضد الجيش الروسي.

وجاء إعلان رجل الأعمال الأوكراني من أصل سوري طارق الجاسم، تأسيس كتيبة عسكرية مسلحة من ماله الخاص، لمحاربة الروس في أوكرانيا، لتزيد من حماسة الأوساط الشعبية المعارضة شمال غربي سوريا، وحظيت تطورات المعارك بمتابعة أوسع بعد أن شعرت الأوساط المعارضة بأن المعركة في أوكرانيا هي معركتها أيضاَ.
تداول السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي في 26 من شباط/فبراير تسجيلاً مصوراً يظهر فيه الجاسم، وهو ينحدر من منطقة منبج في ريف حلب، ومن خلفه مجموعة من أفراد الكتيبة التي شكلها. ووجّه الجاسم في التسجيل رسالة إلى الشعب الأوكراني قال فيها: “أعزائي الأوكرانيين وأبناء مدينتي أوديسا أنا موجود ولم أغادر، وسنقوم بالدفاع عن أرضنا”.
وتابع الجاسم: “الروس دخلوا أمن منزلنا وأرضنا وسوف ندافع عن أرضنا، لقد ولدتني سوريا، وربتني أوكرانيا، روسيا دمرت بلدي الأم، ولكن لن أسمح لها بتدمير أوكرانيا، وهؤلاء الرجال مستعدون أيضاً”. 
ويبدو أن إعلان الجاسم أثار حماسة المعارضين السوريين. فقد طلب سهيل أبو التاو، وهو أحد أشهر رماة صواريخ التاو الأميركية المضادة للدروع في صفوف الفصائل المعارضة، المساعدة للوصول إلى أوكرانيا والمشاركة في المعركة ضد الجيش الروسي.
وقال أبو التاو في تغريدة: “كيف يمكنني الذهاب إلى أوكرانيا والقتال إلى جانب الجيش الأوكراني؟ هل هناك طريقة، أنا مستعد ولدي رغبة وإرادة قوية، أنا في إدلب الآن، ومستعد للذهاب لدعم الجيش الأوكراني، أريد مساعدة للوصول إلى هناك”.
وقال مصدر عسكري معارض في ريف حلب ل”المدن”، إن “هناك أكثر من 4 ملايين سوري في منطقتي إدلب وحلب يتابعون باهتمام بالغ تطورات الحرب في أوكرانيا، وكأن المعركة معركتهم، يفرحون لرؤية خسائر الجيش الروسي، ولرؤية الطائرات الروسية في سماء أوكرانيا وهي تتساقط، ولمشاهد الدبابات وناقلات الجنود وهي تحترق على الطرق الرئيسية وحول المدن”. وأضاف “مثل تلك المعدات الحربية الروسية دمرت منازلهم وقتلت أحبائهم على مدى سنوات، وقد جاء الوقت لكي يدفع الروس ثمن ما اقترفته أيديهم من جرائم ضد البشرية”.
وتابع المصدر أن “طيفاً واسعاً من المعارضة السورية كان يرفض إرسال مقاتلين للاشتراك في الحروب خارج سوريا، كما حصل في أذربيجان وليبيا سابقاً، لكن ومع الحرب الروسية على أوكرانيا قد تغير المزاج العام في مناطق المعارضة، وبات طيف شعبي واسع يرى أن القتال إلى جانب الأوكرانيين سيكون قتالاً مشرفاً ومن المفترض أن يرجع بالفائدة على الثورة السورية”. وقال: “في حال كان هناك إجماع وإرادة دولية لمساعدة الأوكرانيين فسيبادر الكثيرون من مقاتلي الفصائل المعارضة للمشاركة في تلك الجهود”.
ولا يختلف الموقف “الشرعي” بين الإسلاميين المقربين من الفصائل والسلفيين التابعين لهيئة تحرير الشام بخصوص فرضية الاشتراك في القتال إلى جانب الأوكرانيين ضد الجيش الروسي. ولعل الموقف “الشرعي” المتطابق نسبياً شجع الكثيرين من مقاتلي الفصائل المعارضة والإسلامية على التصريح بالرغبة القتال. وقال الشيخ أيمن هاروش، المقرب من الفصائل، إنه “من الغريب القول بأن حرب روسيا على أوكرانيا لا ناقة لنا فيها ولا جمل، بل كل النوق والجمال فيها لنا، فكسر روسيا وتحطيمها وهزيمتها ثأر لكل يتيم وأرملة ومدينة مهدمة ونازح ومهجر في سوريا وغيرها ممن اكتووا بنار الروس”.
وتابع هاروش على تلغرام: “نصر أوكرانيا سيمتد إلى عمق سوريا الجريحة، لذلك أدعو الله من أعماق قلبي بأن يؤيد الاوكرانيين ويسدد رميهم ويصوب رأيهم ويثبت على قلوبهم وأن يجعل أوكرانيا مقبرة روسيا ومهلكة بوتين وجنوده”. 
أما السلفي العراقي في تحرير الشام أبو ماريا القحطاني فقال على تلغرام: “‏المسلم في أوكرانيا إن أخلص النية لله بمواجهة الروس وكسر شوكتهم فهو مأجور وإن قتل فهو شهيد، لأن من مصلحة المسلمين أن تنكسر شوكة الروس الذين أجرموا في الشام”.
التأييد المتنامي من قبل السوريين لأوكرانيا رأى فيه المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور أمراً طبيعياً قائلاً: “كان متوقعاً هذا التفاعل والحماسة لدى شريحة واسعة من مقاتلي الفصائل، والذين أبدوا رغبة حقيقية بالاشتراك بالمعارك ضد الجيش الروسي، لأنهم ببساطة يعتقدون أن هزيمة روسيا في أوكرانيا سيتبعها هزيمة مماثلة في سوريا”.
وأضاف بكور ل”المدن”، أن “مجريات المعارك والوسائل الدفاعية المتوفرة لدى الأوكرانيين تغري الكثير من المقاتلين المعارضين الذين تمنوا على مدى 10 سنوات أن يمتلكوا مثلها، كمضادات الطائرات وغيرها من الأسلحة التكتيكة التي تحصد اليوم الآلة العسكرية الروسية، وتكسر هيبتها”.
يدرك السوريون عموماً، معارضين وموالين، أن نتائج الحرب الروسية على أوكرانيا ستنعكس على سوريا في حال انتصار روسيا أو هزيمتها، فالمعارضون وبحسب موقفهم المعادي لروسيا ومن ممارساتها في سوريا يتمنون هزيمتها والتي قد تكون كنوع من النّشوة لهزيمة عدو مباشِر لهم، وذلك على عكس الموالين للنظام الذين يتمنون انتصارها، فبدونها سيكون سقوط النظام أمراً شبه حتمي، وبالتالي لن يكون مستغرباً أن تتعالى في أوساط الموالين لنظام الأسد أصوات تطالب بالاشتراك في الحرب إلى جانب الجيش الروسي.

المدن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.