للرد على حمد بن جاسم: من أفسد المعارضة وزعّم الوكلاء والجواسيس؟

د.كمال اللبواني

الدكتور كمال اللبواني
الدكتور كمال اللبواني

ما قاله الأمير حمد عن خيانة المعارضة السورية (الشخصيات التي تزعّمت المعارضة وما تزال منذ بداية الثورة) صحيح، وهو كما قال يعرفهم منذ البداية، فهم سَلطة عملاء وانتهازيون وفاسدون ومخترقون.

لكنه وعن سوء نية اعتبرهم هم من يمثل الشعب السوري، وكأن الشعب السوري قد اختارهم لزعامته، وليس المال القطري هو من اختارهم هم بالذات، ولذات الصفات التي ذكرها، لكي يصنع منهم تلك السلطة، كوسيلة لإفساد ثورة الحرية والكرامة وإفشالها أو تحويلها لثورة إسلامية تعيد إنتاج نظم الاستبداد، وهكذا يحقق غايته في تجنب الإصلاح والتغييرات الديمقراطية التي هو غير مستعد لإجرائها، لأنها تنتقص من سلطته المطلقة، وتعطي لشعبه أدوات المراقبة والمحاسبة.

هذه السَلطة قد انتقيت بعناية وقطّعت حسب خطة لتكون هي من يمثل الشعب وثورته العظيمة، سياسياً وعسكرياً وإعلامياً.. نعم هناك فاسدون وهناك نزيهون، هناك انتهازيون وهناك أبطال، لكن من الذي غربل هذا الخليط وفصل الجيد ورماه بعيداً، واحتفظ بالرديء فقط ورفع من مقامه، إنه النفوذ الخارجي المدعوم بالمال القطري، الذي اعتمد فقط الإخوان المسلمين ليكونوا هم القادة الفعليون والمتحكمون بكل مجريات الثورة، وهو يعلم علم اليقين اختراق قياداتهم من قبل النظام، بل حتى إيران، وهم وحدهم من كانوا يوجهون الانتخابات والاختيار الذي أنتج كل تلك القيادات بدءاً من المجلس الوطني مروراً بالائتلاف وصولاً لهيئات التفاوض، ولا ننسَ القيادات العسكرية التي ذهبت لجنيف وسوتشي، ولا تلك التي سلمت المناطق تباعاً، وصولاً للجيش الوطني المرتزق.

صحيح توجد سَلطة، لكن هناك من صنعها وقدمها كطبق وحيد على الطاولة. صحيح هناك ارتزاق وبزنس لكن هناك من موله وأطلقه ومن حول الثوار لمرتزقة بماله الذي أغدقه الله عليه، لكنه اختار أن يستعمله للفساد في الأرض. صحيح هناك اختراقات للنظام ولمخابرات الدول، لكن هناك من انتقى العملاء فقط ليصبحوا هم قادة وممثلو الثورة بدل أن يفضحهم ويستبعدهم وهو على علم مسبق بهم كما ادّعى.

منذ بداية الثورة، أمريكا كلفت فرنسا وتركيا وقطر بالإدارة عندما قرر أوباما سياسة القيادة عن بعد، وهم ذاتهم كانت تربطهم أعمق العلاقات مع بشار وعائلته، وهم من اختار أسماء المجلس الوطني وقياداته ثم الائتلاف ثم هيئات التفاوض والوفود، وطالما هم يعرفون الاختراقات والفساد، فلماذا لم يعتمدوا غير الفاسدين والمخترقين، كانوا يخدعون الفرنسي بوضع واجهات ليبرالية كغليون وجورج، لكن المال والسلاح يذهب فقط للإخوان الممثل بفريق طيفور والشقفة ورمضان والحكيم ورحمة والعبدة وطعمة… وهم من رفع بدر جاموس وهادي البحرة ونصر الحريري، وهم من اعتمد مسار سوتشي وجنيف والتفاوض والدستورية والتصالحية، وهم من تم دعوتهم مؤخراً للدوحة ليعززوا شرعيتهم لقبول الأسد والتصالح معه متنكرين للمعتقلين والمفقودين والمهجرين والمنكوبين، فلماذا لا تطلب منهم الدوحة التنحي، أو على الأقل تطلب منهم عدم الذهاب لجنيف، أو حتى تقطع التمويل الذي لا يستمرون من دونه؟

الكلام والتوصيف سهل لكن تسمية الفاعلين والمستببين سيدفع بالتهمة بعيداً عن الشعب الثائر المسكين لتلتصق بمرتكبها الحقيقي الذي يتكلم ليبرّئ نفسه من دماء مليون سوري قتيل ونصف مليون مفقود ومليون مشوه حرب، و١٥ مليون مهجر. ما هكذا تورد الإبل.

كان الأحرى بالأمير حمد لو تكلم بالأسماء، بل كان الأحرى به يومها لو منعهم من تسلق القيادات، التي لا يحلمون بالوصول اليها من دون الدعم المالي القطري.

أخيراً، نعم ما وصف به الثورة صحيح تماماً، لكن هو بالذات من صنعه ودولته قطر وبقية الدول مع تركيا.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.