ما أسباب تضييق تركيا على اللاجئين السوريين؟

على نقيض نتائج دراسة بحثية صدرت منذ أيام، وجاء فيها “أن السوريين سعداء في تركيا ولا يشعرون بالاستبعاد أو التمييز” يشتكي لاجئون سوريون في تركيا من التعقيدات التي فرضتها السلطات التركية عليهم خلال السنوات القليلة الماضية.

ومع ازدياد الضغوط على اللاجئين السوريين سواء من حيث تعرض العديد منهم لأحداث عنصرية “كحادثة ألتنداغ في أنقرة مؤخرا” من جهة وتغيير تركيا لسياستها المتبعة اتجاه اللاجئين السوريين كازدياد حالات الترحيل والتركيز على “العودة الطوعية” لا يشعر قسم كبير من السوريين بالاستقرار في البلاد.

واستكمالا لموجة الضغوطات التي واجهت السوريين في تركيا، فوجئ العديد منهم بتوقف قيد “الكيملك” لديهم خلال الأيام الماضية، فيما يأتي ذلك ضمن سلسلة من الإجراءات التي بات على السوريين إجراؤها في أسرع وقت بمحاولة منهم للاستقرار وتقليل احتمالات الترحيل.

ويبقى مصير السوريين في تركيا مجهولا ومتأثرا فيما ستنتج عنه الانتخابات التركية في عام 2023 بالتزامن مع الوعود المتكررة من مسؤولين في أحزاب معارضة بإعادة السوريين إلى بلادهم حال فوزهم في الانتخابات.

ملف اللاجئين السوريين والانتخابات التركية

مع اقتراب موعد الانتخابات التركية، يتزايد التضييق على اللاجئين السوريين في الوقت الذي يتم استغلال هذا الملف من قبل الحكومة والمعارضة التركية.

تعليقا على الموضوع، يقول الصحفي السوري فراس علاوي، لـ “الحل نت”: إن، “ازدياد الضغوط على السوريين بتركيا يعود لسببين أساسيين، الأول تراجع معدلات الاقتصاد في تركيا وفي العالم بشكل عام، وبالتالي كل دول الجوار التي يتواجد فيها لاجئون سوريون ستضغط على الدول المانحة بهدف الحصول على مكاسب مادية وتعويضات لقاء ذلك”.

ويضيف، الحكومة التركية حاليا وتحت ضغط المعارضة من جهة واقتراب موعد الانتخابات من جهة أخرى، سيكون ملف اللاجئين أحد ملفاتها الأساسية التي تعمل عليها سواء الحكومة أم المعارضة، أي سيكون ملف اللاجئين متداول بقوة خلال الفترة القادمة.

ويتابع الصحفي السوري، أن مشكلة اللاجئين في تركيا أنهم لا يخضعون لقوانين لجوء إنما لقوانين محلية ومن ضمنها قانون الحماية المؤقتة، إضافة لذلك، فإن الحكومة شعرت بخطر ملف اللاجئين لذلك تتعامل معه بهدف كسب رضا الشارع سواء سلبا أو إيجابا مع اقتراب الانتخابات القادمة.

وحسب علاوي، فإنه لا يمكن الضغط على ما يقارب أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا ولكن ما يجري هو إعادة تقييم للاجئين السوريين بتركيا وفي نفس الوقت إرسال رسائل للداعمين بأن الشمال السوري ممكن أن يكون محطة لتركيا من أجل إعادة تنظيمه من جديد بما يحقق العودة للاجئين، وهذا ما ينسجم مع تصريح رئيس “الائتلاف السوري”، سالم المسلط، منذ أيام، حول عودة آمنة للاجئين السوريين في تركيا وربما كان يقصد الشمال السوري.

ويختتم الصحفي السوري، أنه مع اقتراب موعد الانتخابات التركية قد يتم إعادة عدد من اللاجئين السوريين خاصة أولئك غير المنتجين أو الذين يشكلون عالة على الاقتصاد التركي في الوقت الذي تواصل الحكومة التركية الضغط بهذه الورقة بهدف نزعها من المعارضة.

تصريحات وضغوط متزايدة على السوريين في تركيا

مع وجود ما يزيد عن 3،7 مليون لاجئ سوري يحملون وثيقة “الحماية المؤقتة” ويتوزعون في عدة ولايات تركية خصوصا تلك الواقعة جنوب البلاد إضافة لإسطنبول وبورصة وغيرها، يواجه السوريون المزيد من الضغوط بسبب وجودهم في تركيا.

وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، في بداية آذار/مارس الحالي، إن “بلاده تعمل مع الأردن في ملف عودة السوريين الطوعية إلى بلادهم”.

وفي شباط/فبراير الماضي، قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، إن “طبيعة الهجرة بالنسبة للسوريين إلى تركيا قد تغيرت، حوالي 20 إلى 25 بالمئة من الذين منعناهم من دخول تركيا هذا العام هم من محيط دمشق”.

وكان قد أدلى نائب وزير الداخلية التركية، إسماعيل تشاتكلي، بتصريحات جاء فيها، إن “تركيا لن تعطي بطاقة الحماية المؤقتة للسوريين الوافدين حديثا بل سيتم تحويلهم لمخيمات والتحقيق معهم ويتم تقييم ما إن كانوا بحاجة للحماية المؤقتة أم لا”.

وبالأمس، قال رئيس إدارة الهجرة التركية، صواش أونلو خلال كلمة له في منتدى الدوحة العشرين: إن “حوالي 500 ألف لاجئ سوري عادوا طواعية بكامل إرادتهم إلى المناطق الآمنة شمال سوريا”.

وتزامنت التصريحات مع الإجراءات والضغوط الفعلية التي واجهت السوريين خلال الأسابيع الماضية، ولعل أبرزها مطالبة مديرية الهجرة السوريين بتثبيت عناوينهم في الوقت الذي تم منع الأجانب بما فيهم السوريين من تثبيت عناوين في 800 حي تتوزع في 52 ولاية.

وحسب ما رصده مراسل الحل نت في تركيا، شكلت هذه الإجراءات والضغوطات قلقا متزايدا على اللاجئين السوريين في البلاد فيما يتخوف البعض مما هو قادم من ضغوط متزايدة قد تجعلهم يفكرون مجبرين بالعودة إلى سوريا.

المعارضة التركية واللاجئين السوريين

تواصل الأحزاب التركية المعارضة، استخدام ملف اللاجئين السوريين كورقة انتخابية تحسب لصالحها في الانتخابات القادمة من خلال بث خطابات الكراهية وإطلاق التصريحات الدورية حول السوريين والدعوات المستمرة لإعادتهم إلى البلاد.

ومنذ أيام، قال رئيس بلدية هاتاي، لطفي سافاش: إنه “من كل أربعة مواليد جدد في ولاية هاتاي هناك ثلاثة سوريون وفي حال لم يتم اتخاذ إجراء بهذا الخصوص سيتم تسليم البلدية للسوريين بعد مرور سنوات”.

ويواصل مسؤولون في أحزاب المعارضة التركية ببث تصريحات عنصرية بحق اللاجئين السوريين، فيما بات هناك عدة شخصيات عرفت بعدائها لتواجد السوريين في تركيا مثل كمال كليتشدار أوغلو وإيلاي أكسوي وميرال أكشينار وأوميت أوزداغ ولطفي سافاش وتانجو أوزجان.

وفي تصريح جديد من زعيم حزب النصر المعارض، أوميت أوزداغ، قال خلال مقابلة تلفزيونية، منذ أيام: إنه “في حال تسلم الحكم سيعيد السوريين إلى بلادهم ولو بشكل قسري إن لزم الأمر”.

ومؤخرا، رصد مراسل الحل نت في تركيا، عدة مقاطع مصورة تم بثها على يوتيوب تظهر فيها استطلاعات رأي للأتراك وآرائهم حول تواجد السوريين في تركيا، حيث كانت غالبية الأصوات تدعو إلى إعادة السوريين إلى بلادهم.

وخلال متابعات مراسل الحل نت في تركيا على مدار الأشهر الماضية، يكاد الحديث عن السوريين في منصات التواصل الاجتماعي لا ينقطع، بينما مع كل حادثة جديدة، يتصدر ملف السوريين المواضيع الرائجة على هذه المنصات.

ويصل عدد اللاجئين السوريين في تركيا حسب الأرقام الرسمية، إلى ثلاثة ملايين و746 ألفا و674 لاجئا سوريا يحملون بطاقة “الحماية المؤقتة” فيما تشير التقديرات إلى وجود ما يقارب أربعة ملايين لاجئ سوري في البلاد.

الحل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.