“انقلاب” داخل “الإئتلاف” السوري المعارض.. ما حقيقة الوضع؟

بعد صراع طويل بين الكتل المكونة له، أنهى “الائتلاف” السوري المعارض، المدعوم من أنقرة، عضوية أربعة مكونات من هيكليته، كجزء من نظام داخلي جديد معتمد، وذلك بعد أيام من استبعاد مجموعة من أعضائه أيضا.

عملية تغيير غير مسبوقة

خلال الجلسة الطارئة التي عقدها “الائتلاف” يوم أمس الخميس، قامت الهيئة العامة بعزل المزيد من أعضائه، وقال الائتلاف في بيان له، إن “الهيئة العامة وافقت على عدد من القرارات الهامة”.

تغييرات بدأت بفصل عدد من أعضاء الائتلاف بحجة عدم التزامهم وتكرار تغيبهم، لاقت استهجانا من قبل بعض كتل الائتلاف، حيث قالت جماعة “الإخوان المسلمين”، وهي إحدى الكتل المكونة له، في بيان لها عبر “فيسبوك”، قامت بحذفه لاحقا، “فوجئ الرأي العام الوطني في سوريا، كما فوجئت جماعتنا، بقرار صدر عن قيادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، بفصل بضعة عشر عضوا، بطريقة تمت خارج الأطر التنظيمية المتوافق عليها ضمن هذه المؤسسة الوطنية، المحكومة بنظام داخلي توافقي يعتبر المرجع القانوني لكل المكونات أطرافا وأفرادا”.

ويرى الصحفي عقيل حسين، خلال حديثه لموقع “الحل نت”، بأن ما حصل يمثل عملية تغيير غير مسبوقة داخل الائتلاف ويمكن وصفها بالجريئة جدا، لأنها شملت مراكز قوى تقليدية لم يكن أحد يتوقع أن تطالها، وخاصة حركة العمل الوطني، وجماعة الاخوان المسلمين، وأعضاء محسوبين على ما يعرف بـ “جي فور” ونذير الحكيم.

وأوضح حسين، أن ما جرى تغيير وليس إصلاح، لأن الشروط والمعايير التي يقول الائتلاف إنه طبقها على من شملتهم العملية لم تطبق على أشخاص وكتل أخرى، أي أن الغالب على هذه الخطوة هو استثمار تغييرات في طبيعة القوى داخل المؤسسة لصالح طرفين أساسيين هما رئيس الائتلاف سالم المسلط، ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى الذين تمكنا من وضع حد لتحكم “جي فور” و”الإخوان المسلمين” المزمن بالمؤسسة، كما لا يمكن وصف ما حصل بالانقلاب لأن هذه الخطوات تستجيب بالفعل للمطالب الشعبية بضرورة التغيير، لكن في الوقت نفسه لا تمثل اصلاحا طالما أنها لا زالت تدور في فلك التكتلات.

هل ما جرى لم يكن مدعوما من أطراف خارجية؟

انتهى جزء من الخلافات الكبيرة داخل الإئتلاف بنتائج أبرزها تراجع  مجموعة “جي فور” لمصلحة رئيس “الحكومة المؤقتة” المعارضة، عبد الرحمن مصطفى، والذي أصبح من أقوى شخصيات الائتلاف حاليا. تضم “جي فور” كل من، بدر جاموس، وهادي البحرة، وأنس العبدة، وعبد الأحد اصطيفو، وكان بدر جاموس دخل في صراع كبير مع عبد الرحمن مصطفى، انتهت بنجاح مصطفى بإغلاق مكتب أنقرة التابع لجاموس، ما دفعهم للدخول في تحالف تبادل للمصالح.

وحسب مصادر صحفية، فقد عقدت ما تشبه الصفقة، فمقابل دعم “جي فور” لتمرير الإصلاحات كما يريدها مصطفى، حيث سيبقى سالم المسلط المقرب من “جي فور” في رئاسة الائتلاف لسنتين وليس لسنة واحدة فقط، بينما عمل المتحالفان على تصفية خصومهم من المعطلين ومن حلفاء الإخوان المسلمين، ما يدعو للتساؤل حول تدخلات خارجية في التغييرات الأخيرة في الائتلاف.

ويرى الكاتب السياسي، بسام قوتلي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، بأن التغيير الذي حصل بالائتلاف جرى بسبب متطلبات إقليمية جديدة مرتبطة بالتقاربات التي تحصل في المنطقة، لتخفيض دور “الإسلام السياسي وربما إنهائه تدريجيا”، ويأتي ذلك اليوم رغم تجاهل مطالب السوريين السابقة بالتغيير لتحسين أداء الائتلاف المتدني بكل كتله.

إلى أين يسير الإئتلاف؟

في سياق التغييرات في “الائتلاف”، لا يرى بسام قوتلي، أن التغيير الحالي سيؤدي لتغيير في الأداء إلا إذا ترافق مع تغيير هيكلي متكامل لإعادة تأسيس المعارضة السورية بطريقة تضمن تمثيلا أفضل وحرفية أكبر في العمل، “المطلوب اليوم هو ابتعاد تدريجي لكل من فشل في إدارة المعارضة السورية، وتغيير آليات العمل التي تخلق علاقات تنافسية غير مساعدة للمهمة التي يفترض بالائتلاف القيام بها”.

أما عقيل حسين، فيرى أن ما حصل لا يمكن أن يؤثر سلبيا على مستقبل الائتلاف الذي سيستمر رغم احتجاجات المبعدين عنه، “أما من الناحية الإيجابية فإن تأثير الإجراءات الأخيرة مرهون بانعكاسات تطبيقاتها العملية على خدمة السوريين في الداخل وفي تركيا وعموم المهجر، وعلى مدى قدرة المؤسسة على استعادة الفاعلية السياسية دوليا وهذا هو التحدي”.

وكانت التصفيات السياسية بتيار المستقبل الذي يرأسه نذير الحكيم، بدأت في منتصف شباط/فبراير الماضي، حيث سحبت منه المكاتب التمثيلية وكتلها المالية وأصبحت تابعة بشكل مباشر لرئيس الائتلاف، ولم يعد الحكيم سفيرا للائتلاف أو سفيرا للسوريين كما يحب أن يسمي نفسه.

ويضاف إلى ذلك، أن الاستهداف الآخر للحكيم، فكان بقرار رئيس الائتلاف إقالة 14 عضو، يتحالف عدد كبير منهم مع الحكيم، أو مع حلفائه من الإخوان المسلمين، وجاء قرار إقالة 14 عضو من الائتلاف في مطلع الشهر الحالي، وهم: حاتم الظاهر، ممثل كتلة رياض حجاب، عبد الله الفرج، كتلة الحراك الثوري عن الرقة، جمال الورد، كتلة الحراك الثوري عن اللاذقية، أمل شيخو، كتلة المستقلين ومقربة من نذير الحكيم، كفاح مراد، كتلة المستقلين ومقربة من نذير الحكيم، جلال خانجي، كتلة المستقلين ومن الإسلاميين، عبد المجيد الشريف، كتلة المستقلين، علا عباس، كتلة المستقلين، محمد صفوان جندلي، كتلة المستقلين ومن الإسلاميين، حسين العبد الله، كتلة المستقلين، حسان الهاشمي، ممثل الإخوان المسلمين، زياد العلي، ممثل المجلس التركماني السوري، وليد إبراهيم، ممثل المجلس التركماني السوري، محمد أيمن الجمال، ممثل رابطة العلماء السوريين ومع الإخوان المسلمين.

كما صدر في نفس اليوم قرار من سالم المسلط،  باستبدال ممثلي 4 مجالس محلية، وبذلك خرج من الائتلاف، كلا من، عدنان ناصر الرحمون، المجلس المحلي لإدلب، أحمد الشحادي، المجلس المحلي لحلب، رياض الحسن، المجلس المحلي لدير الزور، مصطفى نواف العلي، المجلس المحلي للرقة، فيما سيكون أعضاء المجالس الأربعة الجدد تابعين لعبد الرحمن مصطفى، كما يتبع له المجلس التركماني السوري وجزء من ممثلي الفصائل والعشائر وآخرون من المستقلين.

دمشق تخترق المعارضة؟

يذكر أن الأنباء التي انتشرت يوم أمس الخميس، عن فصل أعضاء الائتلاف، جاءت بعد التسريبات التي ادعى من خلالها وزير الداخلية في “الحكومة السورية المؤقتة” المعارضة، محيي الدين هرموش، وجود أعضاء بالائتلاف ينسقون مع حكومة دمشق، وأنه زود بها من مصادر خاصة من داخل المؤسسات الأمنية بدمشق، الأمر الذي دفع بعدد من أعضاء الائتلاف إلى طلب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة.

 وفي سياق ذي صلة، كان رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم، هاجم المعارضة السورية، في آذار/مارس الماضي، وكشف عن كواليس من التدخل القطري في المعارضة، واصفا المعارضة السورية، بأنها كانت مخترقة من قبل الحكومة في دمشق، ومتهما إياها بأنها كانت تبني وتهدم نفسها بذات الوقت، على حد تعبيره، مشيرا إلى معرفة قطر لهذا الاختراق، ولكن ليس بهذا الحجم، وفق موقع “الحل نت”.

كما وصف بن جاسم، وضع المعارضة السورية بأنه “سَلطلة”، عندما تحدث عن اتفاق المعارضة في وقت من الأوقات، على تغيير رئاستها مرة كل ثلاث شهور، قائلا، “تصور أن اتفقوا على تغيير الرئاسة كل ثلاثة شهور، يعني أن كل رئيس ما إن يتعرف عليه العالم حتى يغيروه مرة أخرى”، ومضيفا بأن المعارضة السورية مارست “البزنس” حسب تعبيره، مؤكدا أنها لا تخلو من الشرفاء.

الحل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.